اشترك في قناتنا على الواتساب
انقر هنا
دوليسلايدر

كشمير: جذور النزاع التاريخي بين الهند وباكستان

يُعد الصراع بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير أحد أطول النزاعات الإقليمية في العالم الحديث، وأكثرها تعقيدًا من الناحية الجيوسياسية والدينية. منذ تقسيم شبه القارة الهندية في عام 1947، ظل كشمير مركزًا للنزاع بين الدولتين النوويتين، وتسبب في اندلاع حروب عدة، بالإضافة إلى أزمات سياسية وإنسانية متكررة. في هذا المقال، نستعرض تاريخ الصراع بين الهند وباكستان حول كشمير، مع تسليط الضوء على الهدن التي وُقعت، والأسباب الكامنة وراء استمرار التوترات.

أصل النزاع: تقسيم الهند 1947

بدأ النزاع حول كشمير بعد تقسيم الهند البريطانية عام 1947 إلى دولتين مستقلتين: الهند ذات الغالبية الهندوسية، وباكستان ذات الغالبية المسلمة. وُترِك لحكام الولايات الأميرية خيار الانضمام إلى إحدى الدولتين. وكان حاكم كشمير، المهراجا هاري سينغ، هندوسيًا يحكم منطقة ذات غالبية مسلمة، فتردد في الانضمام لأي من الدولتين.

في أكتوبر 1947، اندلعت أعمال عنف وقام مقاتلون قبليون من باكستان بالتوغل في كشمير، ما دفع المهراجا إلى طلب المساعدة من الهند مقابل توقيع “وثيقة الانضمام”. بموجب هذه الوثيقة، ضمّت الهند كشمير إلى أراضيها، وبدأت الحرب الهندية الباكستانية الأولى.

الحروب بين الهند وباكستان

الحرب الأولى (1947–1948)

اندلعت الحرب بعد دخول القوات الباكستانية إلى كشمير. استمرت المعارك لأكثر من عام وانتهت في يناير 1949 بعد تدخل الأمم المتحدة، التي دعت إلى وقف إطلاق النار وإنشاء خط وقف إطلاق النار (الذي يُعرف اليوم بـ”خط المراقبة”). وبموجب هذا الاتفاق، سيطرت باكستان على جزء من كشمير (ما يسمى الآن “كشمير الحرة” أو “آزاد كشمير”)، بينما بقي الجزء الأكبر تحت سيطرة الهند.

الحرب الثانية (1965)

اندلعت الحرب الثانية بسبب تصاعد التوترات حول كشمير، خاصة بعد محاولة باكستانية لتحريك تمرد داخلي في الجزء الهندي من كشمير. انتهت الحرب بعد توقيع “اتفاقية طشقند” برعاية الاتحاد السوفيتي في يناير 1966، والتي دعت إلى انسحاب الطرفين إلى ما قبل حدود النزاع وعودة العلاقات الدبلوماسية.

الحرب الثالثة (1971)

رغم أن هذه الحرب اندلعت في الأصل بسبب أزمة شرق باكستان (التي أصبحت لاحقًا بنغلاديش)، فإن كشمير لم تكن بعيدة عن تداعياتها. في هذه الحرب، هزمت الهند باكستان، وتم توقيع اتفاقية شِمْلا عام 1972، والتي نصت على أن أي حل لنزاع كشمير يجب أن يكون عبر مفاوضات ثنائية.

في حالة اندلاع الحرب في إسبانيا: كن مستعدا قد يشملك التجنيد الإجباري

خط المراقبة وواقع التقسيم

اليوم، يُقسم إقليم كشمير فعليًا إلى ثلاثة أجزاء:

  • كشمير الخاضعة للهند (ولاية جامو وكشمير سابقًا)
  • كشمير الخاضعة لباكستان (آزاد كشمير وجيليت بالتستان)
  • منطقة صغيرة تحت سيطرة الصين (أكساي تشين)

ويُعرف الخط الذي يفصل بين الهند وباكستان في كشمير باسم “خط المراقبة” (LoC)، وهو خط عسكري وليس حدودًا دولية معترف بها.

FB IMG 1746578933334

محاولات السلام والهدن

رغم تصاعد التوترات، شهد النزاع فترات من الهدن والمفاوضات:

1. وقف إطلاق النار 1949

أُقرّ برعاية الأمم المتحدة بعد الحرب الأولى، وكان الأساس الذي بُني عليه خط وقف إطلاق النار.

2. اتفاق طشقند 1966

حاول هذا الاتفاق إعادة العلاقات بين البلدين بعد الحرب الثانية، لكنه لم يتطرق بشكل تفصيلي إلى قضية كشمير، مما أدى إلى استمرار التوترات.

3. اتفاق شِمْلا 1972

يُعد من أهم الاتفاقات الثنائية، حيث اتفقت الهند وباكستان على حل النزاع بشكل سلمي ومن خلال الحوار المباشر، دون تدخل دولي. ومع ذلك، لم ينجح هذا الاتفاق في إنهاء النزاع فعليًا.

4. قمة آغرا 2001 ومبادرة لاهور 1999

مثّلت هذه المبادرات محاولات حديثة لإعادة الحوار، لكن التوترات الميدانية، خصوصًا هجوم البرلمان الهندي عام 2001، والهجوم على مومباي عام 2008، عرقلت تلك المساعي.

تصاعد التوترات في القرن 21

شهد القرن الحالي تصعيدات متكررة:

– إلغاء الحكم الذاتي لجامو وكشمير (2019)

في أغسطس 2019، ألغت الهند المادة 370 من الدستور، التي كانت تمنح حكمًا ذاتيًا محدودًا لكشمير، ما أثار احتجاجًا واسعًا من باكستان والمجتمع الدولي. وردّت باكستان بطرد السفير الهندي، وعلّقت العلاقات التجارية، وأثارت القضية في الأمم المتحدة.

– الهجمات المسلحة و”الهند تتهم باكستان”

شهدت كشمير سلسلة من الهجمات المسلحة على القوات الهندية، خاصة هجوم بولواما عام 2019، الذي أسفر عن مقتل 40 جنديًا هنديًا. وردّت الهند بغارة جوية على ما قالت إنه “معسكر إرهابي” داخل الأراضي الباكستانية.

الاتحاد الأوروبي يبدأ “مسارا تاريخيا” في سياسة الدفاع: نحو مظلة أمنية مستقلة

الدور الدولي

رغم محاولات باكستان لجعل القضية دولية، تُصر الهند على أن كشمير مسألة داخلية. ومع ذلك، فإن الوضع في كشمير يحظى باهتمام:

  • الأمم المتحدة دعت إلى احترام حقوق الإنسان وإجراء استفتاء (لم يُنفذ قط).
  • الولايات المتحدة والصين تتابعان الوضع باهتمام، خصوصًا أن كلاً من الهند وباكستان تمتلكان أسلحة نووية.
  • منظمات حقوق الإنسان تثير القلق بشأن الانتهاكات في كلا الجانبين، خصوصًا في كشمير الهندية.

لماذا لا ينتهي النزاع؟

  1. البعد الديني: كشمير منطقة ذات غالبية مسلمة، والهند دولة ذات غالبية هندوسية، مما يُضفي على النزاع طابعًا دينيًا.
  2. الموقع الاستراتيجي: كشمير تُمثل نقطة تماس مهمة بين الصين، الهند، وباكستان.
  3. الهوية الوطنية: تُعتبر كشمير رمزًا للسيادة في كلا البلدين، وتُستخدم سياسيًا لتعزيز الخطاب القومي.

ما زال النزاع بين الهند وباكستان حول كشمير يهدد أمن واستقرار جنوب آسيا، رغم مرور أكثر من سبعة عقود على بدايته. وبين محاولات السلام وفترات الهدوء النسبي، يبقى الحل بعيدًا ما لم تُتخذ خطوات جادة من كلا الطرفين، تشمل احترام حقوق الإنسان، فتح حوار شامل، وإشراك سكان كشمير في تحديد مصيرهم.

إسبانيا بالعربي.

أخبار جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *