ألمانيا تصادق على قانون جديد يقدم تسهيلات للأجانب وثلاث طرق للهجرة
اخبار اسبانيا بالعربي/ أقر البرلمان الألماني قانونا يسهل قواعد الهجرة للعمال المهرة، في وقت يعاني أكبر اقتصاد بأوروبا من نقص مزمن في الأيدي العاملة بعدد من الصناعات. وتعاني ألمانيا منذ سنوات في الحصول على عدد كاف من العمال بسبب شيخوخة السكان في قطاعات مثل الضيافة والصحة والبناء. ونهاية عام 2022، بقيت نحو مليوني وظيفة شاغرة. ويهدف التشريع الجديد إلى تشجيع العمال المهرة من خارج دول الاتحاد الأوروبي على القدوم إلى ألمانيا، فضلا عن إتاحة الفرص لطالبي اللجوء الموجودين بألمانيا.
وفي التصويت النهائي بالنداء بالأسماء، صوت 388 نائبا لصالح مشروع القانون مقابل 242 ضده، مع امتناع 31 نائبا عن التصويت.
وصوت الائتلاف الحاكم -المكون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والديمقراطيين الأحرار- بالإجماع تقريبا لصالح مشروع القرار.
لكن نوابا من المعارضة انتقدوا هذا القانون، خاصة ما يعلق بالسماح لبعض طالبي اللجوء الموجودين حاليا في البلاد بالحصول على الإقامة إن كانوا مؤهلين ويملكون عرضا للعمل، أو يعملون بالفعل.
وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر إنه بهذا التشريع ستحصل ألمانيا على “أحدث قانون للهجرة في العالم”.
وبموجب التشريع الجديد، سيكون هناك نظام نقاط مشابه للنظام الكندي الذي يأخذ بعين الاعتبار عوامل مثل التعليم والمهارات خاصة اللغوية، وسيتم أيضا الاعتراف بالمؤهلات المهنية الأجنبية.
وقد رحب وزير الاقتصاد روبرت هابيك بهذا القرار، مؤكدا أن نقص العمال يعد إحدى “المشاكل الملحة” التي تواجه ألمانيا.
وقال هابيك في بيان “نقوم بتخفيض الحواجز أمام الهجرة. في المستقبل، سيكون من الأسهل بكثير للشركات توظيف عمال أجانب مهرة”.
وقد طالبت منظمات العمل -منذ وقت طويل- بتسهيل قوانين الهجرة إلى ألمانيا التي يقطنها 84 مليون شخص.
وكانت غرفة التجارة والصناعة أشارت، في وقت سابق هذا العام، إلى أن المشكلة لها تأثير اقتصادي كبير، وإلى أن نصف الشركات التي سألتها تواجه مشكلات في العثور على عمال.
من المستفيد من التعديلات
يهدف تعديل القانون إلى تعزيز ثقافة الترحيب أيضا وإتاحة الفرصة لمن يعمل ويعيش في ألمانيا أن يكون “جزءاً من المجتمع.
قال المستشار أولاف شولتس في كلمة ألقاها بمناسبة “يوم الصناعة” في ألمانيا، سيكون لدى ألمانيا أحدث قانون هجرة في العالم، ووعد شولتس بوضع قواعد غير بيروقراطية. وهو ما يطالب به الشركات ورجال الأعمال والاقتصاد منذ مدة طويلة.
حيث أن ألمانيا تفتقر إلى العمالة الماهرة: من طواقم التمريض والرعاية الصحية، مروراً بخبراء تكنولوجيا المعلومات وليس انتهاء بالحرفيين. وفق وكالة العمل الاتحادية، يتعن استقدام 400 ألف مهاجر كل عام من أجل الحفاظ على استقرار سوق العمل. لكن في عام 2021، لم يتجاوز الرقم 40 ألف مهاجر من العمال المهرة.
وستزداد المشكلة تعقيداً عندما يتقاعد مواليد الستينات بعد سنوات. ومن المعلوم أن عقد الستينات في ألمانيا شهد طفرة كبيرة في معدل الولادة. وبسبب شيخوخة السكان، من المتوقع أن يخسر سوق العمل سبعة ملايين شخص بحلول عام 2035 إذا لم تتخذ الحكومة أي خطوات وفقاً لدراسة أجراها معهد أبحاث سوق العمل.
لتفادي ذلك النقص، اعتمدت الحكومة الاتحادية “أحدث قانون للهجرة في أوروبا”، حسب وزير العمل الفيدرالي هوبرتوس هايل الذي قال في نوفمبر 2022: “نحن نتنافس مع العديد من الدول للحصول على عقول ذكية وأيدي عاملة. تحقيقنا لذلك الهدف يضمن الازدهار في ألمانيا”.
وقبل عرض مشروع القانون على البرلمان الذي صوت ووافق عليه بأغلبية اصوات الائتلاف الحاكم يوم الجمعة (23 يونيو2023)، اتفق الائتلاف الحكومي المكون من أحزاب: الاشتراكي والخضر والليبرالي على آخر التفاصيل المتعلقة بقانون الهجرة الجديد. وهو إصلاح لقانون صدر قبل ثلاث سنوات عن الائتلاف الحكومي السابق، الذي كان مكوناً من الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي. وبحسب مشروع القانون الجديد تأمل الحكومة في توفير نحو 75 ألف وظيفة إضافية كل عام.
عبرت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر عن رضاها عن الاتفاق على تفاصيل مشروع القانون وقالت “هذا خبر جيد جدا لتأمين رفاهيتنا، ومن أجل أن تكون ألمانيا بلدا قويا ومن أجل قانوننا الحديث للهجرة”. وأشارت سابقا عدة مرات إلى أهمية الانفتاح وثقافة الترحيب، بحيث يشعر كل من العمال المهرة وعائلاتهم التي سوف تأتي معهم بالراحة هنا.
ثلاث طرق للهجرة إلى ألمانيا
يهدف مشروع قانون وزارة الداخلية الاتحادية إلى إتاحة فرص جديدة للمتخصصين والعاملين من دول خارج الاتحاد الأوروبي. من حيث المبدأ، ستكون هناك ثلاث طرق للقدوم إلى ألمانيا كعامل ماهر في المستقبل: من خلال التأهيل والاعتراف بالمؤهلات وهو شيء متاح حتى اليوم، ومن خلال الخبرة المهنية، ومن خلال توفر الإمكانية والفرص للحصول على عمل، ولكن دون شرط وجود عقد عمل عند السفر.
وفي مقابلة خاصة مع DW قال وزير العمل هوبرتوس هايل: “نعلم أننا في منافسة مع دول أخرى على العقول الذكية والأيدي العاملة (…) نريد أن نكون مرحبين أكثر وإتاحة الفرصة لمن يعمل ويعيش معنا بشكل دائم أن يكون جزءاً من المجتمع”.
البطاقة الرزقاء وحد أدنى للراتب
في المستقبل، سيحصل المزيد من الأشخاص على ما يسمى بالبطاقة الزرقاء المعتمدة في الاتحاد الأوروبي، لأنه سيتم تخفيض حد الراتب. وقد تم إصدار البطاقة الزرقاء للمتخصصين المؤهلين تأهيلاً عالياً للهجرة إلى ألمانيا قبل عشر سنوات. تتيح البطاقة للأكاديميين دخول البلاد للعمل دون فحوصات تثبت تمكنهم من اختصاصهم وبدون مهارات لغوية، ولكن بشرط الحصول على حد أدنى للراتب حسب الاختصاص. مشروع القانون الجديد يخفض ذلك الحد الأدنى. ففي السابق، كان الحد الأدنى للراتب السنوي 58400 يورو سنويا، وفي ومهن تعاني من نقص شديد في اليد العاملة 45552 يورو.
ويمكن لخبراء تكنولوجيا المعلومات الحصول على البطاقة الزرقاء دون تحقيق شرط الحصول على شهادة جامعية إذا كانت لديهم خبرة مهنية عملية تعادل نظراءهم الحاملين للشهادات الأكاديمية.
غرب البلقان: 50 ألف عامل سنوياً
بالإضافة إلى ذلك، يتفاعل مشروع القانون مع سوق العمل المتغير: في المستقبل، سيكون بإمكان العامل الماهر القيام بأي عمل يتقنه، أي يسمح مشروع القانون بتغيير التخصص، بحيث يمكن للميكانيكي المؤهل، على سبيل المثال، العمل أيضاً في مجال الخدمات اللوجستية.
مشروع القانون سيكون له تأثير على دول البلقان، إذ سيتم تمديد توظيف العمال من ست دول في غرب البلقان، والذي كان محدوداً حتى نهاية عام 2023، إلى أجل غير مسمى. وسيتم زيادة الحصة السنوية إلى 50 ألف عامل وهو ضعف الحصة الحالية.
بطاقة فرصة
من العقبات الرئيسية أمام هجرة العمال ضرورة الاعتراف بمؤهلاتهم في ألمانيا. وفي الغالب تستغرق هذه العملية وقتاً طويلاً. في المستقبل، لن يضطر الأشخاص إلى الحصول على اعتراف بشهاداتهم إذا كانت لديهم خبرة مهنية كافية، أي سنتين على الأقل، ودرجة أكاديمية معترف بها من الدولة في بلدهم الأصلي. وعلقت الوزيرة نانسي فيزر على ذلك بأن “هذا التغيير سيعني بيروقراطية أقل وبالتالي إجراءات أسرع”.
ما سبق ينطبق فقط على المتخصصين الذين يتجاوزون حداً معيناً للراتب. بالنسبة لأولئك الذين لا يصلون إلى عتبة الراتب تلك، وبالتالي لا يزال يتعين عليهم الاعتراف بمؤهلاتهم في ألمانيا، ينص مشروع قانون العمالة الماهرة أيضاً على تغيير جديد: يمكن للعمال المهرة القدوم إلى ألمانيا والبدء في العمل أثناء عملية الاعتراف بالشهادة والمؤهلات.
بطاقة فرصة
بالإضافة إلى ما سبق، سيتم إدخال ما يسمى ببطاقة الفرصة القائمة على نظام النقاط، الذي سيسمح للعمال المهرة بالقدوم إلى ألمانيا للبحث عن عمل لمدة عام، بشرط حيازة شهادة مهنية أو جامعية من دولة أخرى.
لكن هذه القاعدة مقتصرة على العمالة الماهرة وحد معين للراتب، وبالتالي فإذا لم يصل الراتب إلى حد معين، يجب على صاحب العلاقة أن يعدل شهاداته وتعديلها في ألمانيا كما الأمر حتى الآن. وهناك قاعدة جديدة في القانون هو الشراكة مع رب العمل فيما يتعلق بالاعتراف بالشهادات. ويمكن للقوى العاملة الماهرة المتخصصة القدوم إلى ألمانيا حتى ولو لم يتم الاعتراف بالشهادة بعد.
ويمكن أن تشمل شروط الحصول على بطاقة الفرصة المهارات اللغوية في اللغة الألمانية و/أو الإنجليزية، والعمر، والخبرة المهنية، وإمكانيات الزوجة وشريكة الحياة التي سترافق المتقدم إلى ألمانيا. بالإضافة إلى ذلك، يُسمح لمن لديهم بطاقة الفرصة هذه بالعمل لمدة تصل إلى 20 ساعة في الأسبوع إلى جانب البحث عن عمل، كما يُسمح أيضاً بالتوظيف تحت الاختبار.
كما سيتم تسهيل لم الشمل أيضا، ويمكن تمديد صلاحية بطاقة الفرصة إذا كان هناك عقد وتوافق عليه الوكالة الاتحادية للعمل.
مستقبلا سيكون مسموحا بالعمل لطالبي اللجوء الذي قدموا طلبا قبل 29 مارس 2023 ولم يبت في الطلب بعد. بشرط أن يكون لديهم المؤهل المطلوب وتوفر فرصة عمل، ويمكنهم أن يلتحقوا بتدريب مهني. أما الذين قدموا طلب لجوء بعد هذا التاريخ (29 مارس) فلا يمكنهم أن يغيروا المسار ويحصلوا على إقامة عمل أي الهجرة للعمل.
كما ستكون هناك حلول غير بيروقراطية بالنسبة لمن يكون في زيارة إلى ألمانيا بتأشيرة سياحية ويحصل خلال ذلك على عرض عقد عمل. إذ لن يتوجب عليه أن يخرج من ألمانيا ويعود إلى بلده ويطلب تأشيرة هجرة، ما دامت الشروط الواردة في قانون الهجرة متوفرة لديه.
نقد وتمنيات
رد المعارضة كان نقدياً؛ إذ قالت خبيرة سوق العمل سوزان فيرشل من حزب اليسار: “يجب التصدي بحزم للهجرة التي تستهدف بعض المهن غير المستقرة وللاستغلال بدلاً من التوسع فيها”.
ومن جانبه، قال نائب كتلة الاتحاد المسيحي في البرلمان، المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه البافاري المسيحي الاجتماعي، هيرمان غروهه، إن مشروع القانون “لا يفعل شيئاً فعالاً بحق” لتشجيع الأشخاص المتعلمين جيداً على الهجرة؛ وأضاف “ليس المهم إصدار قانون ولوائح جديدة، بل المهم هو التطبيق الأفضل على أرض الواقع. يضطر الآلاف من العمال المهرة الراغبين في الهجرة إلى الانتظار لشهور للحصول على تأشيرة أو الاعتراف المهني. يتطلب الأمر، على سبيل المثال، تعزيز البعثات الدبلوماسية في الخارج بموظفين جدد”.
يحذر رئيس “اتحاد الحرف اليدوية الألمانية” (ZDH) من أن “أفضل قانون ليس بذي نفع من دون تطبيق جيد”. ويضيف في مقابلة صحفية: “يجب تبسيط عملية هجرة العمال المهرة بشكل جذري عن طريق الحد من البيروقراطية وتسريع الإجراءات الإدارية”.
ويشار إلى أن “وكالة العمل الاتحادية” متأخرة في مجال الرقمنة. وقالت فانيسا أهوغا، رئيسة الشؤون الدولية في الوكالة، إن نصف المراسلات مع سلطات الهجرة لا تزال تتم بالفاكس والرسائل البريدية التقليدية. تسعى الوكالة لجعل تلك المراسلات تجري كلها بطرق رقمية.
تجدر الإشارة إلى أنه بعد أن صوت ووافق البرلمان على القانون، سيعرض على مجلس الولايات (بوندسرات) أيضا ويناقشه ويصوت عليه، ليدخل حيز التنفيذ بعد ذلك.
المصدر: وكالات/ موقع إسبانيا بالعربي.