مُنَقباتُ بلدة بِشر Vejer الأندلسية و جذور النقاب بإسبانيا
أخبار إسبانيا بالعربي – لما فرض الأدب الرومانسي ذاته في العقد الثالث من القرن التاسع عشر أصبح الموضوع المورسكي “الموضوع الموضة” في الأدب الأوربي و غدت إسبانيا البلد المُحتضن بامتياز لهذا الإرث التاريخي. العديد من الرحالة، و على رأسهم الإنجليزي ريتشارد فورد (1796-1858)، قطعوا إقليم الأندلس طولا و عرضا بحثا عن الأثر العربي. خلال رحلته الأندلسية ما بين 1830 و 1833، أقام فورد في طريقه من قادش إلى الجزيرة الخضراء, في “النُزل البئيس” المدعو باركا Barca و منه شاهد بلدة بِشر الحدودية Vejer de la Frontera التي وصفها ك”مرآة لمدينة مُسلِمة تتسلق بمشقة ربوة عالية منحدِرة”. لكن الرحالة الانجليزي واصل مسيره إلى جبل طارق Gibraltar دون التوقف في بلدة بِشر.
حين مروره بطريف Tarifa أثارت إعجابه تلك النساء “اللواتي يُضرب المثل بظرافتهن و تمايلهن” و “بطريقتهن الغريبة و الشرقية في وضع الطرحة”. في مرشانة Marchena كان يلمح أيضا “مُنقبات” Tapadas يضعن الطرحة وفق الطريقة المسلمة “التي تعتمد على عدم إظهار إلا عين واحدة, تَخِزُ مع ذلك و تَنفُذُ و تبزُغُ من الحجاب الداكن مثل نجمة، فيتركزُ الجمالُ كُلُّهُ في بؤرة نور وحيدة ذات معنى”.
لو زار ريتشارد فورد بلدة بشر الحدودية (بقادش) و جال في أزقتها خلال رحلته عام 1832 لكان قد خرج بوصف ثمين لتلك النساء المنقبات، ففي الواقع كانت بِشر آخر البلدات الأندلسية التي ظلت المرأة ترتدي فيها اللحاف و التنورة وفق الطريقة التي وصفها فورد في مرشانة و طريف، و هو لباس حافظ على كامل مقوماته حتى منعته السلطات الجمهورية عام 1931.
بِشر و الشاون: بين التاريخ و الأسطورة
لما انتشرت ما بين 1940 و 1950 هوية لالة الزوهرة (السيدة الزهراء)، الزوجة البِشرية لمولاي علي بن راشد، مؤسس الشاون, أشعلت العلاقة بين بِشر و الشاون روح الإبداع في الخيال الشعبي ما أنعش كل أنواع الأساطير حول اللباس النسوي لهاتين البلدتين، على غرار ما ورد في صحيفة “أخبار إسبانية” Actualidad Espanola عام 1956 (كان شمال المغرب آنذاك ما يزال يخضع للحماية الإسبانية): “الشاون اليوم هي فعليا آخر معقل في منطقتنا المغربية التي تمشي النساء فيه منقبات بكل وثوق. و هذا أمر يحيلنا لمُفارقة غريبة. ففي الوقت الذي كان قد اعتاد فيه أولئك الذين جلبوا لإسبانيا عادة تغطية النساء لوجوههن على عدم تغطيته أمام الناس, كانت نساء بلدة إسبانية صغيرة (بِشر) لا تزلن مُنقبات. و المكان الوحيد في المغرب حيث لاتزال هذه العادة محفوظة بحزم هو ذاك الذي حكمته لأول مرة حاكمة إسبانية تنحدر من تلك البلدة القادشية. بهذا تُعيدُ إسبانيا لإفريقيا – كما في لعبة خلع الملابس – الوشاح الذي سلمته لها إفريقيا ذات يوم”.
في هذا الاقتباس المُطول و في بقية المقال توجد مكونات الأسطورة: الحجاب كلباس يغدو و يروح و مطابقة الحايك الشاوني بلباس اللحاف Manto و التنورة Saya البِشري, معطيات تُقَدَّمُ اليوم على أنها حقائق تاريخية بينما هي ليست سوى بدعة أدبية ظريفة.
عام 1975 تطرق أنطونيو موريو كريسبو Antonio Morillo Crespo للهوية الشكلية ل”الحجاب الأسود في بشر و الأبيض في الشاون”. عام 1987 ذهب خوان أنطونيو غارسيا كاسترو Juan Antonio Garcia Castro إلى أبعد من ذلك عندما أشار إلى أن اللباس البِشري كان إسلاميا من دون شك, و كان يدعم رأيه ب”التوازي الأسلوبي لزي الحجاب مع بعض أنواع اللباس القديمة و الحالية لشمال إفريقيا, كالشاون مثلا, حيث اللباس متشابه للغاية إذا استثنينا لون القماش الأسود”.
الحجاب النسوي في شمال إفريقيا: الحايك الشاوني
هل فعلا الحايك الشاوني هو نقل أسلوبي للحجاب البشري؟ أم على العكس من ذلك تماما، الزي البِشري مختلف قطعا عن اللباس المغاربي؟ هل يمكن الحديث عن روابط ثقافية و فلكلورية متعددة بين بِشر و شمال إفريقيا خلال القرنين 14 و 15، و هي الفترة التي تبلور فيها الحجاب؟ الفحص المُتأني لهذه الاستفسارات سيقودنا من دون شك لوضع مسألة التأثير المشرقي في حدودها الصحيحة.
تتبع المرأة الشمال إفريقية الموضة الشرقية و تعاليم القرآن, فتلُفُ جسمها و تغطي وجهها عند خروجها إلى الشارع. لكن يُمكن ملاحظة وجود الحجاب النسوي في عصر ما قبل الإسلام في معظم بلدان الحوض المتوسطي من شرقه إلى غربه, لهذا تبدو لنا فرضية التبعية المباشرة للحجاب البِشري للثقافة الإسلامية الشمال إفريقية واهية شيئا ما. فالديانة الإسلامية قامت بتعزيز عادات سابقة. من بين الأزياء التقليدية للبلاد المغاربية يبرز الحايك و المَلاَفَة.
أصل عبارة “الحايك” الفعل العربي “حاك”، أي نسج، و منه اشتق اسم “الحايك” الذي يعني في نفس الآن الناسج و المنسوج. لا توجد أي إشارة قشتالية قديمة لهذه العبارة التي دخلت للغة الإسبانية تحت اسم Haik, Hayke و Haique في منتصف القرن الماضي. الحايك هو قماش من قطعة واحدة من دون تطريزات, يكون من الصوف, النسيج السادة أو الخيط الرقيق، أبيض اللون و ذو أبعاد فسيحة يُحيط بكامل الجسم. في جنوب المغرب, و تحديدا مدينة تارودانت، تلتحف النساء بقماش شبيه بالحايك, خيوطه زرقاء داكنة أو سوداء, يطلق عليه هناك اسم “تملحافت”. بالنسبة للمستعرب الهولندي دوزي يرتبط الحايك و تملحافت “بالأزياء الريفية و البدوية التي سبقت أسلمة البلاد المغاربية”.
حسب المؤرخة الأندلسية خواكينا البراثين Joaquina Albarracin هناك نوعان من الحايك: الحايك بأبعاد متر في ثلاثة أمتار, و الحايك بأبعاد متر و نصف في خمسة أمتار. الحايك الأخير ذور الأبعاد الفسيحة كان الأكثر استعمالا حتى فترة قريبة قبل أن يترك المجال للحايك الأضيق أبعادا و الأكثر ملاءمة لأداء الأشغال اليومية. تتنوع طُرق وضع الحايك و تختلف من منظقة لأخرى, ففي الشاون يتم وضعه على الوجه التالي: يتم طي الحايك بشكل يغطي أسفل اليدين إلى الكعبين. يُؤخدُ أحد أطراف الحايك من جهة الظهر فوق الكتف الأيسر و يُربطُ مشكلا عدة طيات. يتم طي الطرف الآخر لتعديل العلو و يُربطُ في عقدة كبيرة شبيهة باليُسرى مشكلا طية كبيرة. كلتا اليدين تحملان طرفي الحايك إلى الرأس, بحيث لا تبدو سوى عين واحدة.
الملحفة هي نوع من الأزياء التقليدية في شمال المغرب و في الأندلس الإسلامية. في قاموس اللغة الإسبانية نجد عبارة Milhafa، و هي كلمة ذات أصل عربي “مِلحفة” من فِعل لحف، أي “غطى”. و هو قماش من الصوف، النسيج السادة أو الخيط، أبيض اللون على العموم و أبعاده أضيق من أبعاد الحايك، كما يتميز عنه بطريقة ارتدائه. توضع الملحفة على الرأس و يُمرر أحد أطرافها تحت اليد المخالفة للجهة القادم منها. يُمرر الطرف الآخر من أمام الوجه و يُرخى على الكتف، فيحجب بذلك الوجه، و إن كان بصورة أقل حزما من الحايك.
كما نرى الحايك و الملحفة يختلفان في طريقة ارتدائهما عن الحجاب البِشري, و إن كانت الملحفة لها بعض نقاط التشابه مع الحجاب البشري لكنها غير كافية لتجعل من الملحفة مصدره. على كل الحال, العامل المشترك بين هذه الأزياء (الحايك، الملحفة و الحجاب الروماني) هو عودة أصولها إلى حجاب فترة ما قبل الرومان في ضفتي المتوسط.
الزي القشتالي: المانتو Manto (لحاف) و التنورة Saya.
اللحاف Manto و المنقبات Tapadas.
اشتُقت عبارة “مانتو” Manto (لحاف) من الكلمة اللاتينية Mantellum, أصل العبارة اللاحقة Mantum و التي تعني في نفس الوقت زيا يُلبس, قماشا يُلتحف و فوطة. في القرون الوسطى المبكرة, كانت النساء القشتليات يحجبن أنفسهن بلحاف أسود, أو رمادي داكن أو بُني, ذو أبعاد فسيحة يتدلى حتى الركبتين. إلى حدود القرن الخامس عشر كان اللحاف يُقَصَّر بشكل متصاعد و يُخاط بحرير ملون وفق العادة المورسكية.
في القرن الذهبي, كثيرة هي روايات “كوميديا السلهام و السيف” التي أسهبت في ذكر نساء منقبات. كالمقطع الذي ذكره الـأديب كيفيدو Quevedo: “كانت تأتي امرأة فاتنة تحمل في طريقها الأعين التي كانت تنظر إليها و تاركة القلوب مليئة بالأشواق. كانت تمشي في لا مبالاة مُتصنعة تُخفي وجهها عن الناظرين إليها و تكشفه لمن كانوا ظَرفين. كانت تظهرُ مرة بالحجاب Velo، و مرة بالغطاء Tejadillo. مرة كان وجهها يظهرُ فيومض فجأة بهزة للِحاف Manto، و مرة تتشبه بالبوصلة فلا تُظهر إلا عينا واحدة, و مرة تُغطي نصف وجهها و تكشف جزءا من خذها”.
كانت الحشمة تقتضي آنذاك ألا تخرج النساء المتزوجات و الأرامل للشارع أو للأماكن العامة دون أن يرتدين اللحاف Manto. هذا اللباس كان منتشرا في إسبانيا حتى القرن الثامن عشر, و في الأماكن النائية إلى حوالي القرن العشرين.
مع ذلك، منعُ ارتداء اللحاف Manto هو قديم بنفس درجة قِدم انتشاره، و كان سبب منعه هو نفسه في كل العصور: النقاب كان يُستعمل أحيانا لممارسة أنشطة غير مشروعة و إجرامية. المقاومة الشعبية لهذا المنع كانت عنيدة, و لم تُفد في شيء الإجراءات القانونية ضد اللحاف Manto التي اتخذها الامبراطور الإسباني فليبي الثاني عام 1586 و نجله الإمبراطور فليبي الثالث عام 1610.
في كوميديته “الباسكي المُتظاهر” El Vizcaino fingido أورد سرفنتس حوارا نسائيا بين بريخيدا Brigida و كرستينا. تقول بريخيدا: “…لما مررتُ من باب وادي الحجارة Guadalajara سمعت وسط الصخب اللامتناهي مناديا يُنادي بتنحية العربات و أن تكشف النساء وجوههن في الشوارع”. أمام فرحة كرستينا, قالت بريخيدا: “كرستينا! لا تقولي لي ذلك! لم يكن هناك أروع من الجلوس خلف العربة و حجز المكان كله فتُدير وجهك لمن و كيف و متى تُريد!”.
استمر المنع الرسمي للحاف Manto في القرن الثامن عشر, لكن التأثر الكبير بالأزياء الأجنبية, مثل الأزياء الفرنسية للقرن 18 قلَّص استعمال اللحاف و جعله محصورا على الطبقات الشعبية. لقد استمر الحجاب النسوي في إقليم الأندلس على وجه الخصوص لأسباب ثقافية, سياسية و جغرافية خاصة. بالإمكان ملاحظة اختلاف الأزياء بين شمال و جنوب إسبانيا في الأعمال الأدبية لتلك الفترة. السيدة فراسكيتا Sena Frasquita من سكان الشمال, لما جاءت للأراضي الغرناطية: “لم تكتسب أي عادة أندلسية, و كانت تختلف كثيرا عن النساء القرويات للضواحي, كانت أكثر بساطة في الملبس و الرشاقة و الأناقة منهن; كانت تغسل بدنها بكثرة و كانت تسمح للشمس و للهواء بملاطفة يديها المشمرتين و عنقها المكشوف. كانت ترتدي أزياء نساء تلك الفترة, زي الملكة لويزا: تنورة قصيرة للغاية بطول خطوة أو نصف خطوة, كانت تُظهر قدميها و أعلى ساقيها: كانت تضع صدرية دائرية و منخفضة على الطراز المدريدي”.
التنورة Saya
تنحدر عبارة صايا Saya من السلتية القديمة التي اشتقت منها عبارة Sagos اليونانية و Sagum اللاتينية. نُلاحظ في القشتالية وجود عبارة Saia منذ عصور قديمة (وثائق ليونية تعود لعام 941م). كانت التنورة Saya في تلك الفترة نوعا من اللباس يُربطُ حول العنق و يتدلى حتى القدمين. مع مرور القرون أصبح هذا الزي لا يغطي كامل الجسد, و إنما النصف السفلي فقط, و هذا هو المعنى الذي تحيل له عبارة “صاية” Saya كزي للنساء في الوثائق الإسبانية-العربية أو العربية في شمال إفريقيا.
“الصاية” القشتالية و الأندلسية في القرنين السادس عشر و السابع عشر هي عبارة عن قطعة فسيحة من القماش تُغلق من أطرافها عبر خياطة من الحزام إلى أسفل مشكلة طيات. تُلبسُ التنورة Saya فوق سلسلة من التنانير و التنانير الصغيرة و تنانير الباسكينياس Basquinas أو السليب الداخلي. لقد بولغ في ارتداء التنانير و تنانير الباسكينياس الداخلية في القرن السابع عشر ما دفع الأديب كيفيدو لأن يكتب بلهجة ساخرة: “السيدة خرشوفة Dona alcachofa كالنحيفات, تنانير فتنانير كثيرة, ثم لحم قليل, و تنانير أخرى كثيرة”.
كان ارتداء التنانير و الباسكينياس تحت تنورة الصاية أمرا شائعا لدى الطبقات الشعبية إلى حد أنه في بعض الحالات كان الفقراء يخرجون بها إلى الشارع مثل السيدة تريزا بانزا التي كانت تحضر للقُداس مستورة بتنورة الصاية بدل اللحافManto. استعمال الصاية كلحاف لوحظ أيضا بين نساء بِشر Vejer خصوصا حينما كان يتعلق الأمر بمشوار غير متوقع لقضاء حاجة منزلية.
النقاب Cobijado البِشري أو لباس اللحاف Manto و التنورة Saya
يرجع أصل عبارة Cobija إلى الكلمة اللاتينية Cubilia التي كانت تعني السرير و منها انتقلت لترمز للقماش الذي يلتحفه الشخص في السرير و خصوصا البطانية Manta. من هذا المعنى انتقلت لتعني الزي الذي يرتديه الشخص فيغطيه بالكامل. كانت عبارة Cobijado تعني منذ القِدم الزي التقليدي للمرأة البِشرية الذي يجمع بين اللحافManto و التنورة Saya. المُنقبَة Cobijada تعني أيضا المرأة التي تلبس هذا الزي. غير أن هذه العبارات تنتمي للتراث الشفهي حيث لا توجد وثائق مكتوبة قبل القرن التاسع عشر تشير له. كان الزي النسوي الخاص بالشارع يحمل منذ القرن 15 و حتى القرن العشرين اسم زي اللحاف و الصاية في كل الوثائق التي اطلعنا عليها. لم نجد أي إشارة لعبارة الملحفة, الزي الشائع في مملكة غرناطة في القرنين الخامس عشر و السادس عشر.
ليونور غارسية في وصيتها المؤرخة ب 22 غشت 1481 ذكرت مايلي: “كما أوصي لخادمي ألفونسو دي لونا و ابنته مارية رودريغيز بتنورة بُنية اللون أرتديها يوميا و طرحة, و لحاف و بضع تنانير و قميصين لكي يذهبا و يدعيا الرب من أجل روحي”.
كانت الوثائق خلال القرن الثامن عشر ما تزال تتحدث عن اللحاف و الصاية كملابس الشارع بالنسبة للنساء البِشريات, و كانت ذات ألوان سوداء, بنية و رمادية داكنة.
في عام 1606, أمر مانويل دياث في وصيته ب: “أوصي لوالدتي كاتالينا غارسية بلحاف جديد و تنورة جديدة” .
في القرن التاسع عشر لم يتغير الزي النسوي. ففي عام 1800 منحت تريزا لوبيز لابنتها خوثيفا ماركيز تنورة Saya و لحافا Manto حاكته تريزا بيديها. أول إشارة موثقة للنقاب Cobijado وردت عام 1872. فقد أعلن أنطونيو بويرطا في وصيته أنه منح ابنته بمناسبة زفافها عدة أشياء بينها نقابين من اللحاف و الصاية.
كل المصادر التوثيقية التي اطلعنا عليها – كما رأينا اعلاه- تشير إلى أن نقاب المرأة البِشرية إلى حدود تاريخ منعه عام 1931 لم يكن سوى استمرارية للزي القشتالي المكون من اللحاف Manto و التنورة Saya جلبه الفاتحون القشتاليون إلى إقليم الاندلس في نهاية القرن 13 و بداية القرن 14. على العكس من الحايك, الذي يقارن به, و الذي عبارة عن قماش من قطعة واحدة لا تطريزات عليه, بينما النقاب البِشري مكون من قطعتين مُحاكتان بشكل مُتقَن للغاية.
التنورة Saya هي عبارة عن قطعة كبيرة من القماش (حوالي 4 امتار) مُخاطة من الأطراف و تُربط في الحزام في طية كبيرة و تتدلى حتى القدمين. أما اللحاف Manto فهو قماش سميك و أسود مثل التنورة الصاية بأبعاد مترين و نصف في متر ونصف. يوضع على الرأس و الكتفين و إذا رُبط حول الحزام يُظهر بنية المرأة, كما يحجب وجه المرأة حسب رغبتها. من الداخل, اللحاف مُبطن بحرير ألوانه فاتحة: الوردي, الازرق السماوي و الأخضر…أما تحت النقاب, فترتدي النساء لباسا للمنزل, أو قميص الحفلات مطرزة أطرافه بالحرير, أما الشابات فيضعن تحته أحيانا صدريات بتطريزات جريئة. لهذا قال الرحالة ريتشارد فورد أن “أخطر شيء” بعد الثيران هُن “تلك المنقبات”.
مع ذلك, ما من شك أن النقاب البِشري يحمل بعض البصمات المشرقية. فالثقافة الإسلامية كرست عُرف الحجاب في كل بلاد الأندلس و من المنطقي أن هذا العُرف تَجذَر بصورة كبيرة في جنوب البلاد. لكن بالإمكان تفسير استمرار النقاب دون الحاجة للربط المباشر بالحضارة الإسبانية المسلمة لمملكة غرناطة أو بشمال إفريقيا. فالانعزال الجغرافي و السياسي لقرى الأندلس الجنوبية مثل بلدة بِشر الحدودية و بُعدُها عن عاصمة القرار السياسي عوامل سهلت تكريس هذه التقاليد و تقوية المقاومة لكل قرارات الدولة لمنع ارتداء النقاب.
المرجع: “El cobijado de Vejer y su leyenda morisca”. Amelia Mas Gorrochategur y Antonio Munoz Rodriguez
موقع إسبانيا بالعربي