أسماء الأندلسيين و المورسكيين في تونس
أخبار إسبانيا بالعربي – العالية, زغوان, سليمان, ماتلين, تستور…هي مدن و قرى تونسية استقبلت أفواجا كبيرة من الأندلسيين و المورسكيين القادمين خصوصا من شرقي الأندلس التاريخية, و بالتحديد من ممالك أراغون, قطلونية و بلنسية.
يرى العلامة الإسباني مكيل دي أيبالثا أن المعلومات المتوفرة عن مورسكيي تونس تفوق تلك المتاحة عن مورسكيي المغرب و الجزائر, و ذلك لسببين:
1- الجالية المورسكية أو الأندلسية في تونس هي محددة الملامح جدا و مختلفة عن المجتمع التونسي, خاصة في القرن السابع عشر و ما تلاه, و لم تختلط أو تندمج الجالية المورسكية في المجتمع التونسي كما حدث في مجتمعات أخرى.
2- الدراسات حول المورسكيين أو الأندلسيين في تونس لها طابع علمي دقيق منذ عدة عقود, و هذا ما أدى إلى وجود مجموعة دراسات مهمة تشمل كل الجوانب المتعلقة بالمورسكيين. (1)
و قد تطرق الدكتور علي الكتاني في كتابه “انبعاث الإسلام في الأندلس” للشتات الأندلسي في تونس, و هذا نص ما أورده (2):
“اتجه الأندلسيون إلى تونس من شرق الأندلس بنفس الكثافة التي اتجهوا بها إلى المغرب من غربه, واستقر عدد منهم في العاصمة و منطقتها. و ظل الأندلسيون التونسيون يحتفظون بشخصية مميزة أيام الحكم العثماني الذي أعطاهم الحكم الذاتي تحت زعيم ينتخبونه يسمى شيخ الأندلس. و لم تضع الجاليات الأندلسية, التي حافظت على لغاتها العجمية (القطلانية و القشتالية) إلى القرن التاسع عشر, هويتها إلا منذ بداية الإستعمار الفرنسي. و يمكن تقديرعدد التونسيين المنحدرين من أصل أندلسي الآن بحوالي مليون نسمة من مجموع سبعة ملايين, لم يعد يتذكر أصله الأندلسي منهم سوى نسبة ضئيلة, أو حوالي خمسون ألف شخص.
عمل جو العاصمة على صهر السكان أكثر من باقي المناطق التونسية, و لم تحتفظ فيها بذكراها الأندلسية اليوم سوى بعض العائلات العلمية الكبيرة, من أهمها عائلة ابن عاشور التي أعطت لتونس عددا من العلماء و الكتاب و فقهاء المذهب المالكي. فالشيخ محمد الفاضل بن عاشور (1909-1970م), الذي عمل قاضيا للعاصمة و مفتيا للجمهورية و عميدا لكلية الشريعة بجامعة الزيتونة, هو ابن الشيخ محمد الطاهر (1879-1973م) الذي كان كذلك قاضيا و أستاذا بالزيتونة, و من أهم إنتاجه العلمي “تفسير التقرير و التنوير” للقرآن الكريم, و كان أول فقيه مالكي اعتلى منصب شيخ الإسلام سنة 1932م الذي كان مقتصرا على فقهاء المذهب الحنفي, ابن محمد (1860-1920م), رئيس إدارة الأحباس, إبن الشيخ محمد الطاهر (1815-1868م), أستاذ الفقه و الأداب بجامعة الزيتونة, و في سنة 1851 م عينه أحمد باي قاضيا مالكيا للعاصمة, ثم مفتيا بعد سنة 1861م , ابن العدل محمد بن الشاذلي ابن الشيخ عبد القادر, شيخ طريقة له زاوية في العاصمة, ابن الشيخ محمد بنعاشور (1620-1698م) أول قادم من سلا بالمغرب إلى تونس, و مؤسس عائلة ابن عاشور بها.
ولد الشيخ محمد بن عاشور سنة 1030ه (1620م) لوالدين هاجرا إلى سلا (لا شك سلا الجديدة أي الرباط) من فرنجوش (مقاطعة استرامادورا), وقد ظل أقرباء له بالعاصمة المغربية حيث توجد عائلة عاشور إلى اليوم. و ذهب محمد بن عاشور إلى الحج, ثم رجع إلى تونس حيث استقر و تزوج و عمل لكسب عيشه في صناعة الشواشي و انضم إلى الطريقة الشاذلية حيث كان يقصد زاويتها المسماة بزاوية الزواوي خارج باب المنارة, و أصبح مريدا للشيخ محمد القجيري. و اشتهر الشيخ محمد بن عاشور بدينه و عفته و حسن أخلاقه, فأصبح شيخا للزاوية بعد وفاة الشيخ الزواوي دون عقب.
اشتهرت في العاصمة التونسية في القرن الثامن عشر شخصيات أندلسية منها محمد خزندار, المتوفى سنة 1762م, رئيس وزراء الباي حسين بن علي, و قد ذكر مناقبه الرحالة الإسباني فرنسيسكو خيمنيس, كما ذكر أخاه محمد السريري. و لا يعرف اليوم اسم العائلة المنحدرة منهما, غير أن أصلهما من سرقسطة (أراغون القديمة). و منهم الشريف سليمان القسطلي, أصله من قلعة النهر (مقاطعة مجريط اليوم) حيث كانت تسمى عائلته كنطريراش, و قد التقى به خيمنيس. كان من كبار مجاهدي البحر, له مستشفيات في العاصمة و نفوذ كبير. و منهم علي بن عياد و علي قطلينا اللذان كانا من أكبر أغنياء العاصمة. و اجتمع الرحالة خيمنيس بالشيخ عبد القادر بن عاشور و ذكره في رحلته كشيخ طريقة صوفية. و ذكر خيمنيس شخصيات أندلسية أخرى لا زال حفدتها موجودين, منها الحاج مصطفى الباي و علي برغيت و محمد الوزير (مات سنة 1819م) و محمد المشاط (مات سنة 1834م) و علي الشريف (مات سنة 1849م) شيخ الطريقة العيساوية, و غيرهم كبني الحداد و قسطلي و قريذو و التومي و العروصي و سيدا. و تدل هذه الأسماء أن كثيرا من العائلات الأندلسية اتخذت أسماء عربية أو تركية بعد إقامتها في تونس, من بينها اليوم عائلة كشك التي تنتمي إليها عدة تجار و رجال أعمال.
ترجم المؤرخ ابن ضياف ل21 أندلسي من بين 407 شخصية تونسية في القرن التاسع عشر, منهم 19 شخصية توفيت بين 1815 و 1872م, منهم اثنان من بيت الحداد: أحمد (المتوفى سنة1817م) و علي (1856م) و ستة من بيت الوزير: محمد (1818م) و حسن (1827م) و حسونة 1832) م و محمد (1856م) و أحمد (1868م), و محمد قريذو (1819م) و محمد المشاط (1832م) و محمد العروصي (1837م) و محمد التومي (1840م) و محمد قسطلي 1849م و محمد شلبي 1842م و حمدان سيدا(1846م) و محمد ماظور (1848م) و علي الشريف (1849م) و اثنين من بيت العصفوري: محمد (1856م) و محمد الشاذلي (1868م). و هكذا نرى أن من بين العائلات ال12 المذكورة, 4 فقط لها أسماء أندلسية عجمية واضحة (قريذو و قسطلي و ماظور و سيدا).
تنحدر عائلة لاخوا La joaالتونسية من بني السراج الغرناطيين. كان جدهم, موسى لاخوا, ضحية محاكم التفتيش بغرناطة حوالي سنة 1727م, التي حكمت عليه بالسجن أربع سنوات, فهرب مع إخوته إلى أزمير (بتركيا اليوم), و كتب إلى الشريف القسطلي يطلب المساعدة للإنتقال لتونس, فساعدهم الشريف على ذلك. وأثمرت عائلة لاخوا اليوم جماعة من المثقفين و الأطباء و المهندسين و رجال الأعمال.
المصدر: كتاب “الانبعاث” للكتاني / موقع إسبانيا بالعربي