محمد ابن عبو وانتفاضة جبال البشرات
أخبار إسبانيا بالعربي – بعد أن استطاع القائد محمد بن أمية توحيد صفوف المسلمين الموريسكيين، وتكوين جيش شعبي من المدنيين الثوار الذين ما عادوا يطيقون اضطهاد الكاثوليك، ليعلن”محمد بن أمية” الحرب على الإمبراطورية الإسبانية الظالمة، واتخذت الانتفاضة التي قادها شكل حرب عصابات ضد القوات القشتالية في جبال البشرات، وتزايد عدد الثوار من أربعة آلاف رجل سنة (1568ميلادية) إلى (25) ألف رجل في العام التالي
وإننا لتعلونا الدهشه حين نعلم أن القوات الشعبية الموريسكية للقائد “محمد بن أمية” استطاعت أن تحرر مدينة (المرية) ومدينة (مالقة) من أيدي الكاثوليك.
نحن الأن نتحدث عن وقت سقطت فيه الأندلس منذ أكثر من (75) سنه، ليقود هذا القائد ثورة إسلامية كبيرة في ربوع إسبانيا الكاثوليكية، وتحت وطأة الهزائم التي تلقاها الملك
(فليب الثاني )، اضطر هذا الملك إلى طلب النجدة من أخيه الغير شرعي (خوان النمساوي) لإنقاذ مملكته من ثورة الموريسكيين، فقام القشتالين بمذبحة في “سجن غرناطة”، وتركوا والد وأخ ابن أمية للضغط عليه.
فأرسل ابن إمية رسالة إلى (خوان النمساوي )يعرض عليه مبادلة الأسرى، فاتفق المجلس الحربي في “غرناطة” على عدم الإجابة، وإرغموا “والد ابن أمية” بالكتابة لابنه ناهياً إياه من متابعة الثورة ونافياً أية إساءة أو تعذيب.
ووفقاً لما قاله الباحث التاريخي المغربي الدكتور
“علي الكتاني”: ” فإن القائد محمد بن أمية تم التآمر عليه من بعض الخونة المتعاونين مع الأسبان، الأمر الذي أدى إلى قتله في نهاية الأمر، وعقب اغتيال” ابن أمية” بُويع “محمد بن عبو قائداً للثورة”
فمن يكون ذلك القائد العظيم:
هو محمد بن عبو او الاسم الإسباني (دييغو لوبيز) القائد الثاني في حرب البشرات، بعد استشهاد قائد الثورة محمد بن أمية، كان من أوئل من انضموا للثورة فور قيامها.
عاد (ابن عبو ) فور مبايعته, تنظيم جيش المجاهدين واستقدم السلاح و الذخيرة من موانئ المغرب و الجزائر
ثم نظم ابن عبو جيشا قوامه “عشرة ألاف”مجاهد ثم اتجه بهم لحصار مدينة “أرجبة “و قلعتها أواخر شهر أكتوبر سنة (1569م) بعد محاولات فاشلة لاقتحام أسوارها.
فطلب قائد حاميتها النجدة من “خوان النمساوي” في غرناطة فأنجده بقوة تحت قيادة دوق دي سياسة، فلم تفلح هذه القوة في فك حصار المجاهدين الذين قطعوا الطريق إليها في لاجرون.
فنجح المسلمون في تحرير أرجبة ثم حرروا غليرة و هي قلعة ذات موقع استراتيجي رفيع فأتت من أشكر قوات مساندة لجيش دوق دي سياسة فهزمهم المجاهدون في معركة عنيفة.
و استتبت وحدة المجاهدين حول “ابن عبو” الذي انتشر سلطانه إلى مناطق (مالقة و رندة) و كثرت هجماته على مرج غرناطة و في أوائل نوفمبر عام 1569م حررت قوة من المجاهدين بقيادة (خريمينو بن المليح) حصن أرية بعد معركة عنيفة، إذ كانت حامية أرية النصرانية تغير على قرى المسلمين المجاورة لها خاصة منتربة.
انتفاضة جبال البشرات:
لأن مكان هذه الثورة كان في منطقة البشيرات جنوب إسبانيا، الذي يقع في القسم الغربي من المنطقة في مقاطعة “غرناطة” ويقع القسم الشرقي منها في مقاطعة”المّرية”، وكانت هذه المنطقة مركز لتجمع المسلمين الأندلسيين بشكل كبير، حيث كانت كل منطقة تسقط في الأندلس يتم طرد أهلها المسلمين حتى أصبحت هذه المنطقة مركزاً لتجمع المسلمين الأندلسيين.
المؤامرة لقتل القائد (ابن عبو):
وكان (ابن عبو) يقاتل بالكهوف ولم يبق معه سوى 400 مجاهد فقط، وضاقت رقعة المجاهدين فأوعز الاسبان إلى بعض الذين تبقو مع ابن عبو واسمه (الشونيش) ارسلو له اغراءات شديدة بقتل ابن عبو مقابل عفوهم عن اهله واعطاءه وعود كثيره ووعدوه بتسليم زوجته وابنتيه الاسيرتين بشرط ان يقتل ابن عبو او ان يأتي به حيا
وفي (13 مارس1571 ) نجحت هذه المؤامرة وهاجم الشونيش الخائن و7من اتباعه على ابن عبو في الكهف الذي كان مختبئا فيه فقاوم حتى استشهد، عندها قام النصارى بجريمة حاقدة بحق جثمان ابن عبو رحمه الله حيث سلمهم الخونه جثمانه فحمل الاسبان جثمانه إلى غرناطه وادخلوه في المدينة في حفل ضخم ووضعوه في قفص حديدي والبسوه لباس كامل ثم حملوه على فرس وقطعوا به المدينة وتتبعه افواج ضخمة من الأندلسيين ضثم حملوا الجثمان إلى المحكمة و اجروا عليه الاعدام وهو ميت ، قطعوا رأسه وسحلوا جسمه في الشوارع ومزقوه واحرقوه في أكبر ساحات غرناطة في همجيه لا تضاهى ، ثم وضع الرأس في قفص من حديد فوق المدينة باتجاه جبال البشرات حيث بقي معلقا 30 سنه.
يقول الدكتور”علي الكتاني: وقُتِلَ “ابن عبو” بيد أحد الخائنين في مؤامرة دبرها الإِسبان في أحد كهوف البشرات في مارس عام (1571ميلادية).
يروي الدكتور “علي الكتاني ” رحمه الله في كتابه :
(انبعاث الإسلام في الأندلس)، الطريقة الهمجية التي تعامل بها حكام إسبانيا مع جثمان ابن عبو رحمه الله:
“فسلم الخونة جثمانه للإسبان الذين حملوه إلى غرناطة، وأدخلو المدينة في المدينة في حفل ضخم، ووضعوه في قفص حديدي بعد أن ألبسوه لباساً كاملاً وكأن صاحبه حي، ثم حملوه عل فرس، وقطعوا به المدينة تتبعه أفواج من أسرى الأندلسيين، ثم حمل الجثمان إلى النطع، وأجري فيه حكم الإعدام، فقطعوا الرأس، وسحبوا الجسم في الشوارع، فمزق أطرافاً، ثم
أحرق في أكبر ساحات غرناطة بهمجية لا تضاهى، ووضعوا الرأس في قفص من حديد فوق باب المدينة باتجاه البشيرات .”
وبعد قمع الإِسبان لثورة الأندلسيين الموريسكيين سنه (1571ميلادية)، نُقل جميع سكان البشرات تقريباً إلى قشتالة وغرب الأندلس، وأخليت حوالي (270) قرية من سكانها المسلمين، ووطُن في بعضها مسيحيون من الشمال الإسباني، بينما تُركت بعض القرى خاوية على عروشها، والأمر الذي أى إلى تغير ديموغرافي كانت له انعكاسات سلبية الصناعة والزارعة في الأندلس، التي كان الموريسكيون يؤثرون بها بشكل قوي نظراً لخبرتهم الكبيرة في مجال الصناعة والزراعة.
بعكس القشتالين الكاثوليك الذين تم توطينهم في تلك الأرض، كما أمر (فليب الثاني) بتشتيت شمل (80) ألفاً من مورسكي غرناطة في أنحاء متفرقة من مملكته، وذلك لتفتيت وحده المجتمع الموريسكي، وتسهيل دمجهم في المجتمع المسيحي، الأمر الذي دفع بكثير من الموريسكيين بالهجرة إلى الأمريكيتين هرباً من القمع الكاثوليكي في إسبانيا الكاثوليكية.
موقع إسبانيا بالعربي