اشترك في قناتنا على الواتساب
انقر هنا
شؤون إسبانيةسلايدر

سانتانا: سيارة الدفع الرباعي التاريخية الإسبانية تعود الآن للحياة بفضل الصينيين

عندما نتحدث عن صناعة السيارات الإسبانية، لا يمكننا أن نغفل اسم سانتانا موتور. لعقود من الزمن، كانت هذه العلامة التجارية المتخصصة في صناعة سيارات الدفع الرباعي والمركبات الوعرة بمثابة أيقونة عالمية، وملأت موديلاتها شوارع أجزاء كبيرة من العالم. في الواقع، وصلت مكانتها إلى حد تزويد الجيش الإسباني بمركباتها، لكن مرور الزمن والمشاكل الاقتصادية أديا بها إلى الإغلاق. تاريخها يتسم بمزيج من الابتكار، والذكريات، وقبل كل شيء، التحولات في ملكيتها خلال فترتها الأخيرة. أصبحت الشركة رمزا للصناعة الإسبانية، وخاصة في منطقة الأندلس، لكنها تداولت بين أيدٍ مختلفة حتى اختفت وأصبحت جزءًا من تاريخ مضى، حيث كانت سيارات “Santana” تنتقل بسلاسة من طرق الأسفلت إلى المزارع. أو بالأحرى، كادت أن تختفي.


ولادة Santana

تبدأ حكاية Santana في مدينة خاين. بعد سنوات من عدم الاستقرار بسبب الحرب الأهلية وبداية سنوات الدكتاتورية، أطلقت الحكومة الفرانكوية في عام 1953 “خطة خاين”. كان الهدف من هذا المشروع هو تصنيع وتنمية هذه المنطقة وتوفير فرص عمل تتجاوز العمل في الحقول. وهكذا، في عام 1956، تأسست شركة “Metalúrgica de Santa Ana S.A.” في بلدة ليناريس بخاين، بهدف تصنيع الآلات الزراعية.

في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، أبرمت “Metalúrgica de Santa Ana” اتفاقا مع الشركة البريطانية Land Rover، وهو الاتفاق الذي غيّر مسارها بالكامل. بدأت الشركة في تصنيع السيارات، وبالتحديد سيارات الدفع الرباعي الكلاسيكية، التي لا تزال محفورة في ذاكرة عشاق السيارات. وصل عدد العاملين في المصنع إلى 5,000 عامل، مما جعله محركا صناعيا حقيقيا في الأندلس. كان العمال يطلقون عليه اسم “لا سانتانا” بشكل غير رسمي، وكان يمثل بالنسبة لمدينة ليناريس الرئة الاقتصادية والاجتماعية، حيث كان يبلغ عدد سكانها حوالي 60,000 نسمة خلال الستينيات. طرحت Santana في السوق بعضا من أشهر سيارات تلك الفترة في إسبانيا، مثل Land Rover Santana 109.


مورد الجيش الإسباني

عندما حلت الثمانينيات، وكان مصنع Santana في ليناريس قد تجاوز عدد العاملين فيه 3,000 شخص، عاشت الشركة على الأرجح لحظة أوجها. بدأت في تصنيع نسخها الخاصة، واكتسبت موديلاتها مكانة مرموقة. ومع ذلك، في عام 1989، أنهت علاقتها مع Land Rover بسبب مشاكل اقتصادية. كان عليها البحث عن استثمارات دولية، وعندها أبرمت اتفاقيات مع علامة تجارية عالمية أخرى هي Suzuki للدخول في شراكة.

في الواقع، وحتى العقد الأول من الألفية الجديدة، خرجت من مصنع ليناريس موديلات بارزة في السوق الأوروبية مثل Suzuki Santana (SJ410)، Samurai، و Vitara. يرى الكثيرون أن العلامة التجارية اليابانية دفعت Santana للأمام وسمحت للشركة الإسبانية بالانفتاح على أسواق أخرى. وصلت العلاقة بينهما إلى أن Suzuki امتلكت 83.75% من أسهم الشركة في عام 1993.

كانت سيارات Santana الوعرة تتناسب تماما مع متطلبات الجيش الإسباني. فقد كانت موديلات متينة، قوية، ذات جزء خلفي مصفح وحجم مناسب. ولهذا، أصبحت Santana أحد الموردين الرئيسيين للجيش الإسباني، حيث زودته بمركبات عسكرية أصبحت مألوفة في المناورات والعروض العسكرية والعمليات الدولية.

وفي هذا السياق، تبرز بشكل خاص Santana Aníbal، وهي سيارة دفع رباعي مبنية على الموديلات القديمة التي أصبحت المركبة الخفيفة للجيش في عام 2003. وفقا للسجلات التاريخية، تم توريد حوالي 1,700 وحدة من هذا الطراز. بالإضافة إلى ذلك، تم استخدامها من قبل قوات الشرطة وهيئات الحماية المدنية، نظرا لقوتها، وتكلفتها المعقولة نسبيا، وسهولة صيانتها.

كانت موديلات Santana مثالية للقوات المسلحة لأنها كانت قوية، متينة، وسهلة القيادة: وهي الخصائص المطلوبة للعمل الميداني. فقد جعلتها قدرتها على السير في التضاريس الصعبة ومقاومتها عوامل جذب لآلاف المزارعين ومربي الماشية الذين استثمروا في سيارة Santana. ولمزيد من المزايا، كانت هذه السيارات قابلة للتكيف مع الاحتياجات المختلفة للعمل، حيث كانت هناك موديلات بسقف قماشي أو بصندوق مفتوح.


أفول نجم Santana

في التسعينيات، بدأت المشاكل الاقتصادية الخطيرة تظهر، وفي عام 1995، افترق طريق Santana و Suzuki. أصبحت حكومة الأندلس المالك والمدير للشركة لما يقرب من عقدين. ومع ذلك، فإن نقص رأس المال وفشل المشاريع الجديدة مع شركات مثل Iveco و Fiat، أدى إلى زوال Santana.

في عام 2011، تم إغلاق مصنع “لا سانتانا”، الذي كان في ذلك الوقت المصنع الوحيد للسيارات الممول بالكامل برأس مال إسباني. تشير التقديرات إلى أن حوالي 2,000 عامل في مصنع ليناريس فقدوا وظائفهم، مما شكل نقطة تحول للاقتصاد في المنطقة، ولصناعة السيارات في إسبانيا بشكل عام.


الحاضر

عندما بدا أن مصير اسم Santana هو النسيان، عاد الاسم ليظهر من جديد. في عام 2025، أعلنت شركات Santana Motors S.L. و Zhengzhou Nissan و Anhui Coronet عن تحالف لإعادة إنتاج سيارات الدفع الرباعي في مصنع ليناريس. ستقدم الشركة الصينية متعددة الجنسيات تقنية متطورة مقابل العمل في أوروبا وتجنب الرسوم الجمركية للاتحاد الأوروبي.

أما فيما يتعلق بالنماذج، فالهدف هو إعادة وضع Santana كعلامة رائدة في سوق سيارات الدفع الرباعي من الجيل الأحدث. تتمثل خطتهم في إطلاق خيارات بمحركات ديزل بالإضافة إلى نسخ هجينة قابلة للشحن، والتي تحافظ على متانة سيارات الدفع الرباعي التقليدية، لكنها في نفس الوقت تدمج الموارد والابتكار من الشركة الصينية متعددة الجنسيات.

باختصار، بعد 14 عاما من إغلاقه، قد تعود Santana لتصبح اسمًا بارزا في صناعة السيارات، وفي نفس الوقت، قد تعود مدينة خاين لتنشيط اقتصادها بفضل الوظائف الجديدة التي ستوفرها. حتى الآن، من المتوقع خلق حوالي 200 وظيفة في قطاعي الإنتاج والإدارة. أكد إدواردو بلانكو، الرئيس التنفيذي لشركة Santana Motors، أنه سيكون هناك ثلاثة أو أربعة خبراء فقط قادمين من الصين في المصنع بأكمله، وأن هدفهم الوحيد هو التدريب. وأوضح أن المصنع سيوظف فقط السكان المحليين، الذين سيحصلون على أجور وظروف عمل تتماشى مع تلك المعمول بها في بقية إسبانيا.

إسبانيا بالعربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *