صحيفة إسبانية: لهذه الأسباب ستتكرر الأزمة مع المغرب في المستقبل حتى لو تم حلها الآن
اخبار اسبانيا بالعربي/ تعيش العلاقات الإسبانية المغربية حاليا أكبر أزمة دبلوماسية في التاريخ الحديث. إن استقبال زعيم جبهة البوليساريو، والموقف من قضية الصحراء الغربية أو العلاقات السيئة القائمة حاليا بين الحكومات، كل هذع العوامل كفيلة بإبقاء فتيل الأزمة مشتعلا على الرغم من أن الحكومة الإسبانية قد تسعى إلى التهدئة على المدى القصير، إلا أنه أمر لم يحققه في الوقت الحالي. ويجب أن يضاف إلى ذلك أيضا موقف الاتحاد الأوروبي، حيث لا يوجد اتفاق بشأن إدارة الهجرة، برغم كثرة النقاشات والمقترحات على الطاولة.
وتقول صحيفة “20 مينوتوس” أن الأسابيع الماضية كانت معقدة للغاية في العلاقة بين إسبانيا والمغرب. وفي 18 أبريل، بعد نشر الصحافة خبر وجود زعيم البوليساريو في مستشفى بمدينة لوغرونيو، رد المغرب بفتح الحدود مع سبتة لدخول زهاء 14 مهاجر إلى المدينة. منذ ذلك الحين، وعلى الرغم من هدوء تدفق المهاجرين، ظل التوتر سيد الموقف في العلاقات بين مدريد والرباط.
العلاقات السيئة بين الدولتين
كانت الأزمة الدبلوماسية هي القشة التي قصمت ظهر البعير بعد أكثر من ثلاث سنوات من التوتر الصامت في العلاقات الإسبانية المغربية. حكومتا البلدين لا تطيقان بعضهما البعض.
وقرر رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانتشيث، كسر التقليد غير المكتوب لزيارة البلد المجاور في أول رحلة خارجية لرؤساء الحكومات الإسبانية، وهو الأمر الذي فعله كل من سلفاه راخوي وثاباتيرو، على سبيل المثال. وقد بدأ ذلك بالفعل في إشعال الفتيل، الذي استمر وظهر للعلن بعد اعتراف رئيس الولايات المتحدة آنذاك، دونالد ترامب ، بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.
المياه الإقليمية
علاوة على ذلك، حاول البرلمان المغربي في يناير 2020 بالفعل جس نبض إسبانيا بشأن قضية الصيد البحري، من خلال إقرار قانونين لإعلان سيادته على مياه الصحراء الغربية وتوسيع حدودها المحيطية بالقرب من جزر الكناري. رفضت الحكومة الإسبانية في ذلك الوقت هذه الخطوة، لكنها لم تشأ التصعيد، لكن الحبل استمر في الشد. وتعتبر إسبانيا المياه الإقليمية للصحراء الغربية خاضعة لسلطتها، لكنها لم تخرج هذا الموقف إلى العلن قبل الأزمة الأخيرة، بعد تصريح وزير النقل ومسؤول التنظيم في الحزب الحاكم للتلفزيون العمومي أن بلاده تراقب وتسيطر على مياه الصحراء الغربية بوسائلها التكنولوجية، حيث لا تزال الأمم المتحدة تعترف لإسبانيا بإدارتها للإقليم.
سبتة مليلية
هما أيضا جزء من “الصراع”، على الرغم من أن المغرب لا يدعي ذلك علانية، لكنه يترك أدلة على أنه يريد السيادة على المدينتين. علاوة على ذلك، هناك انزعاج كبير في المغرب بشأن “التقارب الإسباني الأخير مع الجزائر”، بالنظر إلى أن حكومة بيدرو سانتشيث تحاول موازنة تحالفاتها في المنطقة” وتحاول “ليس فقط التركيز على صلاتها بالمغرب، كما أوضح الخبراء الذين تت نقلت آراءهم الصحيفة، لكنها تسعى إلى تعزيز علاقتها مع الجزائر”.
انفجرت هذه الأزمة الدبلوماسية بسبب قضية زعيم جبهة البوليساريو، لكنها كانت تختمر منذ فترة طويلة. تآكلت الثقة والعلاقات بين الدولتين في السنوات الأخيرة، وتدفع إسبانيا الآن “ثمن تهاونها في الدفاع عن مصالحها الإستراتيجية”، بينما ظل يمارس المغرب ضغوطا من خلال إحدى وسائل الضغط التي له اليد العليا فيها: مسألة الهجرة.
الهجرة كـ “ابتزاز”
“من غير المقبول مهاجمة الحدود بسبب التناقضات في السياسة الخارجية”. إن العبارة التي قالها بيدرو سانتشيث لتوبيخ المغرب على موقفه تفيد في معرفة إلى أين وصل الوضع. قررت الدولة المجاورة “مهاجمة” إسبانيا وفعلت ذلك مستخدمة الهجرة كابتزاز، لأن المرة الآن في ملعب المغرب: إن الحكومة المغربية هي التي يتعين عليها أن تقرر ما إذا كانت ستؤدي دورها في إدارة الهجرة أم لا، كما في محاربة الإرهاب أو الاتجار بالمخدرات، وهما مجالان رئيسيان للتعاون مع إسبانيا.
ومما زاد من توتير العلاقات مشاهد الشرطة المغربية وهي تفتح حرفيا بوابة تراخال الحدودية للمهاجرين ومنهم قاصرين دفعوا للعبور رغما عنهم وبجهل أسرهم. وبعد كل شيء، استطاع المغرب استخدام الهجرة للضغط على إسبانيا، كما أشار الخبراء. لقد اتخذوا خطوة أخرى في ردهم على قرارات الحكومة الإسبانية التي يبدو أنها أزعجت الرباط.
الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي
لا يتمتع الاتحاد الأوروبي بسلطات كبيرة في السياسة الخارجية، والتي تعتمد على الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة. وهذا يعني أن الاتحاد الأوروبي اضطر إلى الاستعانة بدول خارجية لإدارة هذه الحدود. المغرب مثال، لكن هناك مثال آخر أكثر وضوحًا هو تركيا، التي تم توقيع اتفاق معها في مارس 2016 للسيطرة على وصول اللاجئين.
ووافق الاتحاد الأوروبي على الدفع لتركيا وتسهيل التأشيرة للمواطنين الأتراك مقابل ترحيب تركيا باللاجئين فور وصولهم، بطريقة تمنعهم من العبور إلى اليونان. كانت الأراضي اليونانية هي المنطقة التي عانت من ضغوط الهجرة الأكبر خلال عام 2015.
وتتوقع الصحيفة أن تستمر العلاقات في التوتر طيلة السنوات المقبلة لأن الثقة قد فقدت ليس فقط بين إسبانيا والمغرب، بين الرباط وبلدان الاتحاد الأوروبي، حيث لم تعبر أي دولة أوروبية عن دعمها للمغرب خلال الأزمة بما في ذلك فرنسا، حليف الرباط في الاتحاد الأوروبي.
وستستمر الأزمة لسنوات، خاصة ذا علمنا أن الحكومة الإسبانية الحالية تدوم عهدتها إلى غاية عام 2023 وهو مؤشر على أن التوتر سيظل سيد الموقف.
وغابت المؤسسة الملكية الإسبانية عن المشهد بشكل كامل، حيث كانت هي الحاضن التقليدي للعلاقات بتدخلاتها في آخر لحظة لرأب الصدع، وهو الدور الذي كان يقوم به الملك السابق خوان كارلوس المنفي خارج بلده الآن في الإمارات والمتابع في قضايا فساد.
المصدر: 20 مينوتوس/ موقع إسبانيا بالعربي.