شؤون إسبانية

من بينها مسجد قرطبة وأوصول إسلامية: الحكومة الإسبانية تحقق في ملكية الكنيسة لآلاف العقارات

أعلنت الحكومة الإسبانية أنها أكملت القائمة النهائية للأصول التي تمتلكها الكنيسة في إسبانيا، بعد سنوات من الجدل حول الطريقة التي استحوذت بها (تسجيلها لأول مرة) الكنسية على تلك العقارات، مثل مسجد بقرطبة أو برج لا خيرالدا في إشبيلية، بالإضافة إلى الكاتدرائيات والجوامع التي تم تحويلها وغيرها من الممتلكات التي ليست معابد، بل عبارة عن مباني ومنازل ومزارع. ويقدم التقرير الذي وصل هذا الثلاثاء إلى مجلس الوزراء، ليتم إرساله لاحقا إلى البرلمان، أرقام الأصول التي سجلتها الكنيسة لتصبح أملاكا لها، والتي تصل إلى ما مجموعه 34961 مزرعة بين عامي 1998 و2015، وهي التسوية التي تمّت بعد تعديل القانون من طرف حكومة حزب الشعب (يميني محافظ) التي كان يرأسها، خوسي ماريا أثنار، حتى تتمكن الكنسية من ضم الأراضي والأصول التي تعتقد أنها ملك لها. وحسب القانون، يكفي أن تقدم الكنسية شهادة ليتم اكتتاب الأصول لصالحها.

ومن بين العقارات، 20055 معبدا أو تبعيات تكميلية و14906 مزارع “ذات جهات أخرى (أرض، قطع أرض، منازل، مباني، إلخ)، وفق ما يُفصل التقرير.

وبشكل أكثر تحديدا، فإن الأصول التي تثير شكوك الحكومة حول شرعيتها، أي الغالبية العظمى والتي تشمل ما مجموعه 30335 عقارا، تم تسجيلها بشهادة كنسية فقط، كما هو مسجل في الملاحظات البسيطة في السجلات، وفي 4583 عقارا تم الكشف عن ثغرات وعمليات تحايل، إذ تم وضع “عنوان مختلف”.

وتحدثت نائبة رئيس الحكومة، كارمن كالفو، عن التقرير في المؤتمر الصحفي لمجلس الوزراء، مؤكدة أن تلك العقارات المسجلة والبالغ عددها 30335 عقارا “تم تسجيلها بموجب شهادة كنسية، وهو ما سمح به تعديل قانون 1996 في قانون الرهن العقاري هو ما جعل من الممكن، برعاية السلطة الكنسية، إجراء هذه التسجيلات تحت حماية القانون”. وأشارت الوزيرة إلى أن “الاختلاف مع إصلاح القانون الذي أجراه أثنار لا يمنع من أن التسجيل قد حدث في ظل القانون”. “الآن يمكن الطعن في هذه الشرعية، كما هو منطقي، وستكون الطريق هي المحاكم (…) التي ستفصل في مدى شرعية تسجيل الكنسية لهذه الأملاك”.

ويذهب التقرير الحكومي إلى أبعد من ذلك ويخلص إلى أنه “انطلاقا من المعلومات التي تم جمعها من الكلية الرسمية للممتلكات والمسجلين التجاريين في إسبانيا في هذا الصدد، لا يمكن أن تكون هناك مزارع مسجلة لصالح الكنيسة دون التأكد من العنوان المادي لهذه الأملاك”. وأضافت الوزيرة “من الآن فصاعدا، كل من يشك في أنه يمكنه المطالبة بأصول، سواء كانت الدولة في حالة أصول الملك العام أو شخصا خاصا، سيتعين عليهم تقديم الوثائق التي تثبت ذلك لتعود إليهم أملاكهم التي استولت عليها الكنيسة”.

ويؤكد التقرير أن اللوائح بين عامي 1998 و2015 قد أرست “الحاجة إلى سند مادي لتسجيل ممتلكات الكنيسة” وأن مجرد التصديق بتوقيع الأسقف لم يكن كافيا، ولكن يجب أن يحتوي على “إشارة إلى حق الملكية أو الطريقة التي تم بها اقتناء الأملاك التي تم تسجيلها”.

وسجلت الكنيسة الكاثوليكية عشرات الآلاف من العقارات باسمها في سجلات الملكية منذ عام 1946 بعدما سمح قانون الرهن العقاري بتسجيل أي قطعة أرضية أو مبنى دون تقديم وثائق تثبت ملكيتها، فقط بتوقيع الأسقف، مثل الكنائس، الكاتدرائيات التي كانت جوامع، ولكن أيضا الساحات ومنازل الرعية والمزارع والمقابر. وقبل ثلاث سنوات، اتضح أن الكنيسة سجلت بين عامي 1998 و2015 أكثر من 30 ألف مزرعة، وفقا للقائمة التي سلمتها كلية المسجلين للحكومة في فبراير 2018.

مسجد قرطبة

وكانت البلديات والمواطنين ينتظرون نشر التقرير للتحقق من الأصول المدرجة كأملاك للكنيسة وبدء الدعاوى القضائية، لمحاولة استرداد الممتلكات.

ويعتقد الخبراء أنه سيكون هناك العديد من الدعاوى القضائية في جميع أنحاء إسبانيا. في العديد من البلديات، من غير المعروف ما إذا كانت الأصول التي كانت دائما مشاعا عاما دون أن تكون باسم أي شخص أو كيان مسجلة باسم الكنسية. تسببت بعض عمليات التسجيل بالفعل في إحداث جدل مجتمعي ولعل أشهرها مسجد كاتدرائية قرطبة، لكن هناك العشرات من الحالات المشابهة.

اليونسكو

وقالت لجنة خبراء تضم منظمة اليونسكو سنة 2018 إن مسجد قرطبة التاريخي ليس ملكا للكنيسة الكاثوليكية، ولم يكن في أي وقت ملكا لها، وكانت بلدية قرطبة طلبت رأي اللجنة في مسعاها لحيازة ملكية المسجد التاريخي في المدينة الإسبانية، وهو من أبرز معالم الفن الإسلامي في إسبانيا ويعود لحقبة حكم المسلمين للأندلس.

وقال فديريكو مايور الباحث التاريخي والقانوني والمدير السابق لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بمعية لجنة من المؤرخين والقانونيين إن “مسجد قرطبة لم يكن ملكا للكنيسة ولا ينبغي له ذلك”، وكانت المنظمة الأممية صنفت المسجد في العام 1984 تراثا عالميا.

وشددت لجنة الخبراء في تقرير على أن مسجد قرطبة التاريخي كان دائما مرتبطا بالدولة الإسبانية بتعدد أشكالها عبر التاريخ، وكان مكانا عموميا لسكان مدينة قرطبة، وأضافت اللجنة أن “استخدام أسقفية قرطبة لمبنى المسجد لأغراض دينية لا يعني حيازتها لملكية المكان، إلا إذا كانت الدولة الإسبانية وهبته للكنيسة، وهو ما لم يحدث”.

محكمة العدل الأوروبية

وحكمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على هذه الآلية في عام 2014 وعبرت عن امتعاضها من “اعتبار شهادة صادرة عن أمين عام الأسقف يمكن أن يكون لها نفس قيمة الشهادات الصادرة عن الموظفين الحكوميين في سجل الأملاك”. كما شككت في أن الامتياز يشير فقط إلى أساقفة الكنيسة الكاثوليكية ويستبعد ممثلي الديانات الأخرى كالمسلمين على سبيل المثال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *