شؤون إسبانية

إسبانيا بالعربي يحاور أول عمدة بلدية في إسبانيا من أصول جزائرية

إسبانيا بالعربي تقترب من أول عمدة من أصل جزائري يترأس بلدية “كاستيو دي فارفانيا” بمقاطعة ليريدا بإقليم كتالونيا، بعد فوزه في انتخابات 26 ماي/ أيار من السنة الفارطة.

وأثار فوزه آنذاك ضجة إعلامية كبيرة داخل إسبانيا وخارجها. وحقق العمدة فوزا عريضا فاق 64% من الأصوات ضد منافس عنيد.

هو ابن مدينة زرالدة بالجزائر التي ولد بها سنة 1991، من أم كتالانية وأب جزائري، انتقلت عائلته إلى “بلاغيير” بمقاطعة كاتالونيا عاما واحدا بعد ولادته.

IMG 20200814 WA0007

فمن هو هذا الشاب؟

إنه عمر نومري كوكا، متحصل على شهادة ليسانس في التاريخ. اختار التحرر موضوعا لمشروع تخرجه  الجامعي، فكانت الثورة الجزائرية أحسن مثال لذلك “الثورة الجزائرية من (1954- 1962)، ثم ماجستير في التدريس.

عمل مدرسا لفترة، ثم تقني في الثقافة والتراث وقبلها كمرشد سياحي ببلدية كاستيو دي فارفانيا .

اشتغل عمر لمدة ثلاث سنوات كقاض للسلام بنفس المدينة عندما تم اختياره من قبل البلدية لتسوية النزاعات بين جيران البلدة.

و”خلال عملي كقاضي صلح، اكتسبت خبرة كبيرة سواء في مجال الخدمة المدنية أو في فض المنازعات بين الجيران”.

و”بعد عملي كقاضي صلح، خضت تجربة تقني خاص بالتراث الثقافي من خلالها اكتسبت تجربة كبيرة، تعلمت من خلالها كيف أكون حلقة وصل بين المؤسسات، وبدأت حينها فهم آلية عمل مؤسسات البلدية”.

عمر عمدة بلدية إسبانية نم أصل جزائري
عمر عمدة بلدية إسبانية نم أصل جزائري

عمر الشاب يطرق باب السياسة

رغم صغر سنه، فاز عمر بحب وتقدير سكان كاستيو دي فارفانيا. فلا أصله العربي، ولا ديانته الإسلامية كانت حجرة عثرة قبل دخول الحياة السياسية.

ويقول: “عمر مشاركتي في الجمعيات والأنشطة الرياضية، ومعرفتي الجيدة بالثقافة الكتالانية كانت من أهم الأسباب التي ساعدتني في الاندماج داخل المجتمع”.

و”عندما يكسب الشخص ثقة الآخرين، فالمستحيل يصبح ممكنا، فقط علينا احترام الناس وتقبل آراءهم حتى ولو اختلفنا معهم”.

تشبّع عمر نومري كوكا، الطفل بروح النضال والتحرر، فهو من عائلة متجدرة بكاستيو دي فارفانيا منذ 1780.

ومن خلال مشروع تخرجه، تأكد أن حركات التحرر الوطني مهمة، وأن كل حركة لديها خصائصها .وهنا “اتضحت عندي فكرة القومية الكتلانية واستقلال كتالونيا”.

ويضيف: “هنا بدأت أهتم بالحياة السياسية، لفت انتباهي حينها حزب يسار كتالونيا الجمهوري الذي  وجدت نفسي أتفق معه حول مبادئ عدة: الشفافية  والمساواة، والمواطنة، فجاء الانخراط في الحزب 2018”.

IMG 20200814 WA0004

معركة الانتخابات

تعرض عمر خلال الحملة الانتخابية إلى وابل من الانتقادات من قبل مناوئيه على أنه ليس أهلا لأن يمثل سكان كاستيو دي فارفانيا، أو استعمال أصله وديانته كحجة للنيل منه وإحباط معنوياته.

يقول عمر: “بدأت المعركة عندما تم ترويج أفكار مسمومة مفادها أنني إذا فزت بالانتخابات، أول شيء سأقوم به هو هدم كنيسة البلدة، وتشييد مسجد محلها”.

لم يكن صعبا عليا إقناعهم بالعكس، يكفي أنني نشأت وسط عائلة مختلطة العادات، الديانات والثقافات، وهذا يعرفه الجميع.

البلدة صغيرة ونعرف بعضنا بعضا .أنا مدافع شرس على هويتي الكتلانية، ومدافع شرس أيضا على أصولي العربية وديني الإسلام.

أنا مزدوج الثقافات وسعيد بهذا الثراء الذي أعيشه وسط عائلتي التي تحترم الاختلاف وتعيش في جو يسوده التفاهم والاحترام الممتبادل.

التعايش.. مكسب موروث أبا عن جد

يستطرد عمر: “وسط العائلة، نعيش التعايش في أسمى معانيه. جدي مثلا كان ملحدا، جدتي كاثوليكية  وأبي مسلم. هذا الاختلاف في العقيدة، لم يكن ولا مرة مشكلا أو موضوع خلاف أو اختلاف.

“نشأت وترعرعت في جو يسوده التسامح والألفة وهو ما عملت على نقله إلى المواطنين خلال حملتي الانتخابية فجاء تقبل السكان”.

منافسة شرسة والصندوق كان الفيصل

ويشرح عمر: “ولأن عمدة البلدية السابقة كانت تنتمي إلى نفس الحزب، كان لزاما إجراء انتخابات أولية حسب القوانين والقواعد التنظيمية للحزب. كان على كل واحد منا أن يعرض برنامجه من خلال مناظرة لا تتعدى 10 دقائق”.

اجتاز عمر الامتحان بتفوق بعد أن تمكن من إقناع الحزب ببرنامجه الطموح فتحصل على ثقة الأعضاء، ليتم اختياره بعدها كقائد للحزب في المقاطعة.

عمر عمدة بلدية إسبانية نم أصل جزائري

على ماذا راهن عمر؟

كان عمر من دعاة المواطنة، فراهن على إشراك كل الفئات لبناء مشروع يستجيب لتطلعات سكان بلدية كاستيو دي فارفانيا .

لقد وعد عمر خلال حملته الانتخابية بغد جديد لفارفانيا، وعد بجعلها قطبا سياحيا، وبدفع القطاع الفلاحي، المورد الأساس للبلدية، مؤكدا على الاستثمار في عنصر الشباب للنهوض بالقطاعين.

كما وعد بخلق مناصب شغل ليضع حدا لهجرة الشباب حتى لا تبقى فارفانتيا عجوزا، وجعلهم يشعرون بأنهم مندمجون في المدينة من خلال برامج اقتصادية واعدة.

هل أوفى عمر بالوعود؟

يوضح عمر: “في الزراعة قمنا بتحسين الطرق المؤدية إلى الضيعات الزراعية والحيوانية. استثمرنا حوالي 500 ألف يورو من أجل تعبيد الطرق، حيث تم تحسين 40 كلم من الطرق الزراعية.

ويضيف: “في قطاع السياحة برمجنا هذه السنة ترميم برجين من قلعة كاستو دي فارفانيا والسجن العتيق الذي يعود إلى القرن السادس عشر لمنزل ألبا ونافورة باروكة”.

“إضافة إلى تحسين اللافتات التي من شأنها جلب المزيد من السياح إلى المنطقة، حتى نجعل من فارفانيا قطبا سياحيا، وهي تستحق ذلك كونها تتوفر على مواقع سياحية وتراث تاريخي هام في ليريدا يستدعي تأهيله والحفاظ عليه، فنحن نملك تراثا كبيرا بالمدينة ونسعى لتحسينه قصد خلق مناصب شغل”.

 ما هي العراقيل التي اعترضت عمر؟

“نقص الموارد الاقتصادية هو ما يؤرقنا أكثر، كوننا بلدة صغيرة نفتقد إلى موارد متنوعة، لهذا علينا الاعتماد على الإعانات التي نتحصل عليها سواء من الدولة، الحكومة أو مجلس محافظة ليريدا”.

“معظم الإعلانات التي نتحصل عليها يتم منحها بناءا على سلسلة من المتطلبات الخاصة لكل مشروع، ونحن كمدينة صغيرة نواجه صعوبة كبيرة في تسجيل كل المشاريع التي بمقدورها أن تساعدنا على بلوغ الموارد الاقتصادية”.

“على سبيل المثال، على مستوى بلدية مدينة كبيرة للحصول على دعم للغابات مثلا لديهم فريق تقني متخصص في البيئة توكل له مهمة صياغته وتقديمه، لكن الأمر في فارفانيا مختلف. شخص واحد عليه القيام بتلك العملية، حتى أنه في بعض الأحيان أجد نفسي أقوم بذلك”.

عام على رأس البلدية، هل سكان البلدة راضون؟

“من السابق لأوانه الحكم على ذلك، وحده الوقت كفيل بالحكم علينا، ربما في الانتخابات المقبلة سيكون رد المواطنين، لكنني اعتقد أننا نسير على الطريق الصحيح، لأننا خلال عام واحد حققنا ما يقرب من 60% من البرنامج الذي اقترحناه خلال حملتنا الانتخابية”.

طيب، كيف تقيم تجربتك القصيرة؟

“ثرية جدا، فخلال عام تعلمت الكثير الكثير في إدارة شؤون البلدية، الموظفين وكيفية التعامل مع إدارة الحكومة كما الدولة”.

“لكن الجائحة أثرت على مردود العمل، كل مجهوداتنا انصبت حول كيفية الإسراع في إدارة الأزمة الخطيرة، دون أن ننسى العاصفة التي ضربت المنطقة وتسببت في فيضانات على مستوى البلدية، وما زلنا نعمل على إصلاحها لحد الساعة”.

لو طلب منك إعادة التفكير حول خوض غمار السياسة من عدمه، هل تجازف؟

“بطبيعة الحال، وأكثر ما استمتع به هو خدمة المواطن وأنبل شيئ هو رؤية الناس وهي تعيش ظروفا أحسن بعد جهد بذلناه، إما من أجل تحسين وضعهم الاقتصادي، أو لتقديم خدمات أفضل للمواطنين، وهذه هي غايتنا ومنها على سبيل المثال نعتزم افتتاح أول دار للحضانة على مستوى البلدية شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل”.

كلمة أخيرة لعمر

“شكرا جزيلا على الدعوى. آمل أن نلتقي مجددا قريبا للتحدث أكثر عن السياسة البلدية، وكذلك السياسة الوطنية، لأنني أود أن أبرز ذلك إذ يجب أن تركز دائما على المواطن، وعندها فقط تتحسن حياة المواطنين وتتجسد رفاهية المجتمع الذي نعيش فيه. شكرا مرة أخرى”.

حاورته: نادية دراجي.

تابعونا على

تويتر

فيسبوك

الواتساب

إنستغرام

تيليغرام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *