متفرقات

كيف يحدد مطوّرو الهواتف الذكية مواقعنا؟

نظرا لما يحدث في العالم بأسره جراء سرعة  التطور التكنولوجي، الذي أخذ حيزا كبيرا في حياتنا و سرق منا أوقاتنا وأسرار حياتنا الشخصية، تطرقت صحيفة “الباييس” الإسبانية إلى هذا الموضوع، حيث أكدت أن هناك عالمان أمريكيان وجدا طريقة، باستخدامها لا يمكن لمطوري الهواتف الذكية معرفة مواقعنا، إلى جانب ذلك عملا على اضافة مقترحات أخرى لحماية البيانات الشخصيّة.

في الواقع يعرف مطوّروا الهواتف الذكية مواقعنا باستمرار. إنهم بحاجة إلى معرفة أماكن تواجدنا بدقة من أجل إعادة توجيه المكالمات إلينا وتزويدنا على طول الوقت بخدماتهم دون أي قيد منا. لكن المقلق هنا أن بعض المطورين يبيعون البيانات الشخصية، التي يتم جمعها من منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف المحمولة، حيث أنها من المفترض أن تكون بيانات مجهولة الهوية يقع تقديمها حسب معايير معينة  لوسطاء البيانات والشركات المكرسة لعبور قواعد البيانات المتقاطعة لعمل ملفات تعريف عن السكان والقدرة على تقسيم الإعلان بشكل أفضل.

لا يوجد شيء يمكن للمستخدم فعله لتجنب تحديد موقعه. إلى جانب ذلك يعتبر تعطيل نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي اس) أمر غير مجدي بالمرة، حيث يمكن  لمطوري الهواتف الذكية تتبع مواقعنا باستخدام طرق أخرى.

وأكدت الصحيفة الإسبانية أن النظام، الذي ابتكره كل من بول شميت من جامعة برينستون وباراث راغافان من جامعة جنوب كاليفورنيا، يتألف من تخصيص طرفية حاسوب (هو جهاز إلكتروني أو جهاز كهروميكانيكي متصل بحاسوب أو نظام حاسوبي، ويستخدم لإدخال البيانات إليه أو لعرضها منه) ذات  قيمة مجردة لا تتعلق بتقديم بيانات على غرار رقم الهاتف أو اسم مالكه. ولن يقع التعرف على البيانات الخاصة إلا عن طريق إجراء تحديد باستخدام نظام رمزي (أو رموز افتراضية) تتطلب خدمة خارجية لدعم العملية.

أوضح فيكتور جايوسو، عضو مجموعة أبحاث التشفير وأمن المعلومات “أنه من وجهة نظر أكاديمية، قد تكون الفكرة مثيرة للاهتمام لأنها تقترح حلولًا حتى لا يتمكن مطوروا الهواتف المحمولة من متابعتك، ولكن في آن واحد تستوجب العديد من القيود، كما يتطلب الأمر  تغيير نموذج الاستخدام الحالي للهاتف المحمول، التي تعد فكرة غير عملية بالمرة بالنسبة للكثيرين”.

وتجدر الإشارة إلى أن العمل الذي قاما به الباحثان شميت وراغافان، قيد المراجعة وذلك للتأكد من جودته وفعاليته على الرغم من التعقيدات التقنية.

كيف يحدد مطوّرو الهواتف الذكية مواقعنا؟

يعرف مطوّرو الهاتف المحمول مواقعنا من خلال استعمَالاتنا للهاتف الذكي وذلك باستخدام قياسات القدرة وتحديد المسافة بين كل طرفية حاسوب  والسلك الهوائي. في الحقيقة اتضح أيضًا أن مناطق التغطية عادةً ما تكون مقسمة إلى قطاعات: حيث يقع وضع عدة أسلاك هوائية لكل منطقة، بطريقة تعمل على تحسين الخدمة وكذلك الدقة، التي يمكن بها تحديد موقع كل هاتف محمول. الهدف هو أن تكون قادرا على تحديد الموقع بهامش خطأ يبلغ مترا واحدا، مما يسمح بمعرفة أي طابق من المبنى يتواجد فيه المستخدم.

أكّدا كل من شميت وراغافان “أن بنية الهاتف المحمول ازدهرت في حقبة ماضية كانت فيها تدابير الخصوصية منخفضة، وكان مقدمو الخدمة منظّمين ومركزين بدرجة عالية على الجودة أكثر من أي شيء آخر، وكان هناك عدد قليل من مستخدمي الهاتف المحمول في العالم وكانت النظم الإيكولوجية لاستخدام البيانات غير متطورة”. “في السنوات الأخيرة، تم توثيق على نطاق واسع أن مطوري الهواتف الذكية يبيعون بشكل روتيني البيانات المتعلقة بالموقع وبيانات المكالمات الهاتفية لمئات الملايين من المستخدمين. ونتيجة لهذا الأمر يمكن تحديد بيانات مستخدمي الهاتف الذكي في العديد من البلدان مقابل بضعة دولارات فقط”.

هل هذا حل أم سبب كاف لمشاكل أكثر؟

أورد “أرتورو اثكورا”، الأستاذ في جامعة كارلوس الثالث في مدريد ومدير معهد “ا م د إي نات واركس”، “أنه من الصعب أن يوضع البحث حيز التنفيذ بسرعة، كما قال ” أنها فكرة مثيرة للاهتمام ولكن لا يمكن تنفيذها إلا في حال كان هناك ضغط إجتماعي كافٍ على مطوّري الهواتف المحمولة، أرى الأمر معقدًا بعض الشيء كما أنه  سيجعل النظام أكثر تكلفة وإشكَالا”.

وجاء في تعليق الباحثان شميت وراغافان على ما قاله أرتورو ” نعتقد أن التكاليف الإضافية ستكون ضئيلة نوعا ما، حيث ستَنطبق التغييرات بالكامل على البرمجية بصفة عامة وفي الواقع تمكنّا من وضع نموذج أولي مع تعديلات طفيفة على هاتف محمول مفتوح المصدر. نعتقد أنه يمكن تنفيذ المشروع بسهولة من قبل غالبية المشغلين.

أوضحت الكاتبة كاريسا فيليز” أنه من المهم أن المجتمع العلمي اليوم، يعمل على إيجاد حلول لتضييق طريقة انتهاك بياناتنا الشخصية، وذلك عن طريق أنظمة تشفير ذات طبقات تشبه شبكة تور الخفية”. كما أوضحت “أنه في النهاية يتعلق الأمر بتعقيد تدفق البيانات بحيث لا يكون واضحًا ما يفعله مستخدم الهاتف الذكي. وأكدت ” أنه إذا أراد المشغل حقًا التعرف على بياناتك الخاصة سيفعل ذلك بكل تأكيد. لكن الأهم أن ذلك لن يكون بصفة آلية، بل سيكلفه مزيدا من الجهد”.

المصدر: الباييس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *