شؤون إسبانية

كاتبة الدولة الإسبانية لشؤون الهجرة هناء جلول: سنُغيّر قانون الهجرة بشكل جذري

في مقابلة مطولة مع صحيفة “إلدياريو” الإسبانية، أوضحت كاتبة الدولة للهجرة، هناء جلول، أن وزارتها كانت بصدد تقديم تقديم مشروع لإصلاح قانون الهجرة تم العمل عليه منذ تولّيها كتابة الدولة قبل خمسة أشهر. وأضافت جلول أن القانون كان في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة قبل أن تتغير الأولوليات بسبب الظروف التي فرضتها جائحة فيروس كورونا.

وقالت جلول أنه بعد تعيينها على رأس كتابة الدولة للهجرة، تفاجأت بحالة نظام استقبال المهاجرين، وقانون الهجرة “الصارم”، مع ازدياد عدد المهاجرين الوافدين إلى إسبانيا بالقوارب عن طريق جزر الكناري.

وشرعت كاتبة الدولة، تحت مظلة وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة، في العمل على إعداد مشروع إصلاح سياسات الهجرة التي تدخل ضمن نطاق صلاحياتها، حتى جاءت ظروف فيروس كورونا “ليتوقف كل شيء إلى وقت آخر”، تُضيف الصحيفة.

وصول المهاجرين لجزر الكناري

وعلى الرغم من انخفاض أعداد المهاجرين الوافدين إلى إسبانيا بطريقة غير قانونية، إلا أن وصول القوارب إلى جزر الكناري مستمر في الزيادة. ولا تتوفر جزر الكناري على الأماكن الكافية للتكفل بالمهاجرين عن الوصول. وبهذا الخصوص، أعلنت جلول أنه منذ وصولها للوزارة زارت الجزر وفتحت مقر إيواء يتوفر على 200 سرير، كما تعتزم زيارتها بعد 15 يوماً لتدشين مستودع آخر باطقة استيعابية قدرها 800 يورو.

وخلال الأشهر الخمسة التي قضتها على رأس كتابة الدولة لشؤون الهجرة، استجابت جلول لبعض المطالب القديمة للمنظمات الاجتماعية، مثل منح تصاريح العمل للقصر الأجانب غير المصحوبين بذويهم ابتداءً من سن 16 عاماً، وتخفيف شروط لم الشمل العائلي، وتصريح الإقامة والعمل لمدة عامين للمهاجرين الشباب الذين يعملون في قطاع الزراعة.

وأجرت جلول أول مقابلة صحيفة لها ككاتبة دولة للهجرة، بعد أيام من الموافقة على مجموعة من التعليمات التي تجعل الشروط الاقتصادية للحصول على الإقامة في إسبانيا بعد ثلاث سنوات أكثر مرونة، وكذا تجديد تصاريح الإقامة التي انتهت قبل أو خلال حالة الطوارئ

وترى الصحيفة أن هذه الإجراءات هي جزء من حزمة من القوانين الموعودة والتي من شأنها تخفيف العراقيل التي تواجه المهاجرين الراغبين في الحصول على وثائق الإقامة في إسبانيا.

وأصرّت كاتبة الدولة للهجرة أن الحكومة “لم تترك أي شخص في وراءها” في خطتها التي تم تصميمها لمواجهة جائحة فيروس كورونا. وتذكر الصحيفة أن الآلاف من المهاجرين في وضع غير قانوني يشعرون بالإقصاء بسبب عدم تمكنهم من الاستفادة من المساعدات المالية الممنوحة من قبل الدولة خلال حالة الطوارئ.

تغيير سياسات الهجرة “الصارمة”

وفي ردّها على سؤال حول يتعلق بما إذا كانت الحكومة الإسبانية قد غيّرت من سياسات الهجرة، أوضحت جلول أن مصالحها قد اتخذت “إجراءات لم يتم اتخاذها من قبل، لقد تصرفنا بناءً على مطالب مطروحة منذ زمن طويل بشأن الهجرة، ونحن نعمل الآن على أن تشمل خطط التعافي من الوباء المهاجرين وأن لا نتركهم على الهامش”.

وتضيف هناء جلول أن سياسات وزارتها هي عبارة عن “مبادرات مبتكرة وجديدة تُثبت أن سياسة الهجرة يمكن أن تتغير وأننا سنغيرها. فكرتنا هي تعديل القوانين برؤية إيجابية للغاية لظاهرة الهجرة”.

وحول تعديل قانون الهجرة، ذكرت كاتبة الدولة أن “أحد مشاريعنا العظيمة هو إصلاح قانون الهجرة، ولكن أيضاً إصلاح اللوائح المنظمة للموضوع. سنركز على هذين الإجراءين، ضمن أخرى”.

وتعمل إسبانيا حالياً بقانون الهجرة الذي أعده حزب الشعب اليميني الذي ظل يحكم البلاد بأغلبية مطلقة منذ 2011، ومن المعروف أن أحزاب اليمين تميل إلى تشديد إجراءات الهجرة وهي غير متساهلة مع قوانين الهجرة.

المواد القانونية الخاضعة للتعديل

وذكرت هناء جلول بالتفصيل بعض المواد التي ستخضع للتعديل، مؤكدةً أن مصالحها “ستركز أولاً وقبل كل شيء على المواد 196 و197 و198 من لائحة الأجانب [المتعلقة بالقاصرين الأجانب غير المصحوبين، حيث يسعى التعديل إلى منحهم وثائق الإقامة عند بلوغ سن الرشد]”. واستطرت كاتبة الدولة الإسبانية للهجرة قائلةً “لا أرغب في الإعلان الآن عن تغييرات محتملة لقانون الهجرة، لأنه عندما نصل إلى مرحلة المصادقة عليها، قد تظهر تغييرات أخرى مهمة. بالإضافة إلى ذلك، علينا التعامل مع الوزارات المعنية”.

وبخصوص التسهيلات التي أعلنت عنها وزارتها الأسبوع الماضي، والمتعلقة بجعل الحصول على والثائق، بعد الإقامة لمدة ثلاث سنوات في إسبانيا، أكثر مرونة، قالت هناء جلول أنه “تم إصدار هذه التعليمات بعد توقّع ما يمكن أن يحدث بعد رفع حالة الطوارئ، ولمحاولة تجنّب بقاء هؤلاء الأشخاص في وضعية غير قانونية. لقد أعطينا أهمية كبيرة لطلبات لم شمل العائلات مع تخفيف المعايير المالية التي كان يتطلبها ذلك”.

تسوية شاملة لأوضاع المهاجرين

أما فيما يخص موضوع التسوية الشاملة لوضعية المهاجرين في إسبانيا، والذي طالبت به 200 منظمة حقوقية، بررت كاتبة الدولة لشؤون الهجرة عدم قيام إسبانيا بذلك بكونه مخالف للتشريعات الأوروبية. وأضافت أن الحكومة قد اتخذت “الكثير من الإجراءات فيما يتعلق بالهجرة. على سبيل المثال، قمنا بمنح تراخيص الإقامة والعمل للقاصرين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عاماً الذين لم يكن يحق لهم العمل”.

وأضافت أنه “أصبح بإمكانهم العمل الآن وقد عملوا بالفعل في القطاع الزراعي خلال فترة الطوارئ، والآن سيجددون تصاريح الإقامة والعمل لمدة عامين آخرين. بالإضافة إلى تمديد صلاحية وثائق الإقامة بالنسبة للمهاجرين الذين انتهت صلاحية بطاقاتهم خلال فترة الحجر الصحي”.

ورغم مطالبة أكثر من 200 منظمة إنسانية الحكومة الإسبانية بتسوية شاملة لوضعية المهاجرين بلا وثائق، إلّا أن هناء جلول ترى أن ذلك الإجراء قد لا يتم الآن. وتدافع كاتبة الدولة عن الإجراءات التي تم اتخاذها لأنه سيكون لها الأثر الإيجابي على المدى الطويل، حتى ولو بدت الآن غير كافية.

حق اللجوء والحماية الدولية

وتطرقت هناء جلول في مقابلتها مع صحيفة “إلدياريو” لخطط وزارتها لتسهيل إجراءات الحصول على حق اللجوء في إسبانيا لدواعٍ إنسانية. وأضافت “لدينا بالفعل فكرة إلى حد ما عما نريد القيام به، ولا يزال يتعين علينا وضعها على الورق.

نحن نعمل على ذلك، لأننا وصلنا في فبراير، ومع ظهور الوباء وإعلان حالة الطوارئ، تغيرت أولوياتنا. كان علينا تقديم المشروع، لكننا سنستأنف ذلك في غضون أسابيع قليلة. إنه مدرج في تقويمنا للإصلاحات التنظيمية للوائح القانونية”.

من هي هناء جلول؟

هناء جلول، المولودة في سرقسطة سنة 1978 هي سياسية إسبانية من أصل لبناني، تتحدث أربع لغات وتحمل درجة الدكتوراه من جامعة كومبلوتنسي بمدريد في قسم العلاقات الدولية والقانون العام الدولي، وشهادة في العلوم السياسية والإدارية.

عملت كخبيرة في مشروعين للمفوضية الأوروبية في لبنان لمدة ثلاث سنوات ومساعدة سياسية في بعثة مراقبة الانتخابات التابعة للاتحاد الأوروبي للانتخابات البرلمانية اللبنانية لعام 2009.

كما تعمل أستاذة مشاركة في جامعة كارلوس الثالث بمدريد، حيث تُدرّس حالياً الماجستير في الجغرافيا السياسية والدراسات الاستراتيجية. وهي عضو أيضاً في برلمان إقليم مدريد عن الحزب الاشتراكي. وتم تعيينها في فبراير الماضي كاتبة للدولة الإسبانية لشؤون الهجرة، وهو أرفع منصب يصل إليه شخص من أصل عربي.

تابعونا على تويتر وفيسبوك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *