سحر إسبانيا

ليس كل حلم يولد لينتهي… فبعض الأحلام تولد لتُعاش.
بهذه الكلمات بدأ صديقي أحمد، الشاب الأردني الطموح، يسرد لي قصته. قصة لم تكن مجرد أمنية، بل مشروع حياةٍ بنته الطفولة، وتبنّته العزيمة، حتى صار واقعًا يُروى. منذ صغره، كان يحلم بإسبانيا؛ بلاد الحضارات، وعطر الأندلس، وسحر المدن التي تجمع بين عبق التاريخ ونبض الحاضر.
سنواتٌ من التخطيط، والدراسة، والطموح، أوصلته أخيرًا إلى قلب الحلم: مدريد، عاصمة إسبانيا، حيث بدأ رحلة أكاديمية وثقافية لا تُنسى.يصف أحمد إسبانيا بأنها ليست مجرد دولة، بل متحفٌ حي، وكتابٌ مفتوح.
في غرناطة، وقف مذهولًا أمام قصر الحمراء، تحفة معمارية إسلامية بقيت شاهدة على حضارة الأندلس.وفي قرطبة، تجوّل بين الأزقة القديمة التي يلتقي فيها الأذان مع أجراس الكنائس، في تناغمٍ ثقافي نادر. أما برشلونة، فقد أسرته بتصاميم المعماري الشهير “غاودي”، وخاصة كاتدرائية ساغرادا فاميليا، التي وصفها بأنها تشبه الحلم حين يصبح حجارة.
وعندما زار كوستا ديل سول في جنوب البلاد، شعر وكأنه في لوحة زيتية تتحرك. هناك، تتكلم الشمس، وتغني الأمواج، وتضحك السماء.لم تكن تجربة أحمد في إسبانيا سياحية فقط، بل كانت دراسية وثقافية بامتياز. التحق بإحدى الجامعات العريقة في مدريد لدراسة الإعلام، وهناك اكتشف بيئة تعليمية منفتحة ومتنوعة، تملؤها روح الإبداع والانفتاح على العالم.
كوّن صداقات من مختلف الجنسيات، وتعلّم كيف يُعبّر عن نفسه بلغة جديدة، ويناقش قضايا العالم بعينٍ ناقدة وذهنٍ واعٍ.وعن الحياة اليومية، قال لي ضاحكًا:”في مدريد، تعيش التفاصيل: تحتسي القهوة كأنها طقس مقدس، تستمع للموسيقى في كل زاوية، وتشارك الفرح مع الغرباء كما لو كانوا أصدقاءك منذ زمن.”لم يكن أحمد يحلم فقط بالسفر، بل بالانتماء إلى مكان يشعر فيه بالحيوية، والتجدد، والإلهام.
قال لي في نهاية حديثه: “تحقيق الحلم ليس صدفة، بل نتيجة لإيمانك به. واليوم، كلما مشيتُ في شوارع مدريد أو نظرت إلى قصر الحمراء، أتذكر الطفل الذي كنتُه… وأبتسم، لأنني أعيشه الآن.”
بقلم: -عاطف أبوحجر- الأردن