الدكتورة هناء جلول: كفاءة لبنانية في الحكومة الإسبانية
قد تتناقض المشاعر في مجتمع من مجتمعات دول العالم الثالث خاصة في ظل نهب ثرواتها والفساد السياسي الذي يسودها، في حال حققت إحدى كفاءاتها نجاحا في المهجر كتقلد أعلى المناصب التي يمكن أن تبلغها كفاءة من أصل عربي في دول الاغتراب. وهنا تتناقض المشاعر بين الفخر بابن أو ابنة البلد وبين الأسى على تهجير الكفاءات. نتحدث عن ابنة بلد الأرز، كاتبة الدولة الإسبانية لشؤون الهجرة في وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة بإسبانيا، الدكتورة هناء جلول.
المولد والانخراط في الحياة السياسية
ولدت الدكتورة هناء جلول البالغة من العمر 41 عاما في مدينة ثاراغوثا الإسبانية لأب لبناني وأم إسبانية، وهي متحصلة على الدكتوراه من جامعة كومبلوتنسي بمدريد في قسم العلاقات والقانون الدولي، وشهادة في العلوم السياسية والإدارية.
وهي عضو في الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (PSOE)، وقد عملت أيضا كمستشارة لخوسي مانويل رودريغيز أوريبس في مندوبية الحكومة الإسبانية في مدريد.
انتُخبت نائبة للمجلس التشريعي الحادي عشر للبرلمان الإقليمي بمدريد، حيث تم تعيينها متحدثة باسم المجموعة البرلمانية الاشتراكية في لجنة العدل والداخلية وضحايا الإرهاب 2019.
المؤهلات الأكاديمية
وكانت هناء أستاذة في جامعة نيبريخا، حيث درّست موضوع الاتحاد الأوروبي: الثقافة والتاريخ والمؤسسات حتى يونيو/ حزيران2019 إلى جانب تدريسها لمادة الإرهاب الدولي والماجستير في الجغرافيا السياسية والدراسات الإستراتيجية بجامعة كارلوس الثالث حتى فبراير/ شباط 2020.
وعملت الدكتورة هناء جلول كمستشارة في المجلس التقني للمندوب الحكومي في مدريد حتى ماي/ آيار 2019، ومنذ 26 ماي/ آيار 2019 نائبة في برلمان إقليم مدريد حتى 28 فبراير/ شباط 2020.
التعيين في الحكومة
وصادق مجلس الوزراء الإسباني في يناير/ كانون الثاني 2020، على تسمية اللبنانية، هناء جلول، القيادية بالحزب الاشتراكي كاتبة للدولة الإسبانية للهجرة في حكومة، بيدرو سانتشيز، قبل أن يتم تعيينها كاتبة للدولة الإسبانية لشؤون الهجرة في وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة في 28 فبراير/ شباط 2020.
هناء جلول وبلدها الأم
شاركت جلول في أكثر من مهمة أوروبية ببلدها الأم لبنان، على غرار مراقبة الانتخابات، كخبيرة في مشروعين للمفوضية الأوروبية في لبنان لمدة ثلاث سنوات ومساعدة سياسية في بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات (EOM) للانتخابات البرلمانية اللبنانية لعام 2009.
“هي شعلة من ذكاء لا تنطفئ، ونبع من علم لا ينضب، وحركة في التواصل لا تعرف السكون… هنيئا لها إذ هي “هناء” أينما حلّت وفي أي منصب تربعت، فبعد أن كانت نائبة في البرلمان الأوروبي، ضمها مجلس الوزراء الاسباني لتكون وزيرة لشؤون الاغتراب…هي لبنانية وبيروتية ولدت وترعرت في إسبانيا من أب طبيب لبناني ومن أم اسبانية… إنها هناء جلول”. بهذه الكلمات وصفها الدكتور اللبناني محمد النقري،الأستاذ بجامعة نوتردام عبر تدوينة نشرها في حسابه على فايسبوك.
مهمة الدكتورة هناء في الحكومة الإسبانية
تتكفل جلول ككاتبة الدولة الإسبانية لشؤون الهجرة برسم السياسة الجديدة لإسبانيا في مجال الهجرة المنظمة والمنتظمة.
وذكرت جلول أن وزارتها ستسعى لمنح وثائق الإقامة للأجانب القصر حال بلوغهم سن الرشد وفقا للمواد 196 و197 و198 من لائحة الأجانب المتعلقة بالقصر الأجانب غير المصحوبين بذويهم.
وقالت أنه تم إصدار تعليمات لجعل الحصول على الوثائق، بعد الإقامة لمدة ثلاث سنوات في إسبانيا، أكثر مرونة.
أما بخصوص تسهيل إجراءات الحصول على حق اللجوء في إسبانيا لدواعٍ إنسانية، قالت كاتبة الدولة الإسبانية لشؤون الهجرة: “لدينا بالفعل فكرة إلى حد ما عما نريد القيام به، ولا يزال يتعين علينا وضعها على الورق“.
وبعد أن أثبتت أن المرأة العربية يمكن أن تتقلد أعلى المناصب التي يمكن أن يبلغها شخص عربي، فقد نشرت هناء جلول تصريحا لا شك انه يتطلب مجهودا وعملا دؤوبا في المستقبل.
وقالت جلول: “فكرتنا هي تعديل القوانين برؤية إيجابية للغاية لظاهرة الهجرة فسياسه الهجرة يمكن أن تتغير ونحن من سيغيرها”. هكذا أعلنت جلول عن تحدّ جديد بخصوص قضية الهجرة، مضيفة “اتخذنا إجراءات لم يتم اتخاذها من قبل، لقد تصرفنا بناء على مطالب مطروحة منذ زمن طويل بشأن الهجرة”.
نبذة عن كتاباتها
ونشرت الدكتورة جلول كتابات مختلفة عن الإسلام والتنظيمات الراديكالية والمعتدلة، وتفكيك خطاب الحركات الجهادية، ومبادرات منع التطرف الذي يؤدي إلى العنف والتخلص من التشدد، والسياسة الدولية.
وتناولت جلول في إحدى مقالاتها بالإسبانية التعريف بالشريعة الإسلامية على أنها “تكييف القانون مع الظروف الاجتماعية والسياسية والجغرافية التي تم تطويره فيها. وعلى الرغم من وجود لائحة قانونية تم توضيحها بالفعل في النصوص المقدسة، إلا أن هناك قانونا آخر، وهو الأغلبية، والذي يجب ترجمته إلى قوانين مستمدة من هذه النصوص من قبل المتخصصين، المعروفين باسم العلماء، في الشريعة الإسلامية”، وهو ما تناولته بالتحليل في مقال بعنوان: El ‘iytihad’ como herramienta jurídica para adaptar la normativa legal islámica a la realidad social
أطروحة الدكتوراه
وقدّمت كاتبة الدولة الإسبانية أطروحة سنة 2016 في جامعة كوملوتنسي بعنوان “الإسلاموية واستخدام “الفقه” لأغراض سياسية: حال لبنان اليوم”. ويركز المشروع البحثي على “دراسة الأحزاب والحركات الإسلامية، وخاصة في المجال القانوني.
وتستطرد هناء جلول أن “المقصود هو تفكيك الخطاب الإسلامي لتقييم وتحليل الاستخدام الذي تقوم به الحركات الإسلامية للمصادر الدينية”.
وتقول جلول أنه “يجب تسليط الضوء على التسييس الحالي للإسلام من قبل “الإسلاموية”، وبالتالي كونه جزءا من أيديولوجية حديثة وغير معروفة طوال التاريخ الإسلامي”.
وتوضح كاتبة الدولة الإسبانية أنها “تعتقد أنه في كثير من الحالات، وخاصة فيما يتعلق بالإسلاموية الأكثر راديكالية، لا يوجد فهم كافٍ للعقيدة الإسلامية، لذلك نشكك في أن الأساس الأيديولوجي لهذه التشكيلات له دعم قانوني حقيقي، ولا نجد مبررا أيديولوجيا لإضفاء الشرعية على مواقفهم ووجودهم” وتضيف: “هدفنا هو نزع الشرعية عن سلطة هذه الجماعات”.
– “ورثنا الإثراء منذ حقبة المسلمين في الأندلس كالطب والآداب وعلينا تعزيز ذلك”.
– “علينا إدارة الهجرة، لأن إقامة الأسوار لا تحل أي شيء”.
– “خطاب الكراهية لا يفتقر إلى أساس علمي فحسب، بل يكشف أيضا عن نقص ثقافة مهم”.
برسائل السلام هذه، أثثت الكثير من تصريحات هناء جلول الصحافة الإسبانية.
وفي المقابل، ختم الدكتور بجامعة نوتردام، محمد النقري، تهنئته لكاتبة الدولة الاسبانية لشؤون الهجرة، بهذه الكلمات: “ألف مبروك لك يا هناء في هذا المنصب الوزاري الرفيع… لم يستفد منك لبنان كعادته في إبعاد أبنائه النبغاء”.
ولعل لبنان ليس البلد العربي الوحيد الذي أبدعت كفاءاته في بلدان المهجر وهو ما قد يحقق فخرا للبلد الأم ويخلف حسرة في آن.
إسبانيا بالعربي.