كيف يرى الإسبان سقوط آخر ممالك المسلمين في غرناطة؟

تستعد الأحزاب اليمينية في اسبانيا في ذكرى ما يسمى في اسبانيا بـ”استعادة غرناطة”، التي يصادف إحياؤها الثاني من يناير من كل عام، واعتاد الحزب الشعبي في غرناطة على توزيع أعلام اسبانيا بالمناسبة، حيث وزع شهر يناير الماضي أربعة آلاف علم لإسبانيا على المواطنين الراغبين في رفع العلم الإسباني بتلك المناسبة. ويحتفي بعض سكان غرناطة باستعادتها من قبل الملوك الكاثوليك وانتهاء حكم آخر ملوك المسلمين في الأندلس عام 1492. وقد وصف ممثلو الحزب الشعبوي توزيع الأعلام بأنها بادرة “رمزية” للدفاع عن “الجذور الشعبية والتقليدية” للاحتفال، و”الأهمية التاريخية” لليوم كسابقة للدولة الحديثة.

المظاهرات المضادة

ففي حين يحتفل بعض الإسبان في غرناطة بتلك الذكرى، حيث يجتمعون في ساحة البلدية أو الأماكن العامة، عادة تكون هناك مظاهرات مناهضة لإحياء تلك الذكرى، إذ يعتبر البعض الاحتفال مسيئا لصورة المدينة التي تفتخر بالتعايش والتآخي الإنساني بين الطوائف والأعراق المختلفة. كما يشير معارضو الاحتفال إلى أنه قد يؤجج العنصرية ويعزز كراهية الأجانب والتفرقة، الأمر الذي جعل من الاحتفال عرضة للجدل ولحملة انتقادات كبيرة في البلاد، خصوصا من قبل جماعات حقوق الإنسان وأحزاب اليسار، مثل “جماعة غرناطة المنفتحة”، التي تطالب بإلغاء هذا الاحتفال السنوي، والذي يتعارض – من وجهة نظرهم – مع تقاليد الدولة العلمانية والدستور الإسباني، وفقا لما نشره موقع (إلباييس) الإخباري الإسباني.

من جهة أخرى، ذكر المرشح لمنصب رئيس بلدية غرناطة، سيباستيان بيريز، أن الثاني من يناير عام 1492 كان يعني بالنسبة لإسبانيا “ولادة الدولة الحديثة والتوحيد التاريخي لشبه الجزيرة الأيبيرية”، وطالب باحترام طقوس وتقاليد المدينة: “نريد أن ننقلها (التقاليد) ونعلمها لأجيالنا الشابة والمستقبلية”.

وقد تخصص الشرطة المحلية تغطية أمنية كل سنة لوجود استباكات بين المحتفلين والرافضين للاحتفال، وسجلت الشرطة الوطنية كل ما يحدث في “بلاثا ديل كارمن” بواسطة الكاميرات الأمنية.

اليمين المتطرف

وبالمناسبة، نشر حزب اليمين المتطرفVox  في الأندلس صباح تخليد ذكرى خروج المسلمين رسالة على حسابه في تويتر يعبر فيها عن موفقه من الاستيلاء على غرناطة، وهو احتفال سنوي يتسم بالجدل. وجاء في رسالة الحزب اليميني المتطرف: “لا نريد ولا ينبغي أن ننسى أن هذا اليوم قبل 528 عاما أنهى الملوك الكاثوليك احتلال إسبانيا. ولا يزال الكبرياء الذي لا يمحى راسخا لسبعة قرون. ونحن عازمون على عدم الخضوع للإسلام مجددا”.

ويحرص الأمين العام لحزب فوكس اليمين المتطرف، خافيير أورتيغا سميث، على الحضور شخصيا لتخليد الحدث في غرناطة. وقال السياسي المتطرف أن “الأخطار التي استحضرها الملوك الكاثوليك قبل خمسة قرون بسحق الغزو الإسلامي، لا تزال تهدد إسبانيا وأوروبا اليوم”. وأضاف أن “الاسترداد لم ينته، رغم أن البعض يعتقد أنه كذلك”. بالنسبة للزعيم المتطرف، من الضروري استئناف “المقاومة ضد غزو الإسلام الراديكالي، والمساجد السلفية، وأولئك الذين يريدون فرض نظام ديني على أوروبا”.

وقبل ظهور اليمين المتطرف بعقود، كان يتم تنظيم احتفالات بالمناسبة في عهد الدكتاتور فرانكو، والتي كان أبرزها تنظيم سباق الدراجات الوطني، وهو ما تم الحفاظ عليه كما لو أن الدولة لم تعلن عن لائكيتها بوجب دستور 1978.

غرناطة الأخرى

ويجد تخليد الحدث معارضة قوية من جمعية “غرناطة المفتوحة”، التي تدعو إلى تحويل يوم غرناطة إلى من 2 يناير إلى 26 ماي، تاريخ إعدام المكافحة الليبرالية ماريانا بينيدا من قبل فرناندو السابع.

وقدمت الجمعية بيانا يطالب فيه الاحتفال بإبراز التعايش وليس الاسترداد، مما يجعله “مناسبة أكثر انسجاما مع قيم المجتمع التعددي والديمقراطي”.

وترفض الأحزاب اليسارية في اسبانيا المشاركة في أي احتفالات تنظيم بالمناسبة، إلا أن اليمين المتطرف وجد فيها مناسبة لتحريض أنصاره بخطاب الكراهية ضد المسلمين.

المصدر: إسبانيا بالعربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *