اخبار اسبانيا بالعربي/ درس الحكومة الألمانية مؤخرًا خططًا لتخفيف البيروقراطية وتسهيل تولي المهاجرين المهرة الوظائف العديدة المتاحة، وتحاول بالفعل جعل الأمور أكثر سلاسة للعمال الأجانب الذين يأملون في العثور على عمل في ألمانيا، خاصةً مع نداءات المنظمات وقادة الصناعة لإخبار الحكومة أنهم بحاجة إلى المزيد من العمال، إذ وفقًا لصحيفة Handelsblatt الألمانية المتخصصة في مجال الأعمال والتمويل، يوجد حاليًا 1.7 مليون وظيفة شاغرة في البلاد.
برزت هذه الحاجة مع أزمة المطارات إذ أدت الفوضى في المطارات الألمانية إلى مطالبة صناعة الطيران وموظفي المطارات بتعيين عمال جدد على الفور، لكن يقال إن التدريب والفحوصات الأمنية والبيروقراطية الألمانية المنتشرة في كل مكان تعمل على تعطيل الأمور.
مع نهاية شهر حزيران/ يونيو الماضي كان خبراء صناعة الطيران يعترفون بأن ذلك سيكون على الأقل في شهر أغسطس/آب، ونهاية الإجازات المدرسية في بعض الولايات، قبل أن يبدأ العديد من العمال المعينين حديثًا من تركيا بالفعل من ذوي الخبرة في التعامل مع الأمتعة وتصفية الأعمال المتراكمة وقوائم الانتظار.
في 10 تموز/ يوليو تحدثت الإذاعة العامة الوطنية الألمانية دويتشلاند فونك إلى وكالة توظيف في تركيا تزود العمال في جميع أنحاء تركيا، وقتها قال المتحدث باسم الوكالة إنه ألمانيا طلبت من وكالتهم تزويد العمال ببعض المعرفة على الأقل باللغة الألمانية للمطارات الألمانية أيضًا، لكن بحسب المتحدث باسم الشركة كان على عمال المطارات في تركيا اجتياز اختبارات معينة، كي لا تكون اللغة مشكلة عندما يأتون للعمل في ألمانيا.
ومع ذلك، قالت دويتشلاند فونك إن ما قد يقف في طريق وصولهم قد يكون أن العمال الأتراك في المستقبل سيتعين عليهم اجتياز الضوابط الأمنية وتقديم دليل للشرطة الألمانية على عنوانهم خلال السنوات القليلة الماضية.
نقص بمقدمي الرعاية
في 18 تموز/ يوليو دعا رئيس رابطة مقدمو الخدمة الاجتماعية، وهي جمعية تمثل مصالح مرافق الرعاية غير الحكومية والعاملين بالرعاية بما في ذلك المستشفيات التي تديرها المؤسسات الدينية والعاملين داخل تلك المؤسسات، الحكومة إلى تسريع عملية الموافقة على عمال الرعاية الدوليين، حيث قال بيان للرابطة إنه في ولاية ساكسونيا السفلى: “يتم البحث عن 10000 مقدم رعاية بشكل عاجل، لكن يتعين على المتقدمين للوظائف من الخارج الانتظار عدة أشهر، أو في بعض الحالات أكثر من عام حتى يتم الاعتراف بمؤهلاتهم السابقة ليكونوا قادرين على بدء العمل”، واعتبرت الرابطة أن أهم دور للسلطات هو تسريع عملية الاعتراف بالمؤهلات.
من جانبه قال رئيس الرابطة في ولاية ساكسونيا السفلى إن “المتقدمين للوظائف يقدمون شهاداتهم ووثائق تثبت خبرتهم وتدريبهم إلى السلطات في ولاية سكسونيا السفلى، لكن عندما لا يتلقون الرد لأشهر دون فإن ذلك ليس فقط محبطًا لمتقدمين للوظائف أنفسهم فقط، بل لأولئك الذين يحتاجون إلى الرعاية أيضًا، خاصة للأطفال المصابين بأمراض خطيرة وعائلاتهم، فهذه مشكلة كبيرة”.
وأضاف أن النتيجة كانت أن الأطفال الذين يعانون من ظروف خطيرة غالبًا ما ينتهي بهم الأمر بالبقاء في المستشفى ولا يمكن إرسالهم إلى عائلاتهم بسبب عدم وجود عدد كافٍ من الموظفين المؤهلين لرعايتهم، وبحسب رئيس الرابطة في ولاية ساكسونيا السفلى فإن أعداد مقدمي الرعاية الأجانب الذين يرغبون في العمل في ألمانيا في هذا القطاع غير متوفرة، والحاجة إليهم “ملحة” أيضًا، ما كان يمثل مشكلة هو أن سلطات الدولة كانت تمنع العمل المهم من خلال “الإجراءات البيروقراطية الطويلة”.
جراءات بيروقراطية طويلة
على الرغم من أن وزيرة الصحة والاجتماعية والمساواة في ساكسونيا السفلى دانييلا بيرنس أعلنت أن الدولة تؤيد تشجيع المهاجرين على التأهل في هذه الأنواع من المهن، يقول رئيس الرابطة في ولاية ساكسونيا السفلى إن على الدولة أن تذهب إلى أبعد من ذلك، خاصةً أن تكاليف توظيف ودمج طاقم تمريض أجانب وفي الوقت الحالي باهظة، وتقع على عاتق أرباب العمل بدلاً من دعمهم من قبل الدولة أو الحكومة الفيدرالية.
ربما هذه الشكاوى ستلقى آذانًا صاغية من الحكومة الفيدرالية إذ قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر ووزير العمل الألماني هوبرتوس هيل، وكلاهما من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم SPD، إنهما يريدان التأكد من أن البيروقراطية يجب ألا تقف في طريق العمل.
بينما يأمل السياسيون في جعل الاعتراف بالمؤهلات المهنية أكثر سلاسة وأسرع.
وبحسب تقرير صحيفة Handelsblatt الألمانية فإن هذه أخبار مفرحة أيضًا لرئيس مجلس الصناعة والتجارة الألماني بيتر أدريان، الذي أخبر الصحيفة بأنه “في السنوات العشر القادمة ستواجه ألمانيا تسربًا ديموغرافيًا من حوالي أربعة إلى خمسة ملايين عامل، ونحن بحاجة إلى تعويض ذلك”، وأضاف أنه من المهم أن يتم إعداد العمال الأجانب منذ الآن وتهيئتهم عمليًا.
وأضاف أدريان أن أول شيء يتعين على السلطات الألمانية فعله هو العمل مع مكاتب التأشيرات ومكاتب العمال الأجانب والتمثيل الألماني في الدول الأجنبية، إذ لا ينبغي أن يكون صاحب العمل هو من يلاحق جميع المكاتب للحصول على الأوراق اللازمة لاستقدام العمال الأجانب.
هناك عجز هائل في الوظائف بألمانيا في العديد من المجالات، بحسب رئيس المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية مارسيل فراتزشر، الذي يشرح أن الحاجة ليست فقط بالقطاعات عالية الكفاءة ولكن في جميع المهن تقريبًا، ويقول: “ستحتاج ألمانيا كل عام إلى ما لا يقل عن 500 ألف عامل إضافي.
كحلٍ للمشلكة أعلنت ألمانيا مؤخرًا أنها ستقبل بمنح إقامات لأولئك الذين عاشوا في ألمانيا لسنوات عديدة، لكن تم رفض منحهم اللجوء، بشرط أن يظهروا رغبتهم في العمل والاندماج في البلاد.
بينما وبحسب وزيري الداخلية والعمل فإنه يتم الآن دفع اقتراح هجرة ثانٍ من خلال البرلمان، يسمح للمهاجرين المؤهلين الذين يمكنهم إثبات خبرتهم وتدريبهم، والذين تلقوا بنجاح عرض عمل من صاحب عمل ألماني، بدخول البلاد لبدء العمل، حيث ستبدأ عملية الاعتراف رسميًا بمؤهلاتهم والحصول على تأشيرات لهم جنبًا إلى جنب مع عملهم وسيتم تمويلها من قبل صاحب العمل.
وذبك تجاوزًا لعقبات اقتراح القانون الذي قدمته الحكومة في مارس 2020، والذي كان من المفترض أن يجعل الاعتراف بالمؤهلات الأجنبية أسرع وأسهل، لكن بموجب هذا القانون كان على العمال المحتملين أن يثبتوا قبل دخولهم ألمانيا أن مؤهلاتهم الأجنبية كانت تعادل المؤهلات الألمانية، وهذا يعني إهدارًا للوقت الثمين، وخسارة في المال لموظف محتمل لأنه يتعين عليهم الدفع للحصول على هذه الاعترافات ولا يمكنهم العمل حتى يتم الاعتراف بهم.
إقامة لمدة ثلاثة أشهر
أحد العوامل البيروقراطية الأخرى هي تكاليف الحصول على العمل، فخلال عملية التصديق على أوراقهم يضطر المهاجرون لدفع مبالغ كبيرة جدًا وينتظرون انتهاء العملية قبل أن يتمكنوا من البدء في الكسب، وأحيانًا هذه العملية تأخذ وقتًا طويلًا، فمثلًا طُلب من عمال المطار الأتراك المستقبليين دفع ما لا يقل عن 100 يورو للحصول على تأشيرة من أجل العمل في ألمانيا، وبحسب دويتشلاند فونك فإن هذا المبلغ يمثل نحو ثلث دخلهم الشهري في تركيا، بعدها سيتم منحهم إقامة لـ3 أشهر ريثما تتوصل الحكومة لحل لأزمتها خلال الخريف.
في عام 2020 ، قال مكتب الإحصاء الألماني إنه عالج حوالي 59000 طلب مصادقة على المؤهلات الأجنبية، وتم الاعتراف كليًا أو جزئيًا بـ 44800 من هذه المؤهلات الأجنبية، على الرغم من أن المقترحات الأخيرة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك، وفقًا لتقرير صحيفة Handelsblatt
البحث عن وظائف من داخل ألمانيا
حاليًا اقتراح الحكومة سيسمح لبعض الموظفين المحتملين بالقدوم إلى ألمانيا لبدء البحث عن عمل، وليس فقط بعد تلقي عرض عمل، أولئك الذين يرغبون في القدوم للبحث، سيتعين عليهم أولاً إثبات أن مؤهلاتهم معادلة لمؤهلات ألمانية وسيحتاجون أيضًا إلى إظهار دليل على أن لديهم ما يكفي من المال لدعم أنفسهم أثناء البحث عن وظيفة، وإذا استوفوا هذه المعايير سيتم منحهم إذن إقامة قصيرة لبدء البحث.
تأمل ألمانيا أيضًا في خفض الحد الأدنى لحاملي بطاقة الاتحاد الأوروبي الزرقاء للمهاجرين المؤهلين تأهيلًا عاليًا، إذ حاليًا يجب أن تكسب 56400 يورو سنويًا من أجل القدوم إلى ألمانيا، ولكن يمكن تخفيض هذا المبلغ في المستقبل.
في السابق ، وفقًا لتقارير Handelsblatt ، اجتذبت ألمانيا المزيد من المهاجرين من الاتحاد الأوروبي الذين يمكنهم التنقل بحرية بين الدول وقد يأتون لتولي منصب مؤهل في ألمانيا، ولكن منذ جائحة كورونا انخفض عدد القادمين من داخل الاتحاد الأوروبي إلى حد ما، وتقول الصحيفة إنه في عام 2020 ، جاء 158 ألف مواطن من الاتحاد الأوروبي إلى ألمانيا ثم غادروا.
سنويًا تسمح ألمانيا أيضًا لما يصل إلى 25000 مهاجر من ألبانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو وجمهورية مقدونيا الشمالية والجبل الأسود وصربيا بالعمل، تم تحديد هذه الحصة حتى نهاية عام 2023، لكن مؤخرًا وفي برنامجها الانتخابي، قالت أحزاب الائتلاف الحاكم إنها سترفع الحصة بعد ذلك.
لكن رئيس المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية بيتر فراتسشير ليس متفائلاً للغاية، ويقول: “لا يمكننا حل الوظائف الشاغرة بالهجرة وحدها، لا يجب أن تمنح النساء في ألمانيا اللواتي يعملن بدوام جزئي حوافز لتولي وظائف بدوام كامل مرة أخرى”.
يعتقد فراتشر أن الكثيرين يرغبون في المزيد من العمل، إذا كان الوضع المالي والعائلي والبيروقراطي هو الذي جعل الأمر أسهل بالنسبة لهم، ويضيف “تحتاج الحكومة الألمانية حقًا إلى التركيز على إزالة هذه العقبات التي تمنع النساء من العمل بدوام كامل ومنها إصلاح طريقة فرض الضرائب على المتزوجين، وطريقة إدارة الوظائف الصغيرة، والاستثمار الهائل في المدارس ورياض الأطفال”.
المصدر: مهاجر نيوز/ إسبانيا بالعربي.