مسجد ابن عديّس بإشبيلية.. من روائع فن العمارة الإسلامية بالأندلس

أخبار إسبانيا بالعربي – منذ 711م، أي منذ الفتح الإسلامي، لم تعرف مدينة إشبيلية تشييد أي مبنى مهم يذكر، فقد اكتفت بإعادة استخدام معابد وقصور الإرث القوطي والروماني، فعلى الرغم من كون إشبيلية أول عاصمة إسلامية في الأندلس، إلا أنه سرعان ما تم نقلها إلى قرطبة، بالإضافة إلى أن إشبيلية عرفت تمرداً منذ اللحظة الأولى من فتحها.

كل شيء تغيّر بعد قرن من الزمن، عندما اكتسبت أهمية من قبل أمير الدولة الأموية عبد الرحمن الأوسط، وقد حاول الأمويون منذ دخولهم، إعادة تسمية “هيسباليس” (Hispalis) إلى حمص، لكن من دون جدوى، حيث استمر سكانها يطلقون عليها اسمها القديم، الذي انحرف مع الوقت إلى “إشبيلية”.

شيد المسجد القاضي عمر بن عديس سنة 214 هـ (829 ـ 830 م)، بأمر من الأمير عبد الرحمن الأوسط. لم يتبق منه في الوقت الحاضر سوى جزء من الصحن والجزء الأدنى من المئذنة، ومع ذلك فلهذه الآثار القليلة أهمية بالغة إذ توقفنا على جانب هام من جوانب فن العمارة الأموية في عهد الإمارة.

وقد سجل تاريخ الإنشاء في نقش كوفي على بدن عمود من الرخام محفوظ اليوم بمتحف الآثار الأهلي بإشبيلية نصه:

“يرحم الله عبد الرحمن بن الحكم الأمير العدل المهتدي الآمر ببنيان هذا المسجد على يد عمر بن عدبس قاضي أشبيلية في سنة أربع عشرة ومتين، وكتب عبد البر بن هرون”.

ويتميز هذا الجامع عن جامع عبد الرحمن الداخل في أنه لم يضف إليه إضافات بل ظل يحتفظ بمساحته الأولى حتى ضاق بعد مضي ثلاثة قرون من إنشائه وأصبح لا يتسع لجميع المصلين، فأقام الموحدون جامع القصبة الكبير بإشبيلية.

ولقد تحول جامع ابن عديس إلى كنيسة سان سلفادور San Salvador عقب سقوط مدينة إشبيلية على يد فرناندو الثالث سنة 1248م. ثم أصيبت المئذنة للمرة الثانية في 24 أغسطس سنة 1356 بأضرار جسيمة بسبب زلزال عنيف هدم جزءها العلوي، فأقيم مكانه طابق للنواقيس. ولم يتبق من المئذنة الإسلامية سوى جزء يبلغ ارتفاعه 9,50 متر. أما المسجد فقد هدم برمته سنة 1671 م وأقيمت مكانه كنيسة سان سلفادور التي تم بناؤها سنة 1712 م.

المصادر: المعرفة / الأندلسي / موقع إسبانيا بالعربي