ماذا تعرف عن أول هجوم “جهادي” في إسبانيا قبل 40 عاما؟ كان يستهدف جنودا أمريكيين
إسبانيا بالعربي ـ في الذاكرة الجمعية الإسبانية، قد لا يحتل هجوم مطعم “إل ديسكانسو” مكانة بارزة، لكنه ظل جُرحا نازفا في قلوب أقارب الضحايا الـ 18 الذين قضوا في هذا الهجوم الإرهابي الذي يُكمل 40 عاما هذا السبت. حتى اليوم، لم يُحلّ اللغز، ولم يُعتقل أي مشتبه به، ولم تُقام محاكمة واحدة.
تفاصيل الهجوم الذي غيّر تاريخ الإرهاب في إسبانيا
في مساء 12 أبريل 1985، انفجرت قنبلة في هذا المطعم القريب من قاعدة تورخون دي أردوز الجوية (شرق مدريد)، مما أسفر عن تدمير المبنى ومقتل 18 شخصا وإصابة أكثر من 80. كان الهجوم أول عمل إرهابي جهادي في إسبانيا، والأكبر آنذاك، قبل أن يتفوق عليه هجمات هايبركور (1987) و11 مارس (2004).
مطعم “الراحة” اليوم: إرث من الألم والنسيان
رغم الدمار، ما زال المطعم قائما. يُدار الآن بواسطة زوجين رومانيين، بينما يرفض المالك الحالي التعليق. في صباح هذا الجمعة، وضعت حكومة إقليم مدريد باقات زهور على جداره إحياءً للذكرى. وقال مستشار الرئاسة في الإقليم: “سنظل بجانب الضحايا ولن نسمح بأن يُنسى هذا الحدث”.
أُعيد بناء المطعم عام 1986 بكلفة 60 مليون بيزيتا (حوالي 360 ألف يورو)، بتمويل من المالك القديم — رجل أعمال أستوري لم يُغطّ تأمينه الأضرار الإرهابية. وعاد ليفتح أبوابه في 3 يونيو 1986، مقدما نفس الأطباق الأمريكية الشهيرة: أضلاع الخنزير والستيك بالصلصة.
لماذا “إل ديسكانسو”؟ الجهادية والصراع السياسي
كان المطعم مقصدا للجنود الأمريكيين من القاعدة الجوية القريبة، مما جعله هدفا للجهاديين. وكشفت تحقيقات لاحقة أن القنبلة وُضعت في حقيبة رياضية على المنضدة، وأن المنفذ هرب قبل الانفجار.
في بيانٍ نُشر بعد أسبوع، ادعت جماعة “الجهاد الإسلامي” المسؤولية، مُعلنة:
“الإسلام مستعد. إسبانيا وإيطاليا هما أول الأهداف. هجوم مدريد بداية الحرب المقدسة. الموت لأمريكا!”
كما ربط المحققون الهجوم بـ:
– زيارة رئيس الولايات المتحد الأمريكية رونالد ريغان المقررة بعد أيام.
– الاستفتاء على بقاء إسبانيا في حلف الناتو (1986).
– استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
إخفاقات التحقيق وإرث الضحايا
رغم أن شاهدا تعرف على مصطفى ست مريم (مؤسس تنظيم القاعدة في إسبانيا) كمنفذ، أُغلقت القضية عام 1987 لـعدم كفاية الأدلة.
الآن، تُحيي مؤسسة ضحايا الإرهاب الذكرى بمعرض “40 عاما على أول هجوم جهادي جماعي في إسبانيا” في مقر الحكومة بمدريد. يعرض الصور وتسجيلات لشهادات مثل:
– فيكتور بافون (3 أعوام حين فقد أمه).
– كريستينا سالادو (أرملة أحد الضحايا وناجية من الهجوم).
انتقد الناجون “التخلي المؤسساتي” طوال 40 عاما، قائلين:
“جُرحنا نُسِيَ بعد 11 مارس 2004… لكننا لن ننسى“.
لماذا هذه القصة مهمة اليوم؟
– أول جريمة جهادية في أوروبا سبقت أحداث 11 سبتمبر بعقود.
– نموذج لإخفاقات مكافحة الإرهاب قبل عصر الإنترنت.
– رسالة حول ذاكرة الضحايا التي لا تُمحى، حتى لو نسيها العالم.
هذا الهجوم ليس مجرد حدث تاريخي، بل تحذير من أن الإرهاب يضرب حيث لا يُتوقع، وأن العدالة قد تظل غائبة.
المصدر: إسبانيا بالعربي.