تسوية أوضاع المهاجرين في إسبانيا ستضخ في الاقتصاد أكثر من 1.5 مليار يورو سنويا
أكد الباحث في مؤسسة “بروكاوسا”، غونثالو فانخول، في مقابلة مع صحيفة “بوبليكو” الإسبانية أن تسوية أوضاع المهاجرين ستعود بالفائدة الاقتصادية الكبيرة على الخزينة العامة الإسبانية وصندوق الضمان الاجتماعي، وبالتالي ضمان ديمومة معاشات المتقاعدين التي يصرفها الصندوق. ودار الحوار استنتاجات تقرير أعدته مؤسسته حول فوائد الهجرة والفرص التي تضيع بسبب عدم تسوية أوضاع المهاجرين.
وفي سؤال للصحيفة حول ما إذا كانت التسوية الشاملة لأوضاع المهاجرين ضرورية بعد أن كانت آخر عملية تسوية شاملة قبل 15 سنة، رد الباحث غونثالو فانخول: “أعتقد أنها ضرورية. لكن عمليات التسوية، في النهاية، هي تصحيحات لنظام سيئ يدير ظهره للواقع، للدوافع الحقيقية للتنقل والهجرة التي، لا محالة، تخلق تجمعات من المهاجرين غير الشرعيين يتعين على الحكومات البحث عن حلول لها”.
وأضاف: “سيقولون إنها المرة الأخيرة التي تتم فيها تسوية أوضاعهم، ولن تتكرر تحت أي ظرف من الظروف، لكنهم يعلمون أن ذلك غير صحيح. في نهاية المطاف، عليهم توفير حماية المؤسسات العامة لهؤلاء السكان المهاجرين. عادة لأسباب اجتماعية واقتصادية، والآن لأسباب صحية أيضا”.
تسويات سابقة
وذكر الباحث الإسباني أنه كانت هناك العديد من التسويات واسعة النطاق خلال حقبة الديمقراطية الإسبانية. وفي فترة حكومة، فيليبي غونثاليث، تم إجراء عمليتان لتسوية أوضاع المهاجرين، بينما خلال تولي، خوسي ماريا أثنار، رئاسة الحكومة تم إجراء ثلاث عمليات لتسوية أوضاع المهاجرين، ومع ثاباتيرو، تم إجراء عملية لتسوية أوضاع المهاجرين شملت الآلاف. ويذكر الباحث، غونثالو فانخول، أنه “فقط في التسويات الثلاثة الأخيرة، تم منح حوالي مليون مهاجر وثائق الإقامة القانونية في إسبانيا”.
دراسة جدوائية التسوية
ويوضح الباحث أن الدراسة التي أجرتها مؤسسة “بروكاوسا” رصدت تطور تدفق المهاجرين مقارنة بمعدل البطالة في إسبانيا.
ويقول فانخول أنه “عندما يكون سوق العمل الإسباني ديناميكيا ويتم إنشاء فرص مثيرة للاهتمام للعمال الأجانب والوطنيين، تكون تدفقات الهجرة مكثفة. أما عندما تتغير الديناميكيات الاقتصادية وندخل فترات ركود، مثل الذي حدث بين عامي 2008 و2015، تنخفض التدفقات بشكل طبيعي لأسباب لا علاقة لها بسيطرة الحكومات”.
ويشير الباحث إلى أن تسعة من كل عشرة أشخاص يتنقلون حول الكوكب هم مهاجرون لأسباب اقتصادية، لذلك هناك حاجة إلى نظام أكثر مرونة يسمح للناس بالقدوم والذهاب بشكل طبيعي. “إن فرصة الازدهار في بلد المقصد هي العنصر الأساسي الذي يحدد مشروع الهجرة، وهنا يفشل نظام الهجرة لدينا بشكل واضح”.
هناك ما يقرب من نصف مليون شخص في وضع غير نظامي في إسبانيا. ماذا يعني هذا لاقتصاد البلد؟
يقول الباحث، غونثالو فانخول، “نتحدث دائما عن تقديرات غير دقيقة لأن الإحصاء غير مكتمل. هم بين 390.00 و470.00 مهاجر غير نظامي في إسبانيا. ومعلوم أن التواجد بطريقة غير نظامية هو مكلف بالنسبة للمهاجرين، كما يعني أيضا زيادة في الضعف ومخاطر أكبر. هم أكثر فئات المجتمع ضعفا. وينطوي ذلك أيضا على تكاليف مباشرة لمجتمعنا. في سياق الوباء، على سبيل المثال، على الرغم من أن لديهم الحق في الرعاية الصحية العامة، فإنهم يحاولون الابتعاد عن المؤسسات، فهم يخشون من الترحيل. ولكن قبل كل شيء، فإن عدم تسوية أوضاعهم تمثل فرصة ضخمة ضائعة. وهناك منافع كبيرة لم تتحقق نتيجة وجود العمال في وضعية غير قانونية”.
كم من الأموال تفقدها الخزينة العامة سنويا بسبب عدم تسوية أوضاع المهاجرين؟
“إنهم يقدمون بالفعل مساهمة في الضرائب والاستهلاك غير المباشر. لكن كل هذا يمكن أن يكون أكبر بكثير إذا سمحنا لهم بدفع ضرائب مباشرة والمساهمة في الضمان الاجتماعي. في هذه اللحظة، إذا أخذنا في الاعتبار مساهمتهم في الضرائب غير المباشرة وتكلفتها في الصحة والتعليم، فإنهم يكلفون الخزينة العامة حوالي 2000 يورو للفرد سنويا. إذا قمنا بتسوية أوضاعهم القانونية ومنحهم وثائق الإقامة، فسوف يقدمون مساهمة قدرها 3250 يورو للفرد سنويا في المتوسط. وهذا يمثل مساهمة صافية إيجابية قدرها 5000 يورو فقط كنتيجة للتسوية”.
العاملون في الاقتصاد الموازي
ويضيف الباحث الإسباني: “نحن نعلم حقيقة أنه من بين جميع الأشخاص الموجودين في وضع غير نظامي، هناك حوالي 300000 شخص يعملون في الاقتصاد الأسود. وإذا تم منحهم تصاريح الإقامة، فسيعني ذلك أكثر من 1.5 مليار يورو في السنة كمداخيل للخزينة العامة. سيكون عملا إيجابيا للغاية للاقتصاد الإسباني، دون احتساب الدوافع الأخلاقية والمعنوية للقيام بتسوية شاملة. ودون احتساب الجوانب الأساسية الأخرى حيث يمكن للأشخاص غير النظاميين تقديم مساهمة أكبر للمجتمع إذا كانت لديهم أوراق”.
فوائد أخرى
ويذكر فانخول أم إحدى الفوائد هي المكافأة الديموغرافية التي ستحصل عليها إسبانيا: “إنهم عمال شباب يساهمون كثيرا ولا يكلفون سوى القليل جدا في الصحة أو المعاشات التقاعدية أو نظام التعليم، لأنهم نادرا ما يستخدمونها. إنهم عمال مربحون للغاية من وجهة نظر ديموغرافية. ثانيا، يقدمون مساهمة أساسية من الناحية الاقتصادية. يسميها الاتحاد الأوروبي “القدرات الأساسية”، وهي القطاعات التي بدونها لا تستطيع الدولة أن تحافظ على نفسها. لقد ثبت أنها ضرورية بشكل خاص في سياق فيروس كورونا”، حسبت تعبير الباحث.
المهاجرون الأفارقة أصبحوا أقلية
ويقول الباحث أنهم حصلوا على استنتاجات غير متوقعة في التقرير الذي نشروه مؤخرا. “إن الجدل حول الهجرة في إسبانيا مهووس تماما بالحدود الجنوبية، لا سيما ما يحاول اليمين المتطرف توظيفه، لكن جزءً صغيراً جدًا من المهاجرين يدخول عن طريق الحدود الجنوبية الإسبانية. أربعة من كل خمسة أجانب لا يحملون وثائق في إسبانيا ينحدرون من أمريكا الوسطى والجنوبية، فنزويلا وهندوراس وكولومبيا على وجه الخصوص. وهؤلاء الأشخاص يصلون بشكل قانوني، كسياح، أو بتأشيرة عمل مؤقتة أو كطالبي لجوء يتم رفض طلبهم فيما بعد ويتم تركهم في حالات مخالفة للقانون.
ويضيف الباحث قائلا: “إن فكرة المهاجر من جنوب الصحراء الذي يقفز على السياج في سبتة أو مليلية أو يصل بالقارب هي فكرة استثنائية في السياق العام للهجرة غير النظامية. لكن النقاش العام يتركز هناك، على الحدود الجنوبية. وإذا نظرت إلى البيانات الخاصة بالهجرة غير النظامية من إفريقيا، فإن واحدًا فقط من كل عشرة مهاجرين غير شرعيين يأتي من هناك، ونصفهم من المغرب. جميع القادمين من إفريقيا هم أقل بثلاث مرات من معدل الهجرة غير النظامية في كندا والولايات المتحدة”.
لماذا تعتقد أن الحكومة الإسبانية مترددة في عملية التسوية؟
“لأن التسوية هي دائما مادة دسمة سياسيا. يجب على أي حكومة تواجه هذه العملية أن تثبت للسكان أن هناك حججا غير قابلة للاستئناف لتنفيذها. في حالة البرتغال، تم استخدام حجة صحية، وفي حالة إيطاليا، لأسباب اقتصادية، لمساهمتهم في قطف الفاكهة والخضروات. كانت كلتا العمليتين محدودتين، وهما أقل بكثير مما هو مأمول. لكنهما توضحان جيدا الصعوبات التي تواجهها الحكومة في إخطار الرأي العام بهذا الأمر. إذا قالت الحكومة الإسبانة إنه من الضروري تسوية أوضاع المهاجرين، فستواجه على الفور مجموعات كبيرة من السكان ضد هذا القرار بحجج مختلفة”.
تابعونا على
إنستغرام