كيف يتم الاعتراف بالشهادات الأجنبية ومعادلتها في إسبانيا؟
أدى عولمة سوقي العمل والأوساط الأكاديمية إلى جعل الاعتراف بالشهادات الجامعية الحاصل عليها من الخارج ضرورة ملحة. في إسبانيا، تُنظَّم هذه العملية على المستوى الوطني بموجب المرسوم الملكي رقم 889/2022 الصادر في 18 أكتوبر، والذي يوحد ويوضح إجراءات شهادات التعليم العالي. يُرسي هذا التشريع، الذي يلغي اللوائح السابقة، إطارا عصريًا يهدف إلى توفير اليقين القانوني للخريجين والمؤسسات وأصحاب العمل، مع التمييز بوضوح بين أغراض الاعتراف المختلفة. يتمثل هدفه الرئيسي في ضمان تقييم المؤهلات الأجنبية وفقا لمعايير العدالة والشفافية واحترام الاتفاقيات الدولية، مما يُسهِّل التنقل المهني والأكاديمي.
مسارات الاعتراف
يُقسِّم المرسوم الملكي المذكور مسارات الاعتراف إلى ثلاثة إجراءات أساسية، لكل منها غرض محدد. أولا، المصادقة، وهي الإجراء الذي يسمح للشهادة الجامعية الأجنبية بالحصول على نفس المكانة المهنية للشهادة الإسبانية المعادلة، مما يُمكِّن حاملها من ممارسة مهنة مُنظَّمة في إسبانيا، مثل الطب أو الهندسة المعمارية أو القانون. ثانيا، يُثبت إعلان المعادلة المستوى الأكاديمي للمؤهل (بكالوريوس، ماجستير، أو دكتوراه) لأغراض التدريس أو البحث أو الالتحاق بالنظام التعليمي، دون أن يمنح بالضرورة الحق في ممارسة مهنة منظمة. أخيرا، يشير التصديق إلى الاعتراف الجزئي بالدراسات الأجنبية، حيث يُصادق على مواد أو وحدات دراسية محددة لتمكين الطلاب من مواصلة أو إكمال دراساتهم الجامعية في مؤسسة تعليمية إسبانية.

بالنسبة لمواطني الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية وسويسرا، تخضع عملية الاعتراف المهني أيضا لمبادئ حرية تنقل العمال والمهن. ينطبق التوجيه 2005/36/EC، بشأن الاعتراف بالشهادات المهنية، بشكل مباشر، حيث يُنشئ آليات مثل الاعتراف التلقائي لبعض المهن أو إجراء اعتراف قائم على التعويض (مثل فترة تأهيل أو اختبار كفاءة) عند وجود اختلافات جوهرية في التدريب. يُعطي هذا الإطار الأوروبي الأولوية للتنقل داخل السوق الموحدة، مما يُلزم السلطات الإسبانية بتقييم الطلبات بسرعة وتبرير أي رفض.
وزارات مختلفة
لا تتركز إدارة هذه العمليات في جهة واحدة، بل تقع ضمن اختصاص وزارات مختلفة بحسب المهنة أو مجال الشهادات الجامعية. فعلى سبيل المثال، تتولى وزارة التعليم والتدريب المهني والرياضة مسؤولية الاعتراف بمؤهلات التعليم العالي ومعادلتها بشكل عام، بينما تتولى وزارات أخرى، كوزارات الصحة والعدل والنقل، مسؤولية المهن الخاضعة لتنظيمها. وعلى وجه التحديد، تتولى وزارة العلوم والابتكار والجامعات مسؤولية الاعتراف بمؤهلات أساتذة الجامعات والباحثين، وهو مجال بالغ الأهمية لتدويل الجامعات الإسبانية واستقطاب الكفاءات البحثية.
وبهدف واضح هو تبسيط إدارة هذه العملية التي كانت تاريخيا معقدة وبطيئة، وزيادة كفاءتها، صدر القرار الوزاري بتاريخ 23 أكتوبر 2024. ويقدم هذا القرار تعليمات مفصلة حول الإجراءات الإدارية المتعلقة بطلبات الاعتراف بالشهادات ومعادلتها. من أبرز إنجازات هذا النظام تشجيع التقديم الإلكتروني، وتوحيد متطلبات الوثائق، وتوضيح المواعيد النهائية للإدارات العامة، وتحسين التنسيق بين الوزارات. ويمثل هذا النظام جهدا ملموسا لتحديث الإدارة والاستجابة للطلب المتزايد في عالم يزداد ترابطا.

تحقيق التوازن
وختاما، يسعى الإطار التنظيمي الإسباني للاعتراف بالشهادات الأجنبية، الذي أُنشئ بموجب المرسوم الملكي رقم 889/2022 وجرى تعديله بموجب أمر أكتوبر 2024، إلى تحقيق التوازن بين حماية معايير الجودة في النظام التعليمي والمهني الإسباني وتيسير التنقل الدولي. ويُشكل التمييز الواضح بين المصادقة والمعادلة والتصديق، إلى جانب الإجراءات الخاصة بمواطني الاتحاد الأوروبي والالتزام الأخير بالكفاءة الإدارية، نظاما في تطور مستمر. ويُعد تطبيقه الصحيح أساسيا لدمج المواهب العالمية، وتعزيز القدرة التنافسية، والوفاء بالالتزامات المقطوعة على الصعيدين الأوروبي والعالمي في مجال التعليم العالي.
إسبانيا بالعربي.












