شؤون إسبانية

تنكروا كشيوخ قبائل.. القصة الكاملة للجواسيس الإسبان السبعة الذين قتلوا في العراق

نظمت يوم أمس السفارة الإسبانية في العراق حفلا تأيبنينا لتذكر عملاء المخابرات السبعة الذين قتلوا في العراق سنة 2003، بالتزامن مع الغزو الغربي للبلاد، حيث كانوا في مهمة استخبارية. وجاء في صفحة السفارة على توتير: “نظمنا اليوم حدثا صغيرا في السفارة لإحياء ذكرى اغتيال 7 من عملاء جهاز المخابرات الإسباني CNI في اللطيفية (العراق) قبل 17 عاما. تذكرنا صورة في المكتب وجنود متراصين في الحديقة ببطولتهم. من بغداد نرسل عناق لعائلاتهم”.

سبعة جواسيس في مهمة سرية

ثمانية قبور للجواسيس موزعة في جميع أنحاء الجغرافيا الإسبانية. سبعة هم إلى العملاء الذين قُتلوا في 29 نوفمبر 2003 في يُعرف باسم “كمين اللطيفية”، بينما قتل آخر في 8 أكتوبر. جميعهم لقوا حتفهم بسبب هجمات مدمرة على بعثة استخابرية إسبانية في العراق. هؤلاء العملاء من مركز المخابرات الوطني (CNI). لقد تم إرسالهم لتوفير الحماية للقوات الإسبانية التي كانت حكومة، خوسي ماريا أثنار، رئيس الحكومة آنذاك، قد أرسلتها دعما للقوات الأمريكية التي غزت العراق لإسقاط نظام صدام حسين.

كيف قُتِلوا؟

فوجئ الجاسوس، خوسي أنطونيو برنال، بمجموعة من العراقيين وهم يدخلون منزله وأطلقوا النار عليه، بينما حاول الفرار ليلقى حتفه في عين المكان. وبعد ثلاثين يوما فقط، بينما كان الفريق المكون من أربعة عملاء يشرح خصائص المهمة للفريق الذي كان سيحل محله في عيد الميلاد، تم إطلاق النار عليهم في اللطيفية خلال رحلة على متن سيارتين رباعيتي الدفع، حيث اشتعلت السيارتان على الطريق بالقرب من بلدة بابل. في ذلك اليوم توفي العملاء: ألبرتو مارتينيث، ولويس إغناسيو ثانون، وكارلوس بارو، وألفونسو فيغا، وخوسي ميرينو، وخوسي كارلوس رودريغيث، وخوسي لوكاس إيخيا.

بعد 17 عاما.. الكشف عن صور ما قبل الاغتيال

الآن، وبعد مرور 17 عاما، ظهرت الصور التي التقطها العملاء إسبان أثناء مهمتهم في العراق ساعات قبل اغتيالهم عام 2003، في أكثر الهجمات دموية ضد الوجود الإسباني خلال حرب العراق. تم جمع هذه الصور في كتاب “الدمار الشامل، رَجُلنا في بغداد”، للكاتب، فيرناندو رويدا، والذي نشر يوم الخميس 6 فبراير الماضي.

ويسرد الكتاب قصية ثمانية جواسيس إسبان قبل وأثناء وبعد غزو العراق عام 2003 من قبل الثلاثي بوش وبلير وأثنار. القصة التي بدأت في عام 2000 عندما وصل العميل ألبرتو مارتينيث إلى بغداد، وتستمر مع إرسال المزيد من العملاء لحماية القوات الإسبانية المنتشرة بعد الغزو، لتتواصل المهمة الاستخبارية مع الهجومين على الجواسيس اللذين أنهيا حياتهم.

ويحاول الكتاب حل الألغاز: من هم هؤلاء العملاء؟، وكيف كانت حياتهم؟، ومن قتلهم، وكيف ولماذا؟، حيث سعى الكاتب إلى انتشال قصة منسية من الذاكرة الجماعية، على أمل أن يخبرنا بشيء آخر حول الوضع الإنساني لهؤلاء الجواسيس والإخفاقات الجسيمة لمؤسسات الدولة.

جواسيس يمشون في الأسواق

خوسي أنطونيو برنال وألفونسو فيغا وكارلوس بارو وألبرتو مارتينيث (من اليسار إلى اليمين، في الصورة)، مع إغناسيو ثانون ملتقط الصورة، كانوا يتجولون في إحدى اسواق بغداد. هذه الصورة، مثل البقية، ما كان يجب أن ترى النور أبدا، كانت للاستخدام الشخصي من قبل الجواسيس، حيث كانوا ينوون وضعها في ألبوم مخفي لا يستطيع محجوب عن رؤية أي غريب.

كان مارتينيث في العراق منذ عام 2000، ووصل برنال بعد ذلك بعام، أي بعد أسبوع بالضبط من هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة. لقد جندوا مصادر جيدة في الحكومة، وبين الجماعات الشيعية المؤثرة، وحصلوا على معلومات جيدة من المخابرات، الشرطة السرية التي كانت تراقبهم. لقد خاطروا بحياتهم مرات عديدة للحصول على المعلومات التي يطلبها قادتهم في مدريد.

زيف ادعاء المخابرات الأمريكية والبريطانية

وبعد غزو الرئيس الأمريكي، جورج بوش، العراق وجد له حليفين أساسيين: توني بلير الإنجليزي وأثنار الإسباني. أطلقوا حملة لتبرير انخراط بلادهما في حرب العراق على أساس افتراضين أساسيين: أن صدام كان يمتلك أسلحة دمار شامل ودعم بن لادن في الهجوم على برجي التجارة التوأمين. أبلغ العميلين الإسبانية مارتينيث وبرنال المخابرات والحكومة في مدريد أن المعلومات التي تنشرها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وMI6 لم تكن صحيحة.

التقرب من شيوخ القبائل

كان فيغا وبارو – الأول والثالث من اليمين – من الأعضاء ذوي الخبرة والبارزين في وحدة العمليات في جهاز المخابرات CNI. تطوعا في مهمة محفوفة بالمخاطر، وهو أمر شائع بين اثنين من الأفراد العسكريين المدربين في العمليات الخاصة للجيش الإسباني. يندمجون مع البيئة وسرعان ما يعقدون اجتماعات، مثل تلك الموجودة في الصورة، مع القبائل المحلية المؤثرة.

Actualidad 463965772 143975636 640x360 1

وقع الغزو الأمريكي في مارس 2003، قبل عدة أشهر. بعد النجاح المبدئي للاحتلال، قررت حكومة أثنار إرسال 1300 جندي بعد الصيف، وهو ما تطلب زيادة أعداد الجواسيس لضمان أمن القوات.

شكل فيغا وبارو فريقا في الديوانية الذي نفذ، من بين العديد من المهام الأخرى، أعمالا ضد تنظيم القاعدة. لم يكتفوا بالتمويه بالملابس العربية، بل قاموا بشراء سيارات عراقية وحتى سيارة أجرة لتمويه من يراقبهم وأخفاء هوياتهم.

مسؤول الاتصالات في الفريق

2 2

كان اغناسيو ثانون عميلا له تدريب وخبرة مختلفة جذريا عن تدريب العسكريين بارو وفيغا. كان عامل التلغراف اللاسلكي في سلاح الجو، وكانت مهمته الأساسية الإشراف على الاتصالات. كان من المقرر أن يكون في النجف، وكان جزءًا من الفريق الثاني مع ألبرتو مارتينيث، مندوب جهاز المخابرات الإسباني CNI في العراق، والذي كان من المفترض أن يعود بشكل دائم إلى إسبانيا بعد الانتهاء من مهمته التي استمرت ثلاث سنوات، لكن نظرًا لتجربته، طلبوا منه البقاء. لقد أصبح رفقة برنال هدفا واضحا لعملاء المخابرات العراقية السابقين الذين انخرطوا في المقاومة، والذين كرهوا الجواسيس الإسبان بعد أن شعروا بالخداع من الموقف العدواني لرئيس الحكومة أثنار. يعتقد الكثيرون أن هذا القرار كان خطأ فادحا من قبل قادة CNI.

الكمين القاتل

في 29 نوفمبر 2003، تم استدعاء الضباط الأربعة الذين انتهت مهمتهم بعد شهر – مارتينيث وثانون وبارو وفيغا – مع أربعة آخرين ليحلوا محلهم – خوسي رامون ميرينو وخوسي لوكاس إيخيا وخوسي كارلوس رودريغيث وخوسي مانويل سانتشيث- سافروا من قواعدهم إلى بغداد للامتثال للإجراءات البيروقراطية. توقفوا في منتصف الطريق لالتقاط صورة تسمح لهم بتذكر المهمة التي أنجزوها في العراق في المستقبل. آخر صورة لبعض الرجال الذين سقطوا بعد ساعات في فخ كلف الجميع حياتهم باستثناء سانتشيث، الذي تمكن من الفرار.

ووفقا لإعادة البناء التفصيلية للهجوم الواردة في الكتاب والتحقيق الذي أجرته CNI نفسها، يجب بالضرورة أن يكون هناك مُبلغ عن تحركاتهم، أي أن شخصا ما وشى بهم إلى جماعة متمردة.

المصدر: الإسبانيول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *