متفرقات

مساوئ الصوت العالي للأم في تربية الأطفال.. هل من حلول؟

اخبار اسبانيا بالعربي / لا تنتبه العديد من الأمهات إلى أن صراخهن في وجه أطفالهن يؤثر سلبيا في نفسيتهم، وهذا أحد أشكال المعاملة السيئة، ويكون أشد تأثيرا على الطفل عندما يكون أمام أحد أقرانه أو أقربائه.

والعصبية مع الأطفال من أكثر الأمور التي تمارسها الأم، ربما نتيجة للضغوط التي تتعرض لها ما بين مسؤولياتها الأسرية وطموحاتها الشخصية وضغط إيقاع الحياة، لتجد الأم نفسها في حالة غضب وصراخ دائم حتى أثناء النقاشات العادية مع الزوج والأبناء.

تجارب بعض الأمهات مع أبنائهن، فكيف يمكن تجنب نوبات الغضب والتخلص من العصبية مع الأطفال؟

ابني عدواني وقلق

عانت الأم نتالي شحادة وهي والدة لصبيين صغيرين كثيرا من عدوانية ابنها الصغير (آدم) الذي بات مرعوبا كثيرا، فكان يكسر كل شيء ويلجأ إلى الضرب وفقد التركيز، وصار قليل الاهتمام ولا يرغب بتنفيذ الواجبات المدرسية، كما أنه شعر بالغيرة من شقيقه الأكبر، لأنه كان أكثر هدوءا وجدية.

أما الأم فكانت تشعر بالضيق بسبب الضغوط النفسية والأعباء الاقتصادية، إضافة للأعباء المنزلية. وبعد يوم شاق وطويل في العمل والمنزل كان عليها القيام بتربية الأولاد، مما جعلها في حالة توتر وقلق دائمين مع استخدام الصراخ العالي للسيطرة على الموقف.

وتتابع شرحها متأسفة بأنها اكتشفت فيما بعد أنها أصبحت غير مسيطرة على الوضع، وأن الصراخ جعل ابنها الصغير يشعر بعدم الأمان والقلق، فقررت تغيير الأسلوب إلى لهجة صارمة وابتعدت عن الغضب والصراخ، وكل ذلك استنزف طاقتها وجهدها. فاستجمعت كل قواها واعترفت بالخطأ، وبأنها غرست العصبية الزائدة في طفلها، فازداد تمرده وعناده، واعترفت بأنها وسيلة غير ناجحة بتاتا في التربية.

كما تعترف نتالي بأنها وجدت وسائل أخرى للعقاب منها الحرمان وكرسي التفكير والتعزيز والمكافأة، ونجح هذا الأسلوب في انضباطه واتباع معلوماتها وصار صوتها منخفضا وحازما مع المحافظة على الهدوء والصبر والمرونة، واستطاعت تغيير الكثير من شخصية ابنها مما أدى لاستعادة الاستقرار النفسي في المنزل.

وتأسف نتالي من أن مسؤولية التربية وتنشئة الأولاد تقع على عاتق الأم أولاً، لذلك تكون في موقف صعب، ولذلك عليها اتباع أسلوب سليم لتعزز نفسية الطفل واستقراره، لافتة إلى أن على الأب أيضا مسؤولية التربية ودوره فعال ومهم جدا في تغيير سلوك الأطفال.

الصراخ.. حل سريع!

وتبين لبنى الحاج، أم لـ4 أبناء، أنها لا تلجأ للضرب وتتبع أسلوب الحوار مع أولادها، إلا أنها أحيانا تجد أن جميع الطرق مسدودة بوجهها، بسبب عنادهم المتعمد، فتضطر لتخويفهم بالصراخ.

وتقول لبنى، إن الأم العاملة تختبر تفاصيل مزعجة منذ بداية يومها، سواء بالاستيقاظ باكرا لتحضير أطفالها، ومشاحنات الأبناء خاصة بعد وجودهم الدائم في المنزل بسبب جائحة كورونا، مبينة أنها كانت تعمل في قسم المحاسبة والذي يتطلب التركيز العالي، واضطرت للعمل من المنزل، فازدادت عصبيتها أكثر لأنهم لا يسمحون لها بالجلوس بهدوء، مما زاد الأمر سوءا، فرأت أن الصراخ حل سريع لتنفيذ أوامرها بسرعة، وصارت هذه هي العادة لتنفيذ المهام.

وتتحسر لبنى على أن الحياة صارت صعبة جدا، والتحلي بالصبر والحكمة والعزيمة لخلق جو عائلي متوازن دافئ بات مستحيلا خاصة مع المشاحنات اليومية مع الزوج والأولاد، ومحاولة العد للـ10 للحفاظ على الهدوء لم تعد في الحسبان.

لكنها عندما تجلس وحدها، ينتابها الشعور بالذنب لما وجهته من كلمات قاسية وجارحة لأولادها بدلاً من مناقشتهم بالمنطق، فتقرر اتخاذ أسلوب آخر في التوبيخ مرة ثانية، لأنها ترغب بتعديل سلوكهم للأفضل بعيدا عن الغضب والإهانات.

الصراخ.. إساءة للطفل

وللأم الشابة البينا طه رأي مختلف، فهي تؤكد أن الصراخ يؤثر جدا على بناء شخصية الطفل، وهو سلوك خاطئ جدا ويشكل إساءة له، ولا تعتمده في التربية، بل تستخدم الصوت الهادئ والحوار وتوجيه العبارات الإيجابية المحفزة، وتتحلى دائما بالصبر والهدوء والتحكم بالانفعالات السلبية، فالصراخ في وجه الأطفال يشبه ضربهم.

وترى أن على الأم تحمل التصرفات الطفولية العفوية والمشاغبات المزعجة وحتى الفوضى والتخريب واللعب والصراخ، فابنتها الصغيرة لا تفهم هذه المعاني وترى أنها لم تخطئ، هي تريد فقط أن تلعب وتخرج طاقتها باللهو والجري والصراخ وإصدار الأصوات العالية، ولا تلتفت إلى كلامها وترى أنها على حق.

لذلك تركز البينا على تخصيص الوقت الكافي لابنتها لبناء علاقة جيدة معها وتعطيها الفرصة لتغيير سلوكها بالقيام بنشاط آخر، دون نسيان مكافأتها على حسن صنيعها. وتنصح كل أُم شابة بالتوقف عن الصراخ بوجه الطفل، لأن ذلك يخيفه كثيرا ويدمر شخصيته ونفسيته.

الصوت العالي للأمهات!

الأمهات يصرخن على أطفالهن ويقمن بمعاقبتهم، ثم يبدأن بالبكاء ويشعرن بالندم، بسبب ما شعر به أطفالهن من خوف وإهانة بسبب صراخهن.

وتقدم المرشدة التربوية المختصة بالأطفال إيلينا كنعان للأمهات طرقا واضحة لمداواة الأبناء بعد الانفعال والصراخ عليهم من قبل الأمهات وكيفية تدارك الموقف.

هكذا يتصرف الطفل عند صراخ الأم

تقول إيلينا إنه لا يخفي على الأمهات أن الصراخ هو السلوك الأكثر شيوعا، وهو أمر لا يمكن لأحد إنكاره، إلا أنه يعتبر من أسوأ طرق التعامل مع الأطفال لما له من آثار متراكمة على نفسية الطفل، مؤكدة أن الصراخ عقاب فاشل للأبناء يشعرهم بالخوف الدائم والتوتر من الاحتكاك بالأم والبعد عنها خوفا من رد فعلها العنيف.

وتبين أنه من المقبول التحدث بلهجة صارمة حازمة مع الأطفال، لكن الغضب ثم الصراخ ليس مفيدًا، خاصة إذا كان الغضب يحدث على كل شاردة وواردة. كما أن صراخ الأم المتكرر يسبب لبعض الأبناء أزمة نفسية تجعلهم يكرهون الصوت العالي ويميلون لسد آذانهم والاختباء عند سماعه، وهذا الأمر يعّد من الاضطرابات السلوكية الناجمة عن صراخ الأم.

كما أنه يغرس العصبية في سلوكيات الأبناء دون الانتباه لذلك، فالطفل مثل الإسفنجة تتشرب جميع تصرفات من حوله كالعصبية المتكررة من أحد الوالدين وما يصاحبها من انفعال وصراخ، مما يجعل الطفل يقلدها مستخدما هذا الأسلوب في تعامله مع الآخرين، فالصراخ لا يعالج المواقف أو يقدم الحلول لها، بل يزيد من عناد الأبناء ويأتي بنتائج سلبية.

مداواة جراح الأطفال بسبب الصراخ

وتتابع إيلينا بأن ما يضحك في الأمر هنا، أن الكثير من الأمهات بعد الصراخ على أبنائهن يشعرن بالندم، وقد يلجأن للبكاء عند محاسبة أنفسهن بعد أن يهدأن وينظرن لأطفالهن بعين الرحمة، فتتساءل الأم: “كيف أقدمت على الصراخ عليهم بهذا الشكل؟”.

وتعتبر معاتبة الأم لنفسها أول طرق السلوك الصحيح في التربية طالما أنها شعرت بالخطأ، فستحاول علاجه وتقويمه، وقبل كل ذلك تقوم بإصلاح ما أفسدته ومداواة جراح أبنائها بسبب صراخها عليهم.

نصائح ضرورية للأمهات

وبحسب إيلينا كنعان، من الواجب اتباع النصائح التالية:

ثقافة الاعتذار: يجب على الأم تطبيق ثقافة الاعتذار، وأن تكون قدوة لأبنائها بأن تتقدم بالاعتذار لهم، فهذا يزيد من قدرها لديهم، على عكس ما يعتقده البعض أنه يكسر هيبتها، فهذا يعلّم الطفل أهمية التسامح والاعتذار عند الخطأ، ويشعره بأهميته لدى الأم.

ومن أكبر الأخطاء أن تسامح الأم طفلها على الخطأ، لأنها عاملته بقسوة، ومن المهم أن لا تتراجع الأم عن خطأ الطفل، بل توضح له الخطأ الذي ارتكبه، وتحرص على تنبيهه بعدم تكراره بعد أن تعتذر له.

الشرح والفهم: قيام الأم بشرح سبب غضبها، موضحة الأسباب بعد أن يهدأ الأمر في جلسة صفاء بينها وبين الأبناء، وتقدم لهم وعدا بعدم تكرار الصراخ عليهم عند الغضب والتعامل بهدوء.

لذلك من الأفضل أن يختار الآباء والأمهات السلوك التربوي المبني على التفاهم وضبط النفس حتى لا يتعرض الطفل لأزمات نفسية واجتماعية هو في غنى عنها.

نصائح للتخلص من الصراخ

وتؤكد إيلينا ضرورة اتباع هذه النصائح أيضا للتحكم في الغضب والتخلص من العصبية، ومن أهمها:

  • التفكير بما يستثير الغضب ومحاولة تجنبه.
  • التفكير بعدد المرات التي يتم فيها مدح الطفل مقابل عدد المرات التي يتم الصراخ فيها عليه.
  • الحسم والجدية في نبرة الصوت بدلا من الصوت العالي.
  • تقبُّل الطفل كما هو ومعاملته وفقا لعمره.
  • استعمال كلمات الثناء والمحبة بدلا من كلمات التوبيخ.
  • شرح خطأ الطفل قبل الصراخ وتأنيبه.
  • استخدام الحوافز والمكافآت لتحسين سلوكه بدلا من الصراخ عليه.

المصدر: الجزيرة نت / إسبانيا بالعربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *