العلماء الأمريكيون يفرون من سياسات ترامب إلى أوروبا: إسبانيا تستقبل موجة من الباحثين

إسبانيا بالعربي ـ في الأسابيع الأخيرة، شهدت أبرز المراكز البحثية في إسبانيا تدفقاً غير مسبوق لطلبات العلماء الأمريكيين يسعون للانتقال إلى أوروبا هرباً من سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقد تمكنت صحيفة إل البايس من الحصول على شهادات حصرية لعدد من هؤلاء العلماء الذين فضلوا التحدث بشروط السرية خوفاً من انتقام الإدارة الأمريكية.
عالم أحياء يخاف على زوجته الصينية الأصل
راي براون (اسم مستعار)، عالم أحياء جزيئية مخضرم يبلغ من العمر 50 عاما، كان أحد هؤلاء العلماء. بدأ البحث عن فرص عمل في أوروبا مباشرة بعد فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية يوم 6 نوفمبر. “الجميع في محيطي يتحدث عن المغادرة”، يقول براون الذي يدير فريقا بحثيا مكونا من تسعة أشخاص في إحدى أعرق الجامعات بالساحل الشرقي الأمريكي.
اضطر براون لاستخدام اسم مستعار خلال حديثه مع الصحيفة، موضحا أن خوفه ينصب بشكل خاص على زوجته من أصل صيني. “في لحظة ما، سيستهدف أنصار ترامب الأشخاص من أصل إثني صيني. زوجتي ولدت في أمريكا وهي مواطنة أمريكية، لكنني لم أعد أعتقد أن هذا سيوفر لنا الحماية الكافية”.
تهديدات مالية وبحثية
يستطرد براون: “لا أعتقد أنهم سيرحلونني، لكنهم قد يلغون تمويل أبحاثي إذا عرفوا هويتي الحقيقية”. العالم الحاصل على تمويل من المعاهد الوطنية للصحة (NIH) يعبر عن مخاوفه العميقة: “أعتقد أنني أخاف حقا من الفاشية”.
قمع أكاديمي غير مسبوق
تمتد موجة القمع إلى أرقى المؤسسات الأكاديمية الأمريكية. جامعة كولومبيا التي انتقدت الحرب الإسرائيلية على غزة، كادت تفقد 400 مليون يورو من التمويل الفيدرالي لولا استجابتها لشروط الإدارة الأمريكية. بينما تعرضت جامعات أخرى لعقوبات قاسية شملت ترحيل أساتذة وإلغاء تمويل برامج دعم المثليين بملايين الدولارات.
هروب إلى برشلونة وأكسفورد
يصرح براون بأنه مستعد للعمل في برشلونة أو كوبنهاغن أو أكسفورد حتى لو تلقى ثلث راتبه الحالي. “الفاشيون يكرهون المثقفين ويسعون لتدمير الأنظمة التعليمية في البلدان التي يسيطرون عليها”، يقول العالم الذي يحذر من أن “الأبحاث الأساسية في أمريكا قد تختفي خلال خمس سنوات”.
إسبانيا تستعد لاستقبال العقول المهاجرة
- مركز التنظيم الجينومي (CRG): تلقى 12 طلبا في أسابيع قليلة.
- المعهد البحثي الحيوي الطبي (IRB): حوالي 10 طلبات.
- مركز الحوسبة الفائقة الوطني: 5 طلبات على الأقل.
الدكتور لويس سيرانو، مدير CRG، يؤكد: “مع استثمار 200 مليون يورو، يمكننا جذب 30 عالما من الطراز الأول. كل ما نحتاجه هو الإرادة السياسية”.
عقبات بيروقراطية تعيق الهجرة
رغم الجهود الإسبانية، توضح قصة العالمة سي إيلور الصعوبات التي تواجه الباحثين. إيلور التي حصلت على منحة “اجتذاب” الإسبانية، تواجه مشاكل في الحصول على تأشيرة بسبب عدم اعتراف السلطات الإسبانية بشهادتها من جامعة كاليفورنيا في بيركلي المرموقة. “خياري الوحيد هو توظيف محامٍ، لكنني لا أملك المال الكافي”، تقول إيلور التي تبحث في أصل الكون.
تحذيرات من انهيار القيادة العلمية الأمريكية
آدم سيبيل، عالم بيولوجيا حسابية في مختبر كولد سبرينج هاربور، يحذر: “القيادة العلمية لأمريكا قد تتبخر بسرعة. العلماء لن يترددوا في الانتقال حيث يتم تقديرهم”. بينما يرى باحث آخر طلب عدم الكشف عن هويته أن “أوجه التشابه بين سياسات ترامب وصعود النازية في ألمانيا مذهلة”.
مستقبل غامض للبحث العلمي
تسعى إسبانيا والاتحاد الأوروبي لاستغلال هذه الفرصة التاريخية عبر:
- زيادة التمويل المخصص لجذب العلماء.
- تبسيط إجراءات التأشيرات.
- تعزيز التعاون بين المراكز البحثية.
برنامج “اجتذاب” الإسباني خصص 30 مليون يورو عام 2023، لكن القصص مثل قصة إيلور تظهر أن الطريق لا يزال طويلا أمام استقطاب الكفاءات العالمية التي تهرب من سياسات ترامب المثيرة للجدل.
المصدر: إسبانيا بالعربي.