شؤون إسبانية

إيجار رخيص للغاية مقابل حماية المباني من احتلالها

تواجه اسبانيا مشكلة خطيرة في قطاع الإسكان، وفق صحيفة “الباييس”. الدولة التي كانت ذات يوم قادرة على بناء آلاف المنازل أو ما يعادل ما تشيّده ألمانيا وإيطاليا وفرنسا معا، تفتقر اليوم إلى الشقق الاجتماعية للإيجار التي تضمن الوصول إلى الفئات الاجتماعية التي لا يسمح دخلها بالاستئجار بأسعار السوق الحرة، ناهيك عن شراء بيت. بالإضافة إلى ذلك، في بعض الأحيان، يتعارض الحق في السكن اللائق المعترف به في الدستور الإسباني مع الحق في الملكية الخاصة. وارتفع عدد الشكاوى المقدمة بشأن الاحتلال غير القانوني للمنازل من 10376 في عام 2015 إلى 14621 في عام 2019.

اسبانيا معجبة بالتجربة الهولندية

وفي هولندا، بموجب حماية قانون الإيجار المؤقت لعام 2016، تم تأجير المباني الفارغة من مدارس، مخازن مهجورة وعمارات لفترات قصيرة. تقع إدارة هذه العقارات المهملة، والتي يمكن أن تكون عامة أو خاصة، على عاتق ما يسمى بشركات إدارة الأماكن الشاغرة، والتي يتم تعيينها من قبل المالك في هولندا.

حراسة المبنى مقابل السكن

الناس الذين يسكنون تلك المباني هم حراس أكثر من كونهم مستأجرين، هم حراس مقيمون لأنهم ملزمون بالحفاظ على هذه المباني في حالة جيدة وتجنب التخريب والاحتلال. ويقول كانو مونتيخانو، الأستاذ بجامعة مدريد إن الصيغة الهولندية “تسمح للفئات التي ليس لديها موارد بالوصول إلى سوق الإسكان لأول مرة حتى ولو مؤقتة، فهي لا تلزم المالك بطريقة مرهقة ودائمة، ولا تحتاج إلى تحمل نفقات باهظة”. يعتقد الأستاذ أن النموذج “يمكن أن يعزز سوق الإيجارات في اسبانيا إلى حد ما”.

نماذج أوروبية أخرى

يوجد في هولندا أكثر من مائة شركة خاصة لإدارة المباني الشاغرة. أيضا في ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والدنمارك وفنلندا وبلجيكا. شركة Global Guardians، التي تعمل في المملكة المتحدة، لديها 27،966 مستأجرا مسجلا يحرسون المباني وتقدر أنها وفرت 285 مليون جنيه إسترليني كضمان للمالكين، الذين تعيد لهم ممتلكاتهم قبل 32 يوما فقط مقدما. تعلن في موقعها على الإنترنت أنه يمكن لكل مقيم توفير ما يصل إلى 60٪ من تكلفة الإقامة. تأسست شركة Dot Dot في عام 2011 من قبل كاثرين هيبرت، وهي صحفية تكتب عن مشكلة المباني الشاغرة في المملكة المتحدة، وتعمل مع البلديات وجمعيات الإسكان ومطوري العقارات.

وصول النموذج الهولندي لإسبانيا

وصلت للتو أول شركة لإدارة المباني الشاغرة في اسبانيا. وحددت الشركة الهولندية Ideal Guardian هدفا أوليا لها في اسبانيا بوضع 5000 حارس في المباني المهجورة هذا العام. وخلال 30 عاما من عمر هذه الشركة، أدارت أكثر من 100000 مبنى وهي تتواجد في ستة بلدان. وتستهدف الشركة كبار الملاك، في كل من القطاعين الخاص والعام، لإدارة المدارس أو المكاتب أو المتاحف أو المباني السكنية. في اسبانيا، لديهم مصلحة خاصة في أن تصبح شريكا استراتيجيا للإدارات العامة، وكبار ملاك المباني الفارغة. وتقول الشركة لصحيفة “البايسس” أنها “عقدت بعض الاجتماعات، لكن إلى حد الآن لا توجد اتفاقات مغلقة”.

الإطار القانوني الإسباني

على الرغم من عدم وجود إطار قانوني يشرع عمل المستأجرين كحراس لتجنب احتلال المنازل في اسبانيا، إلا أن الشركة تصر على شرعية عملها في اسبانيا. وتقول أنها أمضت ستة أشهر في دراسة السوق الإسبانية والتحضير للدخول مع شركة المحاماة الدولية هوجان لوفيلز. “هناك العديد من عناصر التشريع الإسباني الحالي التي يمكننا من خلالها التعامل مع المستأجرين كحراس أو أوصياء على المباني، ليس لديهم أي علاقة بالمالك، فالعلاقة التعاقدية بأكملها مع سركة Ideal Guardian”، كما يقول جون فان هارين، الرئيس التنفيذي للشركة.

حول ماذا تدور الفكرة؟

يقيم الحراس أو الأوصياء في المباني لفترة زمنية تتراوح من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، ولديهم مجموعة من المسؤوليات، مثل ضمان عدم تدهورها والإخطار في حالة ظهور مشكلة (مع وجود تسربات، تدفئة، مواسير). في المقابل، تكلفة الإقامة منخفضة للغاية. تدير Ideal Guardian مبنى في Place Vendôme في باريس حيث يوجد حوالي عشرين شخصا يقيمون مقابل 201 يورو شهريا (لتغطية تكاليف المياه والكهرباء والمبنى …). إنه مبنى إداري ينتظر تغيير الاستخدام. وفي الوقت نفسه، قاموا بتحويل طابق واحد إلى 20 استوديو مع مناطق مشتركة وحمامات مشتركة. مالك العقار هو الذي يتحمل تكلفة الترميم. يصرّ فان هارين على أن “كل استوديو يلتزم باللوائح والشروط الخاصة بقابلية السكن والأمن”.

الشروط

تقوم الشركات العاملة في مجال إدراة المباني الشاغرة بعملية اختيار معقدة لزبائنها. “نختار الأشخاص الذين نعرف أنهم لن يتسببوا في مشاكل ولا نقبل العائلات التي لديها أطفال”. من المهم أن تكون مرنا عندما يتعلق الأمر بالانتقال أو عدم إقامة حفلات أو المشاركة في الحي. تقوم الشركة كل شهر بزيارة كل عقار وتقدم إشعارا قبل شهر على الأقل من الإخلاء. يقول الرئيس التنفيذي: “الغالبية العظمى من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و30 عاما ولديهم وظيفتهم الأولى ويريدون أن يصبحوا مستقلين ويدخرون لرحلة أو لشراء منزل”. إذا كانت المباني بعيدة عن المناطق الحضرية أو لا تلبي شروط معينة للسكن، لن نعمل بها.

المصدر: الباييس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *