المفوضية الأوروبية تُقبر مشروع الغاز “ميدكات” الذي روج له سانتشيث.. هل للجزائر من دور؟
اخبار اسبانيا بالعربي/ بعد انتقادات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي قضى على طموح سانتشيث لبناء خط الغاز “ميدكات” يوم الاثنين، مؤكدا أنه لم يكن مشروعا ذا أولوية أو مثيرا للاهتمام بشكل خاص لبلده أو القارة الأوروبية. وحددت المفوضية الأوروبية اليوم موقفها بوضوح مستبعدة التدخل أو الضغط ولو قليلا لصالح أي طرف في هذه القضية. وكان يانتشيث يمني النفس برمي المفوضية لثقلها لصالحه بعد حصوله على التأييد الألماني لإقامة المشروع، لكن يبدو أن المستشار أولاف شولتز لم يبذل أي جهد للضغط لصالح مشروع سانتشيث باستثناء أخذ الصورة وتوزيع الابتسامات.
المفوضية وجدل الميدكات
كانت القضية مشكلة في بروكسل منذ أسابيع. هناك من يؤيد دورا أكثر نشاطا للمفوضية، وهناك من يعتقد أن المفوضية يجب أن تدافع عن المشروع بشكل أكثر وضوحا، لكن الخط الذي يتم فرضه هو خط المسافة. ولم تستبعد المفوضية وجود أموال أوروبية للمشروع إذا اتفقت جميع الأطراف، وبالتالي يتم تشجيع الحكومتين على التوصل إلى تفاهم. لكن حتى ذلك الحين، لن تدعم المفوضية المشروع. هناك بعض الشكوك الفنية وحتى الذاكرة القضيرة لوزراء إسبانيا، فالجميع يتذكر أن وزيرة الانتقال الطاقوي الإسبانية، تيريسا ريبيرا، كانت حتى الأمس القريب أحد أكبر المتشككين في جدوائية المشروع.
وقال تيم ماكفي المتحدث باسم مفوضية الطاقة بعد ظهر اليوم “لا يمكننا أن نقدم موقفا محددا في الوقت الحالي”. وأضاف “من الضروري أن تتقدم الدول الأعضاء والمروجون للفكرة في تحليل إمكانيات جدوى المشروع ومن ثم يمكننا بالفعل إبداء رأينا في مشروع محدد”.
رسالة أوروبا لحكومة سانتشيث
الرسالة واضحة جدا. المفوضية تدرك أن الموقف الإسباني هش تماما ولا ينطلق من حاجة حقيقية لأن الأنابيب الحالية تعمل بنصف طاقتها، وقبل كل شيء لم تطمئن حكومة إسبانيا الهواجس الفرنسية. دور المفوضية واضح للغاية وعلى الرغم من أن المفوضية تراهن على زيادة الترابط الغازي، لكن الحقيقة أن المفوضية وبضغط فرنسي لم تستثمر الكثير من الوقت أو الجهد في معركة سانتشيث التي رسمها لنفسه. وكرر المتحدث باسم المفوضية التأكيد أمام أسئلة المراسلين الإسبان أن ميدكات ليست جزءًا من قائمة المشاريع ذات الاهتمام المشترك للاتحاد الأوروبي.
نجاح الضغوط الفرنسية
وأوضح ماكرون يوم الاثنين أنه يعتقد أن خط أنابيب لن يحل المشاكل الحالية للقارة الأوروبية، فهو مشروع باهظ الثمن ومضر بالبيئة. وقد تحدى بيدرو سانتشيث لإقناعه بخلاف ذلك، وتزويده بالبيانات حتى يغير رأيه. فرنسا مهتمة بالتوصيلات الكهربائية، وليس الغاز، ولهذا فهي تضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية تضامن مع ألمانيا، يمكن من خلالها تبادل الأمرين عندما تأتي أصعب اللحظات أو عندما تكون هناك حالات طوارئ.
معضلة التمويل
وسلط المتحدث باسم المفوضية الضوء، من وجهة نظر فنية وقانونية، وليس من وجهة نظر سياسية، على أن التشريعات الأوروبية أصبحت أكثر تقييدا في السنوات الأخيرة، لذلك من حيث المبدأ، لا يمكن تمويل معظم المشاريع القائمة على الوقود التقليدي كالغاز من الأموال الأوروبية. وشدد على أن “ما يمكن تمويله على الأرجح هو مشروعات البنية التحتية للهيدروجين. ويمكن أن يكون لها وضع منخفض للموافقة المسبقة عن علم كممرات هيدروجين ذات أولوية”. خيار تم التفكير فيه ولكنه لا يقنع أي شخص تقريبا، لأنه يبدو وكأنه حل بديل.
موقف سانتشيث الحرج
قالت صحيفة “ليبري ميركادو” الإسباني الاقتصادية إن قدرة رئيس الحكومة، بيدرو سانتشيث على خداع نفسه في مجال الطاقة، لا حدود لها. أولا، مع الاستثناء الأيبري الشهير الذي حاول الترويج له في جميع أنحاء أوروبا دون حتى وجود مشروع واضح. استغرق الاتحاد الأوروبي شهورا لمنح إسبانيا الضوء الأخضر على مضض لخفض سعر الغاز. ومما زاد الطين بلة، أن تأثير الإجراء لم يُلاحظ في جيب المستهلك، الذي شهد تضاعف فاتورة الكهرباء.
هل للجزائر من دور؟
ومعروف أن العلاقات الجزائرية الإسبانية تمر بأسوأ فتراتها، كما هو معروف أيضا أن الجزائر أصبحت وجهة لقادة البلدان الأوروبية المؤثرة كإيطاليا أو فرنسا. وكان سانتشيث يسوق داخل المفوضية الأوروبية لمقترح تحويل بلاده إلى خزان غازي لأوروبا اعمادا على الغاز الجزائري، وفق ما قال سانتشيث في قمة فيرساي الأخيرة بباريس. وبعد نزع الجزائر هذه الورقة من إسبانيا لصالح إيطاليا، أصبح موقف سانتشيث ضعيفا في أوروبا ولم يعد بإمكانه إقناع شركائه بقدرته على توفير الغاز. وجاء إعلان المفوضية باستبعاد المشروع الإسباني يوما واحدا بعد زيارة رئيس المجلس الأوروبي، شارلز ميشيل، للجزائر وأسبوعا واحدا بعد زيارة ماكرون. ولا يستبعد أن تكون الجزائر قد ضغطت بشكل ما لنزع ورقة الغاز من حكومة سانتشيث لصالح إيطاليا، وقد كان لها ذلك بعد إعلان المفوضية إقبار مشروع سانتشيث نهائيا.
المصدر: إسبانيا بالعربي.