اشترك في قناتنا على الواتساب
انقر هنا
دوليسلايدر

روسيا تُحدث ثورة في عالم الحرب باستخدام الطائرات المسيرة المتحكم بها عبر الألياف الضوئية

إسبانيا بالعربي ـ في المنطقة الحدودية بين محافظتي سومي وكورسك، على الحدود بين أوكرانيا وروسيا، تنتشر خيوط عنكبوت عملاقة من الأسلاك الدقيقة تشبه خيوط الصيد على قمم العديد من الأشجار. في هذه المنطقة تدور إحدى أكثر المعارك دموية في الحرب، وهي المكان الذي أدخلت فيه روسيا بقوة تكنولوجيا أحدثت ثورة في التكتيكات العسكرية في عام 2025: استخدام الطائرات المسيرة المفخخة المتصلة بالطيار عبر كابل من الألياف البصرية بشكل مكثف.

هذا الابتكار يمنع انقطاع اتصال هذه الأجهزة بواسطة ما يُعرف بـ”الحرب الإلكترونية”، أي الإشارات التشويشية الترددية. في كلا الجانبين، تحتوي العديد من المركبات والحواجز الدفاعية على هوائيات تبث إشارات ترددية تقطع الاتصال عن بُعد بين الطيار والطائرة المسيرة. لكن الألياف البصرية محصنة ضد ذلك.

كيف تعمل؟

طريقة عملها مبتكرة وبسيطة: تحمل الطائرة المسيرة بكرة تحتوي على الكابل الذي قد يتراوح طوله بين 5 إلى 25 كيلومترا. إذا تشابك الكابل خلال الطيران بعقبة مثل الأشجار، تستمر المركبة في التحليق لأن البكرة تواصل تحرير الكابل، والذي يظل متصلا بالطيار.

بدأت روسيا في دمج هذه الطائرات المسيرة بشكل تجريبي منذ عام، لكن الاستخدام لم يصبح مكثفا إلا في ديسمبر الماضي. سرعان ما حذت أوكرانيا حذوها، لكن مستوى إنتاجها ما زال متخلفا عن العدو. يتم رصد وجود هذه الطائرات على طول خط الجبهة، لكنها لعبت دورا حاسما بشكل خاص في كورسك حيث كادت تطرد القوات الأوكرانية من هذه المحافظة الروسية.

طائرة بدون طيار

هذا ما أكده عسكريون قابلتهم صحيفة “إل باييس” الإسبانية هذا الشهر في منطقة سومي الحدودية مع كورسك، وما تؤكده أيضا مقاطع فيديو عديدة تنشرها حسابات عسكرية روسية على وسائل التواصل الاجتماعي. معظم الطائرات المسيرة المستخدمة في الهجمات الروسية على القوات الأوكرانية المنسحبة في كورسك هي من النوع المتصل بالألياف البصرية، وليس فقط داخل الأراضي الروسية. تمكنت الصحيفة الإسبانية من التحقق، من خلال بقايا هجمات حديثة، أن مدى عمل هذه الأجهزة يصل حتى 15 كيلومترا داخل الأراضي الأوكرانية.

وقال ضابط رفيع المستوى في أجهزة استخبارات الجيش الأوكراني لصحيفة “إل باييس” في مارس في سومي: “الطريقة الوحيدة لإيقافها هي حماية الطرق اللوجستية بشبكات، لكن لا يمكنك تغطية طريق بشبكات تمتد لعدة كيلومترات”. رفض هذا العسكري، الذي أراد ذكر اسمه الأول فقط (رومان)، الكشف عن اسمه الكامل، وحذر من أن تكلفة هذه الطائرات المسيرة أعلى بكثير من المركبات التي يتم التحكم فيها عن بُعد بسبب الحاجة إلى دمج كيلومترات من الألياف البصرية والاسطوانة التي تحملها.

تكلفة بكرة الطائرات المسيرة

تحليل لوكالة “أوكرينفورم” الحكومية الأوكرانية في مارس الماضي ذكر أن متوسط تكلفة البكرة والألياف البصرية يقترب من 1000 يورو. يضاف إلى ذلك سعر الطائرة المسيرة، والتي في حالة أكثر الأنواع استخداما كقذائف (FPV – رؤية بالعين الأولى)، الموجهة بالكاميرا الأمامية، يتراوح بين 300 و600 يورو. قدّر رومان أنه قبل ثلاثة أشهر، بلغ متوسط تكلفة 25 كيلومترا من الألياف البصرية والبكرة حوالي 2000 يورو.

80% من الإنتاج العالمي للألياف البصرية موجود في الصين، وتؤكد “أوكرينفورم” أن وفورات الحجم تسمح بتخفيض سعر المتر من الكابل، لكن الجودة تتراجع في نفس الوقت. يعتقد رومان، الضابط في الاستخبارات الأوكرانية، أن الميزة لصالح روسيا لأن العبء المالي للتمويل العسكري يقع بالكامل على الدولة في الجانب الروسي، بينما تعتمد أوكرانيا بشكل كبير على التبرعات الخاصة لشراء الطائرات المسيرة.

خراطيش الرصاص

من بين مميزات الاستخدام الروسي للطائرات المسيرة بالألياف البصرية أنها تُسلّم لوحدات عالية التدريب. هذا هو الحال في كورسك، وكذلك في نقطة أخرى من الجبهة في معركة تشاسيف يار في منطقة دونيتسك. يتم توجيه هذه الطائرات المسيرة بواسطة فرق محترفة جدا تصل حتى مواقع المدفعية الأوكرانية على بعد 10 كيلومترات من العدو. يقول أندريه غوريتسكي، قائد بطارية في اللواء 26 للمدفعية الأوكرانية: “حتى أنها تستطيع الطيران بين صفوف الأشجار لتحديد ما إذا كانت مدافعنا هناك، وللأسف تسبب خسائر كبيرة”.

وفقا لهذا الضابط، ازداد وجود هذه المركبات بشكل كبير منذ فبراير في هذا القطاع من الحرب في دونيتسك. يضيف غوريتسكي أن الطريقة الأكثر فعالية التي وجدوها لإسقاط هذه الطائرات المسيرة هي باستخدام بنادق صيد تقليدية تطلق خراطيش رصاص، لأن الرصاصات الصغيرة تنتشر وتزيد فرص إصابة الهدف.

الطائرات المسيرة بالألياف على طول الجبهة

تسرع أوكرانيا وتيرة استخدامها لهذه التكنولوجيا، ويقول خبراء إنه مسألة وقت فقط حتى تصبح الطائرات المسيرة بالألياف البصرية مسيطرة على طول جبهة الحرب البالغة 2000 كيلومتر. هذا ما تنبأ به المقدم رومان كوزيف، رئيس القوات الطبية الأوكرانية لمحافظات الشرق، في مقابلة فبراير الماضي. يتابع كوزيف تفاصيل عمليات الطائرات المسيرة المفخخة في الحرب ويكشف أن في نقاط القتال الأكثر شراسة، ما يقرب من 60% من الجرحى ناتجون عن هجمات بطائرات مسيرة. ويشير إلى أنه لم يجد أي من الجانبين طريقة فعالة لإيقاف الطائرات المسيرة بالألياف البصرية.

درون
طائرة مسيرة

تقدم تكنولوجيا الهجوم

لكن أحد قوانين النظرية العسكرية هو أنه كلما تقدمت التكنولوجيا الهجومية، تتقدم الدفاعية أيضا. اعتمدت القوات الجوية الروسية بشكل كبير في تكتيكاتها لدعم تقدم مشاتها على ضرب الخطوط الأمامية للدفاعات الأوكرانية بقنابل موجهة جويا. كان هذا السلاح أحد الانتصارات التكنولوجية القليلة لروسيا في الحرب. لكن الأوكرانيين طوروا أنظمة ترددية تعطل الاتصال بالقنبلة، تشبه تلك المستخدمة ضد الطائرات المسيرة. والنتيجة هي أن عام 2025 شهد تراجعا سريعا في دقة القصف الروسي.

حذر كيريلو بودانوف، رئيس استخبارات وزارة الدفاع الأوكرانية، في ديسمبر 2024 من أن الطائرات المسيرة بالألياف البصرية “تمثل مشكلة ضخمة” لهم، وتنبأ بأنها ستكون السلاح الأكثر انتشارا في 2025. وقال: “علينا جميعا أن نتوحد لإيجاد حل تكنولوجي يواجه هذا العدد الكبير من هذه الأجهزة”. بعد ثلاثة أشهر، لا يزال لا يوجد ما يمكن أن يوقفها.

المصدر: إسبانيا بالعربي.

أخبار جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *