اليوم جميعنا في حداد… بلدة توروكس تنعى عائلة رباح المغربية التي اختنقت بالغاز أثناء نومها

لا يزال سكان بلدية توروكس في مدينة مالقة في حالة صدمة لوفاة أربعة أفراد من عائلة واحدة، كانوا يسكنون الحي القديم بالمدينة منذ عام ونصف تقريبًا، عُثر على جثثهم في منزلهم يوم الثلاثاء بعد الساعة الثالثة عصرًا بقليل.
وبعد أقل من 24 ساعة من الإعلان عن هذا الحادث المأساوي، تجمع مئات الأشخاص أمام مبنى بلدية توروكس للوقوف دقيقة صمت حدادًا على الفقيدين: زوجان مغربيان (سعيد، 53 عامًا؛ وسعدية 38 عامًا) وطفلاهما المراهقان (محمد، 19 عامًا؛ ومصطفى 17 عامًا).
وكان من بين الحاضرين عائلة الزوجين وأصدقاؤهما، وأصدقاء وزملاء دراسة أطفالهما، وأعضاء نادي “إل فارو دي توروكس” الرياضي، الذي كان ينتمي إليه الشابان.
وحضر أيضًا حشد كبير من أبناء الجالية المغربية في توروكس، والذين يبلغ عددهم حوالي 22,000 نسمة مسجلة في هذه المدينة الساحلية بمالقة وحدها، بالإضافة إلى أشخاص من البلديات المجاورة.
وخلال المراسم التي ترأسها عمدة توروكس السيد أوسكار ميدينا، وحضرها أعضاء المجلس البلدي، سادت لحظات من الحزن والأسى بين أقرب المقربين من العائله الفقيدة.
وبلغ التوتر والانفعال ذروتهما، لدرجة أن العديد من الأشخاص أصيبوا بنوبات هلع وإغماء، مما استدعى تدخل خدمات الطوارئ.
وعلق عمدة المدينة قائلاً: “اليوم جميعنا في حالة حداد، مدينة توروكس بأكملها في حالة حزن عميق”، مشيرًا إلى أن مجلس المدينة أعلن الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام على عائلة رباح.
كما شدد ميدينا على أن الأعلام ستُنكس في قاعة البلدية حدادًا على فقدان هذه العائلة، ذات الأصول الشمال أفريقية، والتي تقطن بلدية توروكس وتحظى بحب واحترام الجميع.
ابن أخ وابن عم الضحايا، عبد الرحمن رباح ماجد، الذي لا يزال متأثرًا بعد المأساة، شكر المدينة ورئيس البلدية بصوت مرتجف على عبارات الدعم والتعازي العديدة التي تلقوها، وأعرب عن أسفه لهذه “القصة الحزينة”.
“كان ابن عمي شخصًا رائعًا”
قال عبد الرحمن، وقد بدا عليه التأثر: “كان ابن عمي شخصًا رائعًا، يكفي أن ترى جميع الأصدقاء هنا”، وعلّق على ابن عمه محمد “موحا” لأصدقائه: “الجميع هنا أحبوا هذا الشاب وما زالوا يحبونه”.
وكان كما يتذكر ابن عمه، شغوفًا بالدراجات النارية وكرة القدم، وكان يدرس إلكترونيات السيارات ويكسب رزقه من مهنة مصفف الشعر، وأضاف: “الآن نريدهم فقط أن يرقدوا في سلام”.
وقال عبد الرحمن، وقد بدا عليه التأثر: “كان ابن عمي شخصًا رائعًا. يكفي أن ترى جميع الأصدقاء هنا”. قالت صديقة العائلة سيف الحسن: إن عائلة الضحايا التي لا تزال تقيم في المغرب، البلد الذي ستُعاد إليه الجثث، والذي من المقرر أن يُدفن فيه أفراد عائلة رباح الأربعة المتوفون، “مُدمرة”. وأضافت: “كانت طفلة وحيدة، ووالدتها تمر بوقت عصيب”.
وأضافت الحسن، معربةً عن أملها في أن تكون هذه آخر مأساة تُحزن بسبب شيء كهذا: “البوتان قادر على حصد الأرواح”.
وعبّر رئيس جمعية المنصور المغربية في توروكس، أحمد الغرباوي لهلال، وهو أيضًا صديق للعائلة، عن امتنانه للمودة والدعم من مختلف أنحاء إسبانيا تجاه الجالية المغاربية وسكان توروكس، وخاصةً لأهالي توروكس الذين وصفهم بـ”الرائعين”.
من جانبها أعربت جميلة حيون، عضوة جمعية السلام النسائية المغربية في توروكس، التي تنتمي إليها المتوفاة، والتي كانت تُدرّس فيها اللغة العربية للأطفال الصغار، عن أسفها لما حدث. وقالت: “مأساة حقيقية وعارٌ أصابنا بصدمة بالغة”.
وأكدت حيون: “ما كان ينبغي أن تحدث مثل هذه المآسي، وعندما تطالنا بهذه الدرجة من القرب، يصبح الأمر كابوسًا”.
وكان سعيد وسعدية يعيشان في إسبانيا منذ 20 عامًا، ورُزقا بأطفالهما هناك، انتقلا إلى شارع بونتيل في البلدة من إل مورشي، وهي بلدة ساحلية في توروكس، وكانا “عائلة مجتهدة، حياتهما مليئة بالطموحات وأحلامهما لم تتحقق”، كما قال حيون، الذي أكد على “الألم والحزن العميقين” اللذين سادتا البلدة.
وعلى الرغم من أن التفاصيل الدقيقة لن تُعرف إلا بعد اكتمال التحقيق، إلا أن كل شيء يشير إلى أن عائلة رباح ماتت أثناء نومها في منزلها في حي بونتيل. لم يلاحظ أحد ذلك إلا بعد الساعة الثالثة عصرًا بقليل عندما أدرك الأصدقاء والعائلة أن الزوجين وطفليهما أهملوا أعمالهم المنزلية ذلك الصباح ولم يردوا على مكالماتهم الهاتفية أو رسائل واتساب، ويبدو السبب واضحًا: لقد تسمموا باستنشاق غازات سامة من احتراق غير كامل لمدفأة.
أول أكسيد الكربون عديم اللون والرائحة، هو غاز سام ينتج عن الاحتراق غير الكامل للوقود مثل البنزين أو الخشب أو الفحم أو البوتان. وهو شديد وخطير لأنه عند استنشاقه يحل محل الأكسجين في الدم، مما يمنع الأعضاء الحيوية من تلقي الأكسجين الذي تحتاجه.
المصدر: إل موندو + إسبانيا بالعربي.





