بلدة تستور الأندلسية في تونس و أسرار ساعة جامعها العجيبة

أخبار إسبانيا بالعربي – في تستور, البلدة الصغيرة شمال تونس, تتباهى جذورها الأندلسية القديمة باعتزاز. نظرة واحدة إلى جامع تستور الأعظم تكفي لإدراك أنها ليست مجرد بلدة عادية كنظيراتها التي تُرقط الجبال الخضراء شمال تونس. من ميزاته الخاصة نجمات سداسية التي تزين منارته, أسفل إحدى نوافدها توجد ساعة, و هو شيء معتاد في أبراج كنيسة, لكنه فريد من نوعه بالنسبة لمنارات جامع. و هي بزخرفتها الزهرية و الهندسية تُذكِّرُ بنظيراتها في شبه الجزيرة الإيبيرية خلال حقبة الأندلس.
طالع أيضا: شخصيات أندلسية: ابن غَطّوس البَلَنْسيّ أشهر نُسَّاخُ المصاحف في بلاد الأندلس
تأسست البلدة على يد مورسكيين و يهود كانوا فارين في القرن السادس عشر من المخلفات الهمجية لمحكمة التفتيش. حسب ما ترويه الأسطورة, بلغ الحنين بهؤلاء المهاجرين أن قرروا أن تدور عقارب ساعة جامعهم في الاتجاه المعاكس, أي من اليمين إلى اليسار. و هي استعارة تشير إلى رغبتهم عكس سير الزمن و العودة إلى أرضهم العزيزة. أكثر من أربعة قرون بعد ذلك, يُعبِّرُ أهل تستور عن اعتزازهم الكبير بماضيهم الأندلسي الذي ما يزال يطبع عاداتهم, طبخهم و لهجتهم.
طالع أيضا: العرب لم يستعمروا إسبانيا بل عمَروها: الجزء الرابع “نقد المصادر”
قليل من الناس يعلمون عن الهوية الأندلسية لتستور مقدار ما يعلمه بحري بوغني أستاذ مادة الدين في مؤسسة تعليمية بالبلدة و رئيس نادي الحفاظ على التراث التاريخي. لقد حول بوغني منزله العائلي, المبني حول فناء أندلسي نموذجي, إلى ما يشبه المتحف. يقول بوغني: “أصلنا الأندلسي موجود في كل مكان, من شكل القرميد و طريقة وضعه في المنازل التقليدية إلى عادة رش المدعوين للزفاف بماء الزهر لمباركتهم, و هو تأثير مسيحي واضح”.
طالع أيضا: السفر في الحياة البرية: ما هي الحيوانات البرية التي تشتهر بها إسبانيا؟
يستقبل هذا المثقفُ الزائرَ بعرض توابل أندلسية نموذجية مصنوع أغلبها من الرمان, و هي من الفواكه التي استقدمها المورسكيون إلى تونس إلى جانب البندورة التي تُحَضَّرُ منها العُجَّة (المشتقة من Olla التي تعني القِدر بالإسبانية) و هي واحدة من أكثر الأكلات التونسية بروزا. أما تأثير اللغة الإسبانية في اللهجة المحلية فشائع, و ليس من العسير تخمين لماذا بعض الرغائف التي تقدمها دكاكين الحلويات تحمل اسم سنيورة Ujs dila Sinura, أو لماذا يطلق على نوع من الأقفال المعقفة التي تحمي أبواب البلدة عبارة “غانجو” المشتقة من الإسبانية Ganchu.
طالع أيضا: على غرار اللغة العربية.. 10 كلمات إسبانية “مسروقة” من الإنجليزية
ويبقى “المالوف” أكثر التعابير الثقافية الأندلسية التي تحظى بتقدير كبير بين سكان تستور, و المالوف هي الموسيقى التي حملها مورسكيو الأندلس معهم و التي ازذهرت في كل شمال إفريقيا. و قد شهدت تستور هذا الصيف تحديدا إقامة الدورة الخمسين للمهرجان الدولي للمالوف و الموسيقة التقليدية العربية. مدير المهرجان, شكيب فرياني, ختم باعتزاز قائلا: ” من دون شك, نحن عاصمة المالوف في تونس”.
المصدر : صحيفة الباييس / موقع إسبانيا بالعربي