شؤون إسبانية

الموت يُغيّب أحد أهم المستعربين الإسبان وأشرس المدافعين عن ثقافة الأندلس العربية

نعت يوم أمس الأكاديمية الملكية الإسبانية للغة عالم المعاجم وأحد أهم المستعربين الإسبان وعضو الأكاديمية، فيديريكو كوريينتي قرطبة، الذي توفي عن عمر ناهز 79 عاما. عَمِل فيديريكو أستاذا بجامعة ثاراغوثا (سرقسطة) لمدة ثلاثة عقود. تم اختياره في 6 أبريل 2017 لشغل منصب “الأستاذ المرموق”، حيث تم تنصيبه في 20 مايو 2018، أين ألقى خطابا حول التحقيق في تعريب القشتالية في السجلات العادية والشعبية والمنخفضة.

مساره الأكاديمي والمهني

حصل على دكتوراه في فقه اللغة السامية من جامعة كومبلوتنسي بمدريد، كما حصل على لقب أستاذ فخري في جامعة سرقسطة، حيث كان أستاذ للغة العربية والأدب (1976-1986 و1991-2011) وأستاذ فخري بنفس الجامعة (2011-2015). كما شغل كوريينتي منصب رئيس الدراسات العربية والإسلامية في جامعة كومبلوتنسي بالعاصمة مدريد (1986-1991).

العمل في الدول العربية

شغل فيديريكو أيضا منصب مدير المركز الثقافي الإسباني بالقاهرة التابع لوزارة الخارجية الإسبانية بين عامي 1962 و1965. ومن سنة 1962 إلى غاية 1968 كان أستاذا للغات الإسبانية والسامية والعبرية في جامعة محمد الخامس بالرباط (المغرب)، وبين عامي 1972 و1976 درّس اللغات السامية والإثيوبية والعربية في جامعة دروبسي في فيلادلفيا (الولايات المتحدة).

مؤلفاته

ألّف أكثر من أربعين كتابا وكتب مائة وتسعين مقالة وخمسين مراجعة، ونشر، من بين أعمال أخرى، قواميس عربية إسبانية وإسبانية-عربية مختلفة، بالإضافة إلى نصوص عديدة من المواد التعليمية (قواعد اللغة العربية، مقدمة في قواعد اللغة العربية والنصوص ومخارج ونطق المفردات العربية).

القواميس

بفضل قاموس كوريينتي، لم تصبح دراسة اللغة العربية متاحة للجميع فحسب، بل دخلت العروبة الإسبانية وإسبانيا الأكاديمية مرحلة التصالح مع نفسها ومع ماضيها الثقافي واللغوي. لقد استغرق الأمر سنوات عديدة وجهدا مضنيا، ولكن التغيير بدا واضحا: الآن توجد العديد من القواميس العربية الإسبانية وحتى مئات المستعربين والمهتمين بالثقافة واللغة العربية في إسبانيا.

كما قام بتأليف العديد من الترجمات للعربية والإثيوبية، وكذلك أبحاث في مواضيع اللغة السامية والإثيوبية والعربية والنصوص العربية.

الجوائز والتكريمات

كان فيديريكو كوريينتي، منذ عام 1992، عضوا مناظرا في أكاديمية اللغة العربية في القاهرة. وحصل على جائزة من وزارة الثقافة في جمهورية مصر العربية لأفضل نسخة من النصوص العربية لنص إبن قزمان في عام 1995، كما حصل على الدكتوره الفخرية من جامعة لاغونا، ضمن عشرات الجوائز والتكريمات الأخرى.

خسارة الثقافة العربية في إسبانيا

وبرحيل فيديريكو كوريينتي تفقد إسبانيا والثقافة العربية أفضل لغوي أندلسي مختص في العربية في عصرنا الحالي، وهو تخصص أكاديمي أسسه فيديريكو في الستينيات على الرغم من كل معضلات العروبة الإسبانية وحساسيتها آنذاك.

لقد كان مدافعا شرسا عن ماضي شبه الجزيرة الإيبيرية العربي. ونشر كوريينتي أول دراسة نحوية للهجة الأندلسية (رسم نحوي لحزمة اللهجة العربية الإسبانية، 1977) والقاموس الأول (القاموس الأندلسي العربي، 1997)، الذي ألّفه باللغة الإنجليزية، إذ يؤشر تأليفه بلغة غير الإسبانية إلى الحساسية البالغة التي كان عليها الموضوع حينها.

ولد فيديريكو كوريينتي في غرناطة، لكنه كان يردد دائما أن جزءا منه كان من جزر الكناري. ربما صرح بذلك لأنه رأى في جزر الكناري إفريقيا، حيث قضى جزءا كبيرا من حياته في إفريقيا وأمريكا قبل دخوله متاهة الجامعة الإسبانية.

تابعونا على تويتر وفيسبوك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *