كافور اﻹخشيدي.. من رق العبودية إلى حاكم مصر المهاب
كان كافور اﻹخشيدي (946-968 م) أو أبو المسك كافور حبشيا، خصيا أسود اللون، ولم يكن على سواده وسيما، بل كان دميما قبيح الشكل مثقوب الشفة السفلى مشوه القدمين بطيئا ثقيل القدم.
حياته
ودخل مصر عبدا ليباع في “سوق النخاسين” وبينما هو كذلك.. سأل رفيقا له عن أمنيته وهما في ذات الظرف وذل الرق، فقال رفيقه: ” أتمنى أن أباع إلى طباخ ﻷكل ما شئت متى شئت”
وهي بلا شك أمنية بليدة، ولكنها قد تكون موضوعية في نظر البعض قياسا بظرفه ..
أما كافور فقال: “أما أنا فأتمنى أن أملك هذه البلاد.” تخيلوا! عبد في “سوق النخاسين” يتنافس الناس لشراء حريته وهو يتطلع لحكمهم!
الكثرة تغلب الشجاعة.. تعرف إلى قصة طومان باي
ومرت السنون.. وبيع كافور لقائد في الجيش، علمه أصول الجندية حتى صار فارسا مغوارا.. ثم قائدا عظيما ثم ملكا..
وأحد حكام الدولة اﻹخشيدية، لينال ما تمنى، بينما صاحبه في المطبخ!
ف “اﻹخشيد” إشترى “كافورا” ورباه وأحسن تربيته ثم أعتقه ثم جعله من كبار قومه لما يمتلكه من حسن التدبير والحزم، بل أن بعض المؤرخين يعيد له الفضل في بقاء “الدولة اﻹخشيدية”.
ويكفي أن تعرف أن العبيديين “الفاطميين” كلما عزموا على غزو مصر تذكروا كافورا، فقالوا:
“لن نستطيع فتح مصر قبل زوال الحجر اﻷسود، يعنون كافورا”.
أما من ناحية الحكم بالعدل، ففي أيامه لم يجد أصحاب اﻷموال من يقبل الزكاة منهم، وأصبح كافور سنة 966 م واليا على مصر، حيث حكمها ثم توسع إلى بلاد الشام، ودام حكمه لمدة 23 عاما.
صاحب السيف والذهب.. من هو المعز لدين الله الفاطمي؟
كافور اﻹخشيدي والمتنبي
شغل أبا المسك كافور دولة بني الإخشيد قرابة واحداً وعشرين سنة أوتزيد قليلاً كانت هذه الدولة قد دام حكمها لمصر مدة أربعاً وثلاثين عاماً، عاش كافور يدبر أمور الحكم فيها مع مولاه، حتي لقد قيل ان هذه الدولة ماحكمت بقدر ماكان الحكم فيها لكافور ذاته، بل ويمكن القول أن دولة بني الإخشيد هي التي سوت الطريق وجعلته ممهداَ ليفتح سبيل حكم مصر أمام هذا الرجل، الذي ملأ مكانه كما لم يملأه أحد من قبله، حتي أنه شغل شعرائها فنجد شاعراً بقامة أبي الطيب المتنبي مدح كافور فأنصفه، وحين انقلب عليه وهجاه لم ينصفه، فحين مات كافور ودُفن بالقدس بعد أن حُمل جثمانه إلي هناك وجد مكتوباً علي شاهده شعراً للمتنبي قال فيه:
مابال قبرك ياكافور منفرداً
بالصّحصح المرت بعد العسكر اللجب
يدوس قبرك أحاد الرجال وقد
كانت أسود الشري تخشاك في الكتب.
كما وجد مكتوباً علي قبره:
انظر إلي غير الأيام ما صنعت
أفنت أناساً بها كانوا وما فنيت
دُنياهم ضحكت أيام دولتهم
حتي إذا فنيت ناحت لهم وبكت
وهكذا استطاع رجل مثل أبي المسك أن يترك ذكراً طيباً في نفوس المصريين رغم حقد الحاقدين حيث كتب عنه المتنبي هجاءاً مقذعاً في قصيدة له حين غادر مصر حانقاً علي كافور وهو الذي كتب في كافور مادحاً:
وفي الناس من يرضي بميسور عيشه
ومركوبه رجلاه والثوب جلدهُ
ولكن قلباً بين جنبي ماله
مدي ينتهي بي في مرادٍ أحدهُ
وكان من أشهر أبيات الشعر التي هجا بها المتنبي كافورا:
- -لا تشتري العبد إلا والعصا معه :::: إن العبيد لأنجاس مناكيد.
المراجع: التاريخ الاسلامي محمود شاكر
تاريخ مصر الاسلامية عبد الحميد حسين حمودة
إسبانيا بالعربي.