اشترك في قناتنا على الواتساب
انقر هنا
دولي

كيف يضع التوجه الاستبدادي للرئيس ترامب الولايات المتحدة على شفا أزمة دستورية

إسبانيا بالعربي ـ أعلن دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية أنه إذا فاز بالانتخابات، سيكون “ديكتاتورا في اليوم الأول”. ومنذ عودته المنتصرة إلى البيت الأبيض، كرّس الرئيس الأمريكي جهوده لدفع حدود السلطة التنفيذية إلى أقصى حد، متجاوزا الصلاحيات التشريعية عبر سيل من القرارات الرئاسية، وتحديا صارخا للقضاة. يُنظر إلى هذا الانحراف السلطوي على أنه يهدد بإثارة أزمة دستورية، ويعرض نظام الضوابط والتوازنات الذي ميّز الديمقراطية الأمريكية على مدار 250 عاما للخطر.

صراع السلطات

تصاعدت حدة الصراع بين السلطات الأسبوع الماضي، عندما استخدم ترامب قانونا يعود إلى القرن الثامن عشر، يُطبّق في أوقات الحرب، لترحيل المهاجرين دون ضمانات قانونية، كما وعد خلال حملته. وأصدر القاضي الفيدرالي جيمس بويسبيرغ أمرا بوقف ترحيل مئات الفنزويليين إلى السلفادور، حيث تم سجنهم فور وصولهم من قبل حكومة نجيب بوكيلي. ومع ذلك، لم يتم إيقاف الترحيل، ورد ترامب بمطالبة الكونغرس بمحاكمة القاضي سياسيا (عزل) لإقالته من منصبه.

في تغريدة مليئة بالحروف الكبيرة، هاجم ترامب القاضي بويسبيرغ واصفا إياه بـ”القاضي المجنون من اليسار المتطرف”، واتهمه بأنه “مثير للفتن” تم تعيينه من قبل باراك أوباما. وأشار ترامب إلى أن فوزه الانتخابي يضعه فوق القانون والقضاة، مما أثار رد فعل رئيس المحكمة العليا الأمريكية، جون روبرتس، الذي دافع عن استقلالية القضاء. وأكد روبرتس أن “العزل ليس ردًا مناسبا للاختلاف مع قرار قضائي”.

تصاعد التوترات بين السلطات

خلال الأسبوع الماضي، لعب محامو إدارة ترامب لعبة القط والفأر مع القاضي بويسبيرغ، الذي يحاول تحديد ما إذا تم تجاهل أمره. كما أشار قاضٍ من رود آيلاند إلى أن الإدارة ما زالت تحتفظ بأموال فيدرالية تنتهك أمرًا قضائيا سابقا. يُعتبر الصراع مع السلطة القضائية حول قضايا الترحيل أحدث حلقة في سلسلة من الإجراءات التي اتخذها ترامب على مدار شهرين، والتي شملت إصدار أوامر تنفيذية مشكوك في دستوريتها، ومحاولة إنهاء حق المواطنة بالميلاد، وتجميد أموال وافق عليها الكونغرس، وتجاهل قوانين سارية، وإقالة مفتشين عامين ورؤساء وكالات مستقلة دون اتباع الإجراءات القانونية.

تحذيرات من أزمة دستورية

حذر خبراء قانونيون من أن تصرفات ترامب قد تؤدي إلى أزمة دستورية. وأشار أليكس كيسار، أستاذ التاريخ والسياسة الاجتماعية في جامعة هارفارد، إلى أن “الأشهر الأولى من إدارة ترامب قد تشكل الهجوم الأكثر خطورة على سيادة القانون في الولايات المتحدة منذ عام 1861”. وأضافت جيسيكا سيلبي، أستاذة القانون في جامعة بوسطن، أن “تحدي ترامب الصريح للقوانين والقرارات القضائية يضعنا على شفا أزمة دستورية”.

رسالة من أكاديميين قانونيين

وقّع أكثر من 1000 أكاديمي قانوني من جميع أنحاء البلاد على رسالة تنتقد الإجراءات غير الدستورية لترامب. وجاء في الرسالة: “نعتقد أننا نواجه أزمة دستورية. الرئيس وقع على سلسلة من الأوامر التنفيذية التي تتجاوز سلطته الدستورية أو القانونية”. وأكد الموقعون أن “القانون ليس ما يقوله ترامب. إنه ليس ملكا”.

تحدي القرارات القضائية

ادعت إدارة ترامب أن السلطة القضائية هي التي تتجاوز حدودها، وليس الرئيس. وهناك أكثر من مئة إجراء تم الطعن فيه أمام المحاكم، وتم تعليق أكثر من عشرة قرارات تنفيذية بشكل مؤقت. ومع ذلك، عندما سُئل ترامب في مقابلة مع قناة فوكس نيوز عما إذا كان سيتحدى أمرا قضائيا، أجاب: “لا، لا يمكنك فعل ذلك”. لكنه أضاف: “لدينا قضاة سيئون. في مرحلة ما، يجب أن نبدأ في التفكير فيما يجب فعله عندما يكون لديك قاضي غير نزيه”.

استقلالية القضاء تحت التهديد

على الرغم من أن القضاة الفيدراليين الذين أوقفوا إجراءات ترامب تم تعيينهم من قبل رؤساء من كلا الحزبين، إلا أن ترامب واصل هجومه على استقلالية القضاء. وفي عام 2018، دافع رئيس المحكمة العليا جون روبرتس عن استقلالية القضاة بعد هجوم ترامب على قرار قضائي يتعلق بسياسة اللجوء. وقال روبرتس: “ليس لدينا قضاة أوباما أو قضاة ترامب. لدينا مجموعة استثنائية من القضاة المتفانين الذين يفعلون ما بوسعهم لتحقيق العدالة”.

مستقبل الديمقراطية الأمريكية

يُعتبر توسيع ترامب لصلاحياته التنفيذية سمة مميزة لفترته الرئاسية الثانية. ويحذر خبراء من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تراجع ديمقراطي خطير. وقال ستيفن ليفيتسكي، عالم السياسة في جامعة هارفارد ومؤلف كتاب “كيف تموت الديمقراطيات”، إن تصرفات ترامب تشبه تلك التي اتخذها قادة سلطويون مثل هوغو شافيز وفيكتور أوربان ورجب طيب أردوغان. وأضاف: “لم أرَ شيئا مثل هذا من قبل. هذه الأشهر الأولى كانت أكثر استبدادًا من أي حالة أخرى شهدتها”.

تحدي الدستور الأمريكي

تُظهر تصرفات ترامب الأخيرة تحديًا صارخا للدستور الأمريكي ونظام الضوابط والتوازنات. مع استمرار الصراع بين السلطات، يبقى مستقبل الديمقراطية الأمريكية على المحك، مما يستدعي يقظة وطنية ودولية لضمان احترام سيادة القانون والحفاظ على المبادئ الديمقراطية التي تأسست عليها الولايات المتحدة.

المصدر: إسبانيا بالعربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *