القضاء الإسباني يشرع في التحقيق مع الملك السابق بتهمة تلقّي رشاوى من السعودية والبحرين
شرع مكتب المدّعي العام للمحكمة العليا الإسبانية في التحقيق مع الملك الفخري لإسبانيا، خوان كارلوس الأول، بسبب شبهات حول تلقيه رشاوى وعمله كوسيط في منح صفقة إنجاز خط السكك الحديدية للقطار السريع الرابط بين مكة المكرّمة والمدينة المنورة لصالح تكتل من الشركات الإسبانية.
فقدان الحصانة
وأصدر الادّعاء العام اليوم بياناً يؤكد فيه أن التحقيق يحاول “إثبات أو استبعاد” الصلة الإجرامية للأحداث التي وقعت بعد تنازل الملك الفخري عن العرش في يونيو/ حزيران 2014″، وهو الوقت الذي سقطت عنه الحصانة التي يمنحها الدستور للملك، وبالتالي إمكانية متابعته أمام القضاء مثل بقية المواطنين.
وتركّز التحقيقات على المرحلة الثانية من مشروع بناء “القطار السريع العابر للصحراء” الذي يربط المدينة المنورة بمكة المكرّمة.
تعيين قاضٍ خاص لمتابعة الملك
وفي 5 يونيو/ حزيران الماضي، أصدرت المدّعية العامة للدولة ووزيرة العدل السابقة، دولوريس ديلغادو، مرسوماً كلّفت بموجبه، خوان إغناسيو كامبوس، بمتابعة التحقيق في هذه القضية. ويشغل كامبوس حالياً منصب المدّعي العام بالمحكمة العليا المتخصصة في الجرائم الاقتصادية.
ويؤكد مكتب المدّعي العام في البيان أنه “بالنظر إلى الأهمية المؤسسية لهذه القضية، فإنه يتم تعيين قاضٍ في من قضاة أعلى هيئة مختصة، لديه مؤهلات وخبرات استثنائية”.
وعلاوة على ذلك، يُضيف البيان، أن أنه سيتم تعيين فريق من المساعدين يتكوّن من ثلاثة من المدّعين العامين في المحكمة العليا، الذين سيتولّون التدقيق في الجوانب التقنية المعقّدة لإتمام التحقيق.
التوسّط للشركات مقابل رشاوى
وتحاول بعض الأوساط المدافعة عن الملك تبرير الوساطة التي قام بها، خوان كارلوس الأول، في مشروع القطار السريع بالسعودية بمحاولة ربطها بالمصلحة العليا لإسبانيا.
وتوسّط الملك لشركات إنشاءات إسبانية كبرى في مشروع تزيد قيمته عن 60 مليار يورو. ولجأت الشركات الإسبانية للملك للتوسّط بسبب قربه من العائلة المالكة السعودية وعلاقاته المتشعّبة ببعض أفرادها.
وبعد تدخلات العاهل الإسباني، فاز تكتل من الشركات الإسبانية والسعودية على صفقة لإتمام المرحلة الثانية من المشروع في عام 2012.
وحصل تكتل مكوّن من 12 شركة إسبانية وشركتين محليتين على عقد إتمام المرحلة الثانية من المشروع.
وسرعان ما بدأت النزاعات تعصف بالتكتل، سواءً بين الشركاء السعوديين أو مع الحكومة السعودية. واستمرت الخلافات حتى مايو/ آيار 2018 عندما تم توقيع اتفاق انتزع فيه الجانب الإسباني مبلغ 210 مليون يورو إضافية.
متابعة قضائية في سويسرا
ويخضع ملك إسبانيا السابق، خوان كارلوس الأول، للمتابعة القضائية في كل من إسبانيا وسويسرا.
ويُتابع العاهل الإسباني السابق بتهمة نقل مبلغ 1.9 مليون دولار إلى سويسرا في حقيبة أثناء مزاولة مهامه الرسمية كملك للبلاد عام 2010.
وحسب القضاء السويسري، فإن خوان كارلوس الأول، الذي يحمل حالياً لقب الملك الفخري، كان قد سلّم مبلغ 1.9 مليون دولار لمدير أعماله السويسري، أرتورو فاسانا.
أموال بحرينية
ويعود أصل تلك الأموال إلى هدية من ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، حسبما تنقل صحيفة “الباييس” عن التحقيقات الجارية في جنيف بقيادة المدّعي العام، يفيس بيرتووا.
وفتح القضاء السويسري والإسباني تحقيقات في ثروة الملك السابق وملفات الفساد المحيطة به، لا سيما ما تعلّق بمؤسسة “لوكوم” التي أنشأها الملك في دولة بنما للتهرّب الضريبي.
وكانت سويسرا قد أوفدت، قبل أشهر، لجنة قضائية للقاء قاضي المحكمة الوطنية الإسبانية، مانويل غارثيا كاستيون، للتقصّي حول تبرّع ملك السعودية بمبلغ 100 مليون دولار (65 مليون يورو حينها) للملك الإسباني.
وتم تحويل تلك الأموال لحساب سويسري يملكه ملك إسبانيا. وكشفت التحقيقات أنه تم تحويل وديعة أخرى لصالح خوان كارلوس الأول في 7 أبريل/ نيسان 2010 بمبلغ 1.9 مليون دولار (1.7 مليون يورو) كان قد حوّلها ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، لمؤسسة “لوكوم” المملوكة للملك الإسباني.
وزار خوان كارلوس البحرين عام 2014 على رأس وفد يضم ثلاثة وزراء من الحكومة الإسبانية ووفد يتكوّن من 15 من رجال أعمال خلال جولة له إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي أبريل/ نيسان 2016، حضر خوان كارلوس الأول سباق الجائزة الكبرى للفورمولا 1، الذي ترعاه شركة طيران الخليج البحرينية. وأثناء الزيارة، عقد اجتماعاً مع الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وتنقل الصحافة الإسبانية عن المدير المالي لملك إسبانيا، أثناء استجوابه من طرف المدّعي العام السويسري، قوله أن أصل الـ 100 مليون دولار التي حصل عليها الملك، في 8 أغسطس/ آب 2008 من العائلة المالكة السعودية، يعود إلى تبرّع من ملك السعودية.