اشترك في قناتنا على الواتساب
انقر هنا
ثقافةسلايدر

من هم الحريديم؟ داخل عالم اليهود المتشددين الأكثر نفوذاً في إسرائيل

الحريديم، أو “المتدينون المتشددون”، هم طائفة يهودية تثير الكثير من الجدل في إسرائيل والعالم بسبب تمسكها الصارم بالتقاليد الدينية اليهودية ورفضها للحداثة. تُعد هذه الجماعة واحدة من أكثر الطوائف نفوذًا وأسرعها نموًا داخل المجتمع الإسرائيلي، وتُشكّل تحديًا كبيرًا أمام مفاهيم الدولة العلمانية الحديثة.

ما معنى كلمة الحريديم؟

كلمة “حريدي” (بالعبرية: חרדי) تعني “التقي” أو “المرتجف من الخوف أمام الله”، ويُستخدم المصطلح للإشارة إلى أولئك اليهود الذين يلتزمون بأقصى درجات التقوى الدينية والانفصال عن المجتمع العلماني. نشأت الحركة الحريدية كرد فعل على التنوير اليهودي (الهاسكالا) في أوروبا خلال القرن الثامن عشر، وهدفت إلى مقاومة التغريب والحفاظ على الهوية الدينية اليهودية.

التيارات داخل المجتمع الحريدي

رغم تشددهم الديني، لا يُعتبر الحريديم جماعة موحدة، بل يتكونون من تيارات مختلفة:

  1. الليتوانيون (الليتائيم): يركّزون على دراسة التلمود في المدارس الدينية (اليشيفوت) ولا يتبعون قيادة حسيدية.
  2. الحسيديم: يتبعون زعماء روحيين يُعرفون بـ”الحسيديم” ويتميزون بالطقوس الصوفية واللباس التقليدي.
  3. السفارديم الحريديم: من أصول شرقية وعربية، ويمثلهم حزب “شاس” في السياسة الإسرائيلية.
  4. ناطوري كارتا: فصيل صغير يرفض وجود دولة إسرائيل من الأساس ويؤيد الحقوق الفلسطينية.

دين وثقافة: من هم يهود الدونمة الذين أسقطوا الخلافة العثمانية؟

اللباس ونمط الحياة

يتميّز الحريديم بزيهم الخاص، فالرجال يرتدون قبعات سوداء ومعاطف طويلة، ويطلقون لحاهم و”البيوتس” (ضفائر جانبية)، بينما ترتدي النساء ملابس محتشمة للغاية وتغطين شعورهن بعد الزواج. يعيشون في أحياء منعزلة ويؤسسون مجتمعات مغلقة تعتمد على المدارس الدينية، الأسواق الخاصة، والنظام الداخلي المنفصل عن المجتمع العلماني.

التلمود
يهود

اللغة:
يتحدث الحريديم غالبًا باليديشية، وهي لغة يهود أوروبا الشرقية، ويتجنبون استخدام اللغة العبرية في الحياة اليومية باعتبارها لغة مقدسة لا تُستخدم إلا في الدراسة الدينية.

الفصل بين الجنسين:
يُطبّق الفصل الصارم بين الرجال والنساء في المدارس، المعابد، وحتى في وسائل النقل والحفلات. تُمنع النساء من الغناء أو إلقاء الخطب أمام الرجال، وتُربى الفتيات على أدوار تقليدية تتمحور حول الزواج وتربية الأطفال.

الديموغرافيا:
وفق الإحصائيات الحديثة، يُشكّل الحريديم نحو 13.5% من سكان إسرائيل، أي حوالي 1.3 مليون نسمة، ويتوقع أن تصل نسبتهم إلى 16% بحلول عام 2030. تعود هذه الزيادة إلى ارتفاع معدل المواليد لديهم، حيث يبلغ متوسط عدد الأطفال في الأسرة الحريدية 6.5 أطفال.

الوضع الاقتصادي:
يعيش أكثر من نصف الحريديم تحت خط الفقر، بسبب امتناع الرجال عن العمل وتفرغهم للدراسة الدينية، بينما تتحمل النساء العبء الاقتصادي بالعمل في وظائف بسيطة أو جزئية. يُعتمد بشكل كبير على الإعانات الحكومية والمنظمات الخيرية.

موقفهم من الخدمة العسكرية:
يرفض الحريديم أداء الخدمة العسكرية الإلزامية في إسرائيل، ويُفضلون البقاء في المعاهد الدينية. هذا الموضوع يُشكّل محورًا دائمًا للتوتر السياسي والاجتماعي، حيث يرى كثير من العلمانيين أن هذا إعفاء غير عادل.

التأثير السياسي:
رغم انغلاقهم الاجتماعي، فإن للحريديم نفوذًا سياسيًا كبيرًا، إذ تلعب أحزابهم مثل “شاس” و”يهدوت هتوراه” أدوارًا محورية في تشكيل الحكومات الائتلافية في إسرائيل. غالبًا ما تُستخدم مطالبهم كأوراق تفاوض سياسية، تشمل قضايا مثل الإعفاء من الخدمة العسكرية، دعم المعاهد الدينية، وتمويل المدارس الخاصة.

العلاقة مع الدولة والمجتمع:
لا يعترف العديد من الحريديم بشرعية الدولة الإسرائيلية، ويعتبرون أن اليهود لا يحق لهم إقامة دولة قبل مجيء المسيح المنتظر. ورغم ذلك، يستفيدون من الخدمات التي تقدمها الدولة مثل التأمين الصحي، الدعم المالي، والبنية التحتية.

تاريخ: لجؤوا من الأندلس وجنّسهم الاستعمار الفرنسي.. ماذا تعرف عن يهود الجزائر؟

نمو الحريديم وتأثيره على مستقبل إسرائيل

يشكل النمو الديموغرافي السريع للحريديم تحديًا كبيرًا لإسرائيل، سواء من حيث دمجهم في سوق العمل، أو تأثيرهم على طابع الدولة العلماني. ففي حال استمرت نسبة النمو الحالية، قد يتغير الطابع السكاني والاقتصادي والسياسي لإسرائيل بشكل جذري خلال العقود القادمة.

الحريديم والتعليم:
التعليم الحريدي يركّز بشكل شبه كامل على المواضيع الدينية، ويهمل المواد الأساسية مثل الرياضيات، العلوم، واللغات الأجنبية، مما يُضعف من فرص دمج الشباب الحريدي في سوق العمل مستقبلاً.

الانفتاح المحدود:
في السنوات الأخيرة، بدأت تظهر مؤشرات على انفتاح بعض الفئات الحريدية على التعليم العالي والعمل، وإن كان بشكل خجول وتدريجي. هناك مؤسسات خاصة تسمح لهم بالدراسة مع الحفاظ على الفصل بين الجنسين.

الحريديم وكورونا:
أظهرت جائحة كورونا حجم التوتر بين الحريديم والدولة، حيث خالف العديد منهم تعليمات الحجر الصحي ورفضوا إغلاق المعابد والمدارس الدينية، مما أدى إلى انتشار واسع للفيروس داخل أحيائهم.

الحريديم هم طائفة فريدة ومعقدة، تجمع بين التمسك الصارم بالدين والانعزال عن المجتمع من جهة، وبين التأثير الكبير في الحياة السياسية والاقتصادية من جهة أخرى. يبقى السؤال المطروح: هل ستنجح إسرائيل في دمج الحريديم في المجتمع الحديث أم ستظل هذه الفجوة قائمة؟ المستقبل وحده كفيل بالإجابة.

إسبانيا بالعربي.

أخبار جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *