عهود ومواثيق إيزابيل الكاثوليكية التي صدّقها أبو عبد الله الصغير..
أخبار إسبانيا بالعربي – بين الحين والآخر كنت أزور متحف (البرادو) أحد أشهر متاحف العالم، والذي تفاخر به العاصمة الإسبانية مدريد غيرها من مدن العالم، وكثيرا ما كنت أفعل ذلك رفقة بعض الأصدقاء الإسبان، وفي إحدى الزيارات صحبة الأستاذة الفاضلة إيزابيل سيير سواريث لاحظت أنها تقف أمام لوحة شخصية متأملة ومبحرة في عالم لم أكن على دراية به، بعد ثوان سألتني: ألا تعرف صاحبة هذا الرسم؟ أجبتها بعد أن حاولت قراءة المعلومات المرافقة للوحة: إنها لرسام مجهول أنجزها سنة 1490.. ابتسمت وقالت: إنها إيزابيل.. قلت متسائلا: ألهذا السبب وقفت أمامها طويلا؟.. وأضفت: لكنها لا تشبهك بأي حال.. قالت: إنها إيزابيل الكاثوليكية التي في عهدها تم تسليم غرناطة..
طالع أيضا: شخصيات أندلسية: موسى بن أبي غسان قائد جند غرناطة البطل الذي خلد إسمه في آخر مراحل الأندلس
وجدتني أخطو مبتعدا عن اللوحة ولم أستطع التعبير عن موقفي بأكثر من نظرة..
أذكر أن الأستاذة إيزابيل سواريث قالت وهي تلحق بي: لا تغضب، هو تاريخ انتهى وانقضى، ولم يكن سؤالي نابع من أي موقف خاص..
تذكّـرت تلك الواقعة حين علمت أن متحف البرادو خصص منشورا عن تلك اللوحة، وتذكّـرت أن 25/ 11 صادف ذكرى توقيع اتفاقية تسليم غرناطة (آخر حواضر الأندلس ) للملكيْـن الكاثوليكيين (فرناندو وإيزابيل)، وذلك تطبيقا لاتفاقية بينهما وبين (أبي عبد الله الصغير) آخر أمراء غرناطة، شملت الاتفاقية ستا وثلاثين مادة، تقول المادة الأولى منها:
“على ملك غرناطة والقادة والفقهاء والحجّـاب والعلماء والمفتين والوجهاء، بمدينة غرناطة والبيّـازين وضواحيهما، أن يسلموا إلى صاحبيْ السمو، أو من ينتدبانه للنيابة عنهما، في مدة أقصاها ستون يومًا، اعتبارًا من 25 تشرين الثاني، عام 1491 م معاقل الحمراء، والبيّـازين، وأبواب تلك المعاقل، وأبراجها، وأبواب المدينة المذكورة، والبيّـازين، وضواحيهما، وأبراج أبواب المدينة المذكورة، وضمن هذه الشروط يأمر صاحبا السمو بأن لا يصعد أي نصراني السور القائم بين الحمراء والبيّـازين، لئلا يكشف عورات المسلمين في بيوتهم، وإن خالف أحد هذه الأوامر يعاقب عقوبة شديدة، وضمن هذا الشرط سيقدم المسلمون الطاعة والإخلاص والولاء كأتباع مخلصين لصاحبيْ السمو.
طالع أيضا: إسبانيا تخصص 400 يورو لكل شاب لشراء الكتب والذهاب للسينما وغيرها من الأنشطة الثقافية
وضمانًا لسلامة تنفيذ هذه البنود يقدم (أبو عبد الله الصغير) ملك غرناطة، إلى صاحبي السمو خمسمائة شخص من أبناء وبنات علية القوم في المدينة والبيازين وضواحيهما، وذلك قبَـيْـل تسليم الحمراء بيوم واحد، مصطحبين معهم الحاجب (يوسف بن قماشة)، ليكونوا جميعهم رهائن لدى صاحبيْ السمو لمدة عشرة أيام، يتم خلالها ترميم المعاقل المذكورة، شريطة أن يعامل الرهائن إلى حين انتهاء هذه الفترة معاملة حسنة. وفي نهاية الأجل يرد الرهائن إلى ملك غرناطة، ويراعي هذه الاتفاقية صاحبا السمو، وابنهما (دون خوان) وسلالتهم.
طالع أيضا: دبلوماسي من البيرو يكتب: مساهمة اللغة العربية في اللغة الإسبانية
ويعتبر (أبو عبد الله الصغير) وسائر قادته وجميع سكان غرناطة والبيازين وضواحيهما وقراهما وأراضيهما والقرى والأماكن التابعة للبشرات رعايا طبيعيين، ويبقون تحت رعايتهم ودفاعهم. وتترك لهم جميع بيوتهم وأراضيهم وعقارهم وأملاكهم حاليًّا ودائمًا دون أن يلحق بها أي ضرر أو حيف. وأن لا يؤخذ أي شيء منها يخصهم، بل بالعكس، سيتم احترام الجميع ومساعدتهم، ويلقون المعاملة الطيبة من قبل صاحبي السمو وشعبهما كخدم واتباع لهما”.
طالع أيضا: شخصيات أندلسية: من هو المنصور بن أبي عامر الملقب بالحاجب المنصور؟
ولم ينفذ من هذه المادة إلا الفقرات التالية: “على ملك غرناطة والقادة والفقهاء والحجاب والعلماء والمفتين والوجهاء بمدينة غرناطة والبيّـازين وضواحيهما أن يسلموا إلى صاحبيْ السمو أو من ينتدبانه للنيابة عنهما في مدة أقصاها ستون يومًا اعتبارًا من 25 تشرين الثاني عام 1491 م معاقل الحمراء والبيازين وأبواب تلك المعاقل وأبراجها وأبواب المدينة المذكورة والبيازين وضواحيهما وأبراج أبواب المدينة المذكورة”..
أما باقي ما نصت عليه المادة الأولى وبقية المواد فقد ذهبت أدراج الرياح..
المصدر: د. ع. عبد الجليل / موقع إسبانيا بالعربي