المغاربة القاصرون في سبتة.. ماهي حقوقهم والتزامات إسبانيا وأوروبا تجاههم؟
اخبار اسبانيا بالعربي/ الملفت في موجة الهجرة الجماعية غير المسبوقة التي شهدتها الحدود المغربية الإسبانية في الأيام الأخيرة، هو وجود عدد كبير من القاصرين بين نحو ثمانية آلاف مهاجر وصلوا إلى سبتة بعد تخفيف مراقبة الحدود من الجانب المغربي. ما هي حقوق هؤلاء القاصرين والحماية التي يحتاجونها؟
منذ يوم الثلاثاء (18 ماي 2021) تجمعت أمهات وآباء لساعات طويلة عند حاجز للشرطة في مدخل الطريق المؤدي للمعبر الحدودي بين البلدين، يترقبون أخباراً عن أبنائهم. فما مصير القاصرين الواصلين إلى سبتة، وما حقوقهم القانونية بعد وصولهم بشكل غير قانوني للقارة الأوروبية؟
إجراءات ما بعد الوصول
في حديث لمهاجر نيوز، أكد سيرج دوراند، مدير قسم الأجانب غير المصحوبين بذويهم في جمعية فرنسا أرض اللجوء، أن أول إجراء سيتم القيام به من قبل السلطات، هو فحص القاصرين الذين وصلوا إلى إسبانيا للتأكد من أعمارهم. إذا تم الاعتراف بهم كقاصرين، فسوف يستفيدون من الحماية إلى حين بلوغهم سن الثامنة عشرة.
يقضى هؤلاء اليافعون سنوات ما قبل سن الرشد في مراكز خاصة، يستفيدون خلالها من الإقامة ودروس اللغة الإسبانية، والحق في الدراسة والتكوين المهني والتدريب. بعد ذلك يتعين عليهم الحصول على تصريح إقامة وفقا للتشريع الإسباني، الذي لا ينص على تصريح إقامة خاص للقصر غير المصحوبين بذويهم. لذلك في سن الـ 18، لا يتلقى هؤلاء الشباب في كثير من الأحيان أي مساعدة ويجدون أنفسهم في وضع إقامة غير نظامية داخل إسبانيا.
وأوضح دوراند أنه يمكن للمهاجرين الواصلين إلى سبتة التقدم بطلب للحصول على اللجوء السياسي، ولكن عندما يتعلق الأمر بالمغاربة والجزائريين، على سبيل المثال، فإن الطلب يصبح صعباً، إذ تعتبر هجرتهم اقتصادية، وهي بالتأكيد مشروعة لكنها لا تمنحهم حق الإقامة.
حقوق الأطفال المهاجرين غير المصحوبين في أوروبا
“القاصر الأجنبي المعزول” أو “القاصر غير المصحوب”هو شخص دون الـ 18 عاما من العمر، لا يرافقه والده ولا والدته، ولا أي وصي عليه لتمثيله أمام الجهات الرسمية.
توجد في أوروبا قوانين تنص على حماية الأشخاص القصر دون 18 عاما من العمر. وحسب اتفاقية دبلن التي تؤطر كل ما له علاقة بالحماية الدولية في دول الاتحاد الأوروبي، “فالمصلحة العليا” للطفل هي مبدأ أساسي في أوروبا.
لا تعامل هذه الفئة من المهاجرين نفس معاملة البالغين، فبالنظر للقوانين الخاصة بالقاصرين في أوروبا، يتوجب على دول الاتحاد الأوروبي أن تأخذ بعين الاعتبار “المصلحة العليا” للطفل، أي حماية سلامته الجسدية والنفسية والاجتماعية، وفقا لعمره وقصته، مهما كانت وضعيته الإدارية.
بموجب القوانين الأوروبية والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، يبقى القاصر قاصرا قبل أن يكون مهاجرا. وبموجب اتفاقيات دبلن، فالقاصر غير المصحوب له الحق في الالتحاق بأحد أفراد عائلته الذي يوجد في إحدى دول الاتحاد الأوروبي.
إمكانية الترحيل
وفقا لوسائل إعلام إسبانية، عقدت وزيرة الحقوق الاجتماعية، إيوني بيلارا، اجتماعا طارئا مع مسؤولي الأقاليم المتمتعة بالحكم الذاتي، من أجل ترتيب إجراءات نقل الأطفال والمراهقين المتواجدين منذ فترة طويلة هناك إلى مراكز إيواء قاصرين في مناطق أخرى بالبلاد، لتوفير مساحة رعاية إضافية للقادمين الجدد.
كما تحدث الإعلام الإسباني عن أن الحكومة الإسبانية، في الفترة الراهنة، تدرس إمكانية إعادة القاصرين الذين يبحث عنهم أهاليهم، وفق ما تنص عليه اتفاقيات حقوق الإنسان الخاصة بالأطفال وفي احترام تام للإجراءات القانونية.
وحسب جريدة إلباييس الإسبانية، أكد وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا الثلاثاء الماضي عدم وجود قاصرين بين العائدين. كما أكدت مصادر الشرطة للجريدة الإسبانية أنه في حالة إعادة قاصر، فسيكون السبب أنه قد طلب ذلك بنفسه.
من جهته، أكد سيرج دوراند في تصريحاته لمهاجر نيوز، أنه فيما يتعلق بالترحيل وتحديداً بشأن الإعادة القسرية، فقد سبق أن أدانت اللجنة الدولية لحقوق الطفل إسبانيا عام 2019، لمحاولتها ترحيل قاصر من سبتة إلى المغرب. مشيراً إلى أن هناك اتفاقيات بين سبتة ومليلية مع المغرب تتعلق بالإعادة القسرية للمهاجرين، لكن محكمة إسبانية حددت أنه فيما يتعلق بالقاصرين على وجه الخصوص، يتم تطبيق القانون الدولي، أي الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
وأكد المتحدث أنه من حيث المبدأ، لا يمكن إعادة القاصرين قسراً، لكن يمكن إعادتهم إلى بلدهم الأصلي فقط بتحقيق شرطين أساسيين: أولا: يجب أن يوافق القاصر، وثانيا: يجب أن يضمن القاضي الذي يقرر ذلك أن حماية القاصر مكفولة في بلده الأصلي.
وفي هذا الصدد، تفاعل فيليبي غونزاليز، مقرر الأمم المتحدة الخاص لشؤون الهجرة على حسابه على تويتر مع الموضوع بقوله إنه “من الضروري أن يتم الالتزام بالاجراءات المتبعة لإعادة المهاجرين من إسبانيا إلى المغرب”.
معيات حقوقية تدخل على الخط
الجمعية الأندلسية للدفاع عن حقوق الإنسان المعروفة اختصاراً بـ APDHA، طالبت عبر بلاغ على موقعها بوضع حد لما أسمته بـ “انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في سبتة ضد آلاف المهاجرين الذين وصلوا إلى الأراضي الإسبانية”. مؤكدة أنه “اكتشفنا اعتداءات على قاصرين من قبل أفراد الجيش، وخرق لواجب حماية الأطفال، وإعادة سريعة دون الحد الأدنى من الضمانات”.
وأبرز بيان الجمعية الحقوقية أنه قد “توفي شخص واحد على الأقل، كما أن الحكومة الإسبانية أعادت أكثر من 4 آلاف شخص عبر عمليات الإعادة السريعة دون ضمان الحماية القضائية الفردية والفعالة، وفقًا لما يقتضيه القانون”.كما اتهمت الجمعية الحكومة الإسبانية بأنها قررت مواجهة هذا الوضع من خلال العسكرة، وإرسال الدبابات ومعدات مكافحة الشغب وبخطاب متناقض”.
وعبرت الجمعية عن أسفها “لحال الأطفال والشباب الذين يصلون إلى سبتة. فهم يرون أن حقوقهم الأساسية – تلك التي يجب حمايتها – تنتهك بطريقة خطيرة للغاية “لدرجة إعادتهم دون أن يتحدث معهم أحد، ونومهم في الشارع، ووقوعهم ضحايا لطلقات الرصاص في الشوارع”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها إسبانيا للانتقاد بسبب سوء معاملة القاصرين، إذ سبق أن استدعت وزارة الخارجية المغربية، في 3 فبراير/شباط 2021، السفير الإسباني لدى الرباط، احتجاجاً على اعتداء شرطة بلاده على مراهقين مغاربة في مراكز لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين في إسبانيا تم توثيقه بالفيديو ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي.
كما انتقدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” نظام حماية المهاجرين القاصرين في إسبانيا، مشيرة إلى أنهم يفتقرون للحماية، وبمجرد بلوغهم سن الرشد تصبح أوضاعهم أكثر خطورة. وأكدت وجود تأخير غير مبرر في عملية منح تصاريح الإقامة، ودعت إلى ضرورة إعداد خطة وطنية لحماية القاصرين غير المصحوبين بذويهم في كل أنحاء البلاد.
المصدر: مهاجر نيوز/ موقع إسبانيا بالعربي.