شؤون إسبانية

إسبانيا تعتبر اختيار رئيس المفوضية الإسلامية قضية أمن دولة والصراع يحتدم لخلافة رئيسها المتوفي

أججت وفاة رئيس المفوضية الإسلامية في إسبانيا، رياج ططري بكري، الصراع داخل قادة جمعيات واتحادات الجالية الإسلامية لخلافة رئيس المنظمة الذي توفي بسبب فيروس كورونا في السادس من أبريل الماضي.

وتقول صحيفة “الكونفيدينثيال” أن ططري كان محاوراً تتواصل معه كل المؤسسات الرسمية الإسبانية التي أبرم معها عدة اتفاقيات طيلة السنوات الأربع التي قضاها على رأس المفوضية.

وسمحت العديد من البلديات والأقاليم خلال فترة ولايته بفتح مقابر إسلامية لدفن موتى الجالية. كما تم السماح بتدريس التربية الإسلامية في المدارس العامة والمشتركة للطلبة المسلمين الذين يطلبون ذلك.

وتضيف الصحيفة أن وفاة ططري ولّدت مناخاً من القلق لدى قوات الأمن الإسبانية، خشية وصول رئيس جديد يحمل أفكاراً “متطرفة”، أو يسعمى لتنفيذ أجندة دول خارجية داخل التراب الإسباني.

ويسود الآن جو من الترقب داخل أوساط القادة السياسيين والشرطة والحرس المدني ودوائر مكافحة الإرهاب، في ظل عدم معرفة من سيكون القائد الجديد للمنظمة التي تمثل المسلمين أمام الدولة الإسبانية. وتصنّف وزارة الداخلية موضوع اختيار رئيس جديد كـ”قضية دولة”.

ولا تزال الصراعات الداخلية تعصف بالمفوضية بسبب كون الهيئة الدائمة المؤلفة من ممثلين عن مختلف الاتحادات الإسلامية بإسبانيا والمسؤولة عن انتخاب الرئيس متوقفة عن العمل.

ويفسر معظم أعضائها – ربما بقصد تأخير الانتخاب – أنه وفقاً للقانون الأساسي، فإن الشخص الوحيد المخول له الدعوة للانتخابات هو الرئيس، وهو أمر مستحيل في الوقت الحالي لأن الرئيس قد توفي.

ومع ذلك، ترى مصادر أخرى أنه في غياب الرئيس، تنص القوانين على أنه يجوز للجنة الدائمة أن تنعقد بثلث أعضائها.

وتضم اللجنة حالياً 25 مقعداً، على الرغم من شغور سبعة مقاعد، بعد رفض الاتحاد الإسباني للكيانات الدينية الإسلامية ومنظمتين أخريين في عام 2016 شغل مقاعدهم.

ويعود سبب عدم ترجيح أي اسم لخلافة الرئيس، إلى التوتر القائم بين الفروع المختلفة للإسلام التي تعمل في إسبانيا.

ويوجد صراع محتدم بين الاتحادات الفيدرالية الثلاثة المذكورة واتحاد التنظيمات الإسلامية في إسبانيا، وهو التنظيم الذي يضم معظم الجمعيات وينتمي إليه الرئيس الراحل ططري.

واشتد الخلاف بين الجمعيات الإسلامية لدرجة أن ططري لم يكن لديه أي اتصال خلال العقد الماضي مع رئيس الفيدرالية الإسلامية للكيانات الدينية الإسلامية، منير بنجلون.

ودافع الراحل، رياج ططري، خلال فترة رئاسته للمفوضية الإسلامية عن منظمة إسلامية بعيدة عن السياسية، ومستقلة عن الحكومة في إسبانيا، وعن السلطة المغربية، التي تسعى دائماً للتأثير على الجالية الإسلامية في إسبانيا

وتتكون قيادة الفيدرالية الإسلامية للكيانات الدينية الإسلامية من أعضاء في حركة العدل والإحسان الإسلامية المغربية، التي يسعى قادتها إلى إقامة الخلافة في جميع الأراضي الإسلامية بما في ذلك إسبانيا، حسبما تنقل صحيفة “الكونفيدينثيال”.

وظهر اسم هذه المنظمة في تقارير مختلفة لأجهزة مكافحة الإرهاب التي وصفتها بأنها الأكثر راديكالية. وليس لدى مصادر الشرطة أدنى شك في أن هذه الجمعية ستحاول ترأس المفوضية بعد أن أصبح منصب الرئيس شاغراً، وهي مهمة ليست سهلة حتى بعد فاة ططري.

وبما أن جماعة العدل والإحسان هي حركة مغربية معارضة، تُضيف الصحيفة، فإن بنجلون لن يحظى بدعم الرباط إذا ما أراد الترشح ​​لرئاسة المفوضية الإسلامية في إسبانيا.

ويبدو المندوب الحالي للمفوضية في كاتالونيا، محمد الغدوني، الأوفر حظاً لخلافة ريتاج ططري. فهو أحد الأعضاء الستة في مجلس إدارة المفوضية الإسلامية في إسبانيا، ولديه فرصة أفضل للحصول على دعم من المغرب.

ومما يجعل حظوظه مرتفعة، هو ارتباطه الوثيق بحزب العدالة والتنمية الذي يترأس الحكومة المغربية.

ومع ذلك، فإن سلطته داخل المفوضية محدودة للغاية، فعلى الرغم من أن أعداد الجالية الإسلامية في كتالونيا تُمثل ربع المسلمين في البلاد، إلّا أن حكومة كاتالونيا لا تعترف بجمعتيه كممثل لهم.

وهذه هي إحدى نقاط ضعف منظمته، نظراً لأن تأثير هذه الجمعيات يُقاس بقدرتها على التواصل مع السلطات.

ويوجد مرشح آخر لقيادة المفوضية الإسلامية،. ويتعلق الأمر بـ لحسن الحيمر، إمام مسجد غرناطة ورئيس فرع الأندلس لمنظمة اتحاد الجالية الإسلامية في إسبانيا.

وبحسب مصادر مطلعة، تنقل عنها الصحيفة الإسبانية، فإن الحيمر يتمتع بعلاقة وطيدة مع الحكومة المغربية، وعلى وجه التحديد، مع وزارة الشؤون الدينية، واحدة من أقوى الوزارات في البلاد.

ولا يملك الحيمر الجنسية الإسبانية، وهو شرط أساسي – وفقاً للقوانين – لتولي رئاسة المفوضية الإسلامية في إسبانيا.

وتم رفض طلب الحيمر للحصول على الجنسية الإسبانية بعد تقييم التقارير التي قدمتها الشرطة والحرس المدني والمخابرات.

العربي علال متعيس، هو مرشح آخر محتمل وهو زعيم حركة التبليغ في إسبانيا، كما يترأس فرع مدينة سبتة في اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا. ولا يُستبعد ترشح مندوب المفوضية الإسلامية في سبتة، حميدو البغدادي، لرئاسة الهيئة أيضاً.

وتقول مصادر مقربة من مندوب المفوضية الإسلامية في مدريد، مصطفى عبد السلام، أنه يسعى للترشح أيضاً لرئاسة المفوضية الإسلامية في إسبانيا. ويعمل عبد السلام كمدير في شركة أمنية خاصة في العاصمة الإسبانية.

ويوجد مرشحين آخرين وإن كانت حظوظهم ضعيفة مثل الكاتب العام للمفوضية، محمد الجانة، أو الطبيب المتقاعد، إيمن عدلي.

وولد الرئيس الراحل للمفوضية، رياج ططري بكري، في مدينة دمشق، سنة 1948، وانتقل إلى إسبانيا سنة 1970، شأنه شأن كثير من الطلبة السوريين والفلسطينيين.

وساهم الراحل في تقوية المنظمة وجعلها حاضرة في كل الفضاءات الدينية في إسبانيا ومستقلة عن ضغوطات وتبعية الدول الإسلامية التي تحاول التأثير على الجالية المسلمة لخدمة أجنداتها السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *