سلايدرشؤون قانونية

هل تُعيد إسبانيا تجربة 2005 بتسوية أوضاع نصف مليون مهاجر ومنحهم وثائق الإقامة؟

تسوية أوضاع المهاجرين هي عبارة إجراءات استثنائية تطبقها الحكومات لضمان المواطنة الكاملة للمهاجرين في وضع غير قانوني. وبهذا تتحقق المساواة بين جميع المواطنين والمقيمين في الواجبات والحقوق. يمكن أن تكون أداة سياسية مفيدة للغاية لإعادة التكيف الاقتصادي والاجتماعي والتكامل، كما تشكل أيضا أداة لمكافحة الاستغلال في العمل وتوفير الحماية أو الحماية الإنسانية للمهاجرين. بالنسبة للمجتمع ككل، يمكن أن يكون للوائح التنظيمية آثار مالية إيجابية للغاية من خلال دمج الضرائب المباشرة والمساهمات في الضمان الاجتماعي للعمال النظاميين.

تسويات في أوروبا

في أوروبا، وبالتحديد دول الجنوب – بقيادة إسبانيا وإيطاليا – هي التي نفذت معظم عمليات تسويات أوضاع المهاجرين على أراضيها. في إسبانيا، نظمت الحكومات الاشتراكية أربعة منها (1986، 1991، 1992 و2005) وخمسة أشرفت عليها حكومات الحزب الشعبي اليميني (1996، 2000، وثلاث تسويات في 2001). ووفقا لمجلس أوروبا، كان تنظيم 2005 – الأكبر في تاريخ اسبانيا، مع 550.000 مهاجر تم منحهم الوثائق. لقد نجحت التسوية لأنها جات بعد توافق القوى الاجتماعية، لأنه كان هناك طلب حقيقي للتسوية من جميع الأطراف المعنية ولأنه استجاب لاحتياجات سوق العمل والمجتمع.

إيطاليا

تعتبر إيطاليا هي الدولة الأوروبية ذات التقليد العريق في مجال تسوية أوضاع المهاجرين، لكن آخر إصلاح تشريعي أجرته البلاد لقانون الهجرة يعود إلى سنة 1998، رغم أن الإدارة والتخطيط الاقتصادي غير متكافئ مع متطلبات سوق العمل. في عام 2020، في إطار الوباء، كان مرسوم Rilancio رائدا في أوروبا، حيث سمح بقانون استثنائي لتسوية أوضاع 207.000 عامل مهاجر في قطاع الزراعة والرعاية، ينتمي 85٪ منهم إلى هذا الأخير.

بلدان أوروبا الشمالية

لقد أجرت جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تقريبا تسويات لأوضاع المهاجرين. وتعتبر دول شمال أوروبا تسوية أوضاع المهاجرين من أعراض الفشل السياسي، رغم أنها هي الأخرى أجرت تسويات لأسباب إنسانية أو لحماية مجموعات معينة. فعلى سبيل المثال، قامت ألمانيا بإضفاء الطابع القانوني على ما يسمى بـ “التسامح” في عدة مراحل، وهؤلاء المهاجرين الذين تم تأجيل طردهم لأسباب قانونية أو أخلاقية والذين يعيشون في طي النسيان دون حرية التنقل أو الوصول إلى لم شمل الأسرة.

ما هو موقف المفوضية الأوروبية؟

ظلت المفوضية الأوروبية حذرة فيما يتعلق بأخذ موقف من تسويات أوضاع المهاجرين. ومع التسليم بالأسباب والفوائد العملية التي تدفع الدول إلى ممارسة القرار السيادي باستخدام هذه الأدوات، فإن الشك والمعارضة من جانب بعض الدول الأعضاء دفعها إلى إنشاء آلية للمعلومات المتبادلة وإنشاء شبكة أوروبية للهجرة في عام 2008، التي يمكن أن تكون استمراريتها التفاوض بشأن معايير مشتركة أو دليل للممارسات الجيدة للمستقبل.

التسويات في ظل الوباء

في خضم جائحة فيروس كورونا وتدابير مكافحة الوباء، نفذت العديد من الدول الأعضاء (إيطاليا أو البرتغال أو اليونان أو مالطا أو إسبانيا) تدابير لضمان تدفقات هجرة اليد العاملة إلى القطاعات الأساسية. لقد كان اعترافا بالحقوق التي يمكن استيعابها بحكم الواقع في التسويات المؤقتة والقطاعية، والتي جاءت لتخفيف جمود وعدم فعالية قوانين وسياسات الهجرة التي لم تتكيف بشكل جيد مع أوضاع مثل الوضع الحالي.

هل تقوم إسبانيا بتسوية أوضاع المهاجرين؟

طالب جزب “بوديموس” اليساري المشارك في الحكومة الإسبانية في أكثر من مناسبة بتسوية أوضاع المهاجرين المتواجدين على الأراضي الإسبانية. وكانت آخر مرة أعاد فيها الحزب بالتذكير بمطلبه شهر أغسطس الماضي، حيث أعلن المتحدث البرلماني باسم الحزب، بابلو إتشينيكي، عن إرسال “مبادرة مفتوحة” إلى جميع المجموعات البرلمانية يقترح فيها تسوية وضع 600 ألف مهاجر يقيمون في إسبانيا بدون أوراق على الفور.

زيرى الحزب في ذلك تقدير من طرف الحكومة للمهاجرين الذين ظلوا يعملون في قطاعات حساسة كالزراعة لضمان تموين الأسواق الإسبانية بالمنتوجات خلال أوج فترات الوباء. كما تعملن مئات آلاف المهاجرات في منازل كبار السن لرعاية المسنين.

ونجح الحزب في إقناع شريكه، الحزب الاشتراكي، باتخاذ مواقف من قضايا عديدة، وبما أن البلاد تدخل مرحلة الخروج من الوباء، فإنه من غير المستبعد أن تعلن اسبانيا عن تسوية أوضاع المهاجرين المقيمين على أراضيها، لكنها قد تشترط تواجدهم في البلاد خلال فترة الوباء أو أن يكونوا قد عملوا في قطاع الزراعة مثلا أو الرعاية المنزلية.

المصدر: إسبانيا بالعربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *