الكثرة تغلب الشجاعة.. تعرف إلى قصة طومان باي
قدم طومان باي إلى مصر من بلاد الشركس، ثم قدمه الأمير قنصوة الغوري إلى سلطان مصر وقتها الأشرف قايتباي، الذي أمر بضمه إلى مماليكه، بعد أن تعلم الكتابة والحساب وتدرب على القتال والفروسية، ثم أعتقه الناصر محمد بن قايتباي.
عمل طومان باي في خدمة ثلاثة من سلاطين المماليك، هم الأشرف قايتباي، وابنه الناصر محمد، وقنصوة الغوري الذي وثق في طومان باي، وقربه وصار يسند إليه الوظائف والمهمات، حتى عينه في منصب نائب السلطنة، وأوصى بأن يتولى السلطنة من بعده.
في عهد قنصوة الغوري، كان توتر العلاقات قد بلغ أشده بين السلطان المملوكي في مصر، والسلطان العثماني سليم الأول، بعدما امتنع قنصوة الغوري عن تأييد العثمانيين أثناء صراعهم مع الدولة الصفوية.
كانت أبرز المعارك التي وقعت بين الجانبين موقعة «مرج دابق»، التي تلقى فيها المماليك هزيمة ساحقة، وقتل السلطان قنصوة الغوري مع آلاف الجنود.
تولى طومان باي الحكم حينئذ في أقصى درجات التدهور، ودولة المماليك في رمقها الأخير، وحاول طومان باي أن يصلح تلك الأوضاع، فعمل على إنشاء نظام قضائي للنظر في المظالم، وأمر بكف أيدي المماليك عن أذية العامة، كما حاول تطوير الجيش، فأمر بصنع البنادق والمكاحل، وأرهق الجنود في التدريب.
لكن الكارثة كانت قد تجاوزت قدرات طومان، خاصة مع تفشي الفساد إلى حد لا يمكن معالجته، وانحسار قدرات مصر الاقتصادية، وضعف أهميتها التجارية مع اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، والزحف العثماني الجارف الذي دق الأبواب
دارت بين جيوش طومان باي وسليم الأول معركة عظيمة في غزة في عام 922هـ، كان النصر فيها حليفًا للعثمانيين، ثم دارت معركة الريدانية في منطقة المطرية بالقرب من القاهرة، وانتصر فيها سليم الأول أيضًا.
بعد هذه المعركة، دخل العثمانيون إلى القاهرة، واستباحتها الإنكشارية مدة ثلاثة أيام، حتى أمرهم السلطان بالكف عن ذلك، ودُعي لسليم الأول على المنابر، لكن طومان باي وهو الفارس العنيد كان يأبى الاستسلام، فحاول مرة أخرى أن يدخل مع أتباعه خلسة إلى القاهرة.
أشعل النار في معسكر العثمانيين، الذين أخذوا على حين غرة ودام ذلك الهجوم أربعة أيام مالت كفة النصر فيها لطومان باي، لكن العثمانيين ما لبثوا أن استعادوا زمام المعركة، وقصفوا القاهرة بالبارود والبنادق، وانتقموا من المماليك أشرس انتقام.
حاول طومان باي الاختفاء بعد المعركة، لكن العثمانيين نجحوا في القبض عليه بعدما وشى به أحد شيوخ العربان، فسيق إلى سليم الأول مقيدًا على بغلة، فأمر بإعدامه، حيث أعدم شنقًا وعلقت رأسه على باب زويلة، ليسدل الستار على أحد أشجع السلاطين المماليك في مصر، وأسوأهم حظًّا.
ساسة / إسبانيا بالعربي.