عبد الرحمن الناصر ثامن حكام الدولة الأموية في الأندلس.. كيف وصفه المؤرخون؟
أخبار إسبانيا بالعربي – يعتبر عبد الرحمن الناصر أو عبد الرحمن الثالث واحدًا من أقوى حكام الدولة الأموية في الأندلس إذ شهد عصره انتصارات وتوسعات للدولة التى أسسها جده عبد الرحمن الداخل، وقد ولد عبد الرحمن الناصر لدين الله في 11 يناير من سنة 891 ميلادية وتوفي في 15 أكتوبر 961 ميلاديه وهو ثامن حكام الدولة الأموية في الأندلس التي أسسها عبد الرحمن الداخل في الأندلس بعد سقوط الخلافة الأموية في دمشق، وأول خلفاء قرطبة بعد أن أعلن الخلافة في قرطبة في مستهل ذي الحجة من عام 316 هجرية، والمعروف في الروايات الغربية بعبد الرحمن الثالث تمييزًا له عن جديه عبد الرحمن بن معاوية “عبد الرحمن الداخل” وعبد الرحمن بن الحكم “عبد الرحمن الأوسط”.
حياته
عصفت بالإمارة في أثنائه الخطوب وتمزقت أوصالها ونضبت مواردها. اتهم والده بالاشتراك في مؤامرة ضد جده عبد الله، فسجنه والده، ومات هناك مقتولاً بيد أخيه المطرف بن عبد الله. ونال المطرف جزاءه بأن قتله أبوه عبد الله، واحتضن حفيده اليتيم عبد الرحمن بن محمد، وهو في المهد، وخصه بالرعاية دون غيره من أبنائه. وربما أقعده في بعض الأيام والأعياد مقعد نفسه لتلقي ولاء الجند، ورمى إليه وهو مريض خاتمه إبانة لاستخلافه، فتعلقت آمال أهل الدولة به ولم يشكّوا في مصير الأمر إليه. وكان جلوسه في سدة الحكم مكان جده من دون أعمامه وأعمام أبيه أمراً مستطرفاً غريباً، وكان عمره آنذاك ثلاثاً وعشرين سنة.
ولم ينازعه أعمامه وأعمام أبيه الخلافة لما كان يحيط بها من أخطار وكثرة الفتن والتمزق السياسي، حيث رفع كثير من ثوار البربر والمولدين راية الاستقلال عن قرطبة، مثل: جيان التي استقل بها موسى بن ذي النون، وببشتر معقل أسرة ابن حفصون المولدة، وإشبيلية مقر حكومة بني خلدون وبني حجاج، وبطليموس التي تحصن فيها عبد الرحمن بن مروان الجليقي، وباجة قلعة عبد الرحمن بن سعيد بن مالك.
استطاع عبد الرحمن الناصر إخماد التمردات الداخلية على سلطة الدولة، فاستعاد هيبة الدولة وبسط سلطته على كافة أنحاء دولته، بعد أن كانت سلطة الدولة قد انحصرت في عهد سابقيه في قرطبة ونطاق ضيق حولها.
استطاع عبد الرحمن الناصر تأمين حدود دولته الجنوبية عن طريق السيطرة على الموانئ المقابلة للأندلس في بر المغرب وتقديم الدعم المادي والعسكري لبعض أمراء المغرب لصد مساعي الفاطميين للتوسع غربًا.
وبفضل الاستقرار السياسي والمغانم العسكرية، انتعشت الأندلس في عهد الناصر اقتصاديًا وعسكريًا، مما جعل الأندلس وجهة للبعثات الدبلوماسية من أقطار مختلفة تسعى لخطب ود أو طلب الدعم من عبد الرحمن الناصر.
وقد وصفه ابن الأثير بأنه “رجل أبيض أشهل حسن الوجه عظيم الجسم قصير الساقين” وأضاف ابن حزم أنه كان أشقرَ هو وكل بنيه، ورغم شخصيته الجادة الحازمة، إلا أنه كان أديبا يهوى نظم الشعر، ويقرب الشعراء والأدباء، شغوفا باقتناء نفائس الكتب.
وقد كانت شخصية عبد الرحمن مثار إعجاب العديد من المؤرخين الغربين، فقد وصفه المستشرق دوزي قائلاً: «إن ذلك الرجل الحكيم النابه الذي استأثر بمقاليد الحكم، وأسس وحدة الأمة ووحدة السلطة معًا، وشاد بواسطة معاهداته نوعًا من التوازن السياسي، والذي اتسع تسامحه الفياض لأن يدعو إلى نصحه رجالاً من غير المسلمين، لأجدر بأن يعتبر قرينًا لملوك العصر الحديث، لا خليفة من خلفاء العصور الوسطى”.
شيدت في عهده مدينة الزهراء بسفح جبل يسمى “جبل العروس”، وقد بدأ استمر بناؤها ما يقرب من أربعين عامًا، وقد عهد عبد الرحمن الناصر لابنه الحكم بأمر الإشراف على بناء تلك المدينة من بعده.
المصدر: خزانة الأندلس / إسبانيا بالعربي.