قنطرة قرطبة.. من روائع الهندسة الإسلامية
أخبار إسبانيا بالعربي – كان الفتح الإسلامي لشبه الجزيرة الإيبيرية (إسبانيا)، سنة 92هـ/ 711، والتي سماها المسلمون الأندلس، بداية لعهد جديد مشرق، وتدشينا لميلاد أمة جديدة مبدعة، هي الأمة الأندلسية، وحضارة جديدة متميزة، هي الحضارة الأندلسية، بطابعها العربي الإسلامي، وسماتها الأندلسية الفريدة، والتي لا تزال تدهش المؤرخين، حتى اليوم.
ولا يزال الفن المعماري، الذي خلفه المسلمون وراءهم، مرآة تعكس تاريخهم المجيد والعريق وحضارتهم الزاهرة، وما قدموه لهذه البلاد. وكانت القناطر، من بين المنشآت والمرافق المدنية والعامة، التي أهتم المسلمون بإنشائها، اهتماما عظيما، خلال قرون عزهم ومجدهم في هذا البلد، وذلك من أجل تسهيل عملية العبور والانتقال بين مناطقها المختلفة، نظرا لكثرة الأنهار، التي تخترقها من شمالها إلى جنوبها، مثل وادي دويرو، في الشمال، ووادي تاجه، ووادي آنه، والوادي الكبير، ووادي لكة، ووادي سليط، في الجنوب وغيرها.
ومن القناطر المشهورة في الأندلس، في عهد المسلمين والتي لا تزال بعضها قائمة حتى اليوم، شاهدة على العهد الإسلامي الزاهر، والحضارة الإسلامية الخالدة: قنطرة طليطلة، وقنطرة طلبيرة، وكلاهما على نهر التاجة، بوسط الأندلس، وقنطرة وادي الحجارة، على نهر هنارس، وقنطرة ماردة على نهر آنة، وقنطرة سرقسطة، على نهرة أبرة، وقنطرة مرسية على نهر شقورة، وقنطرة استجة على نهر شنيل، وقنطرة لبلة على مصب وادي آنة، وقنطرة رندة، على نهر لبين، وقنطرة شنيل على نهر شنيل في غرناطة، وقنطرة بنوط بالقرب من غرناطة، وقنطرة شلب على نهر أراد، وأخيرا، وليس آخرا قنطرة قرطبة، على نهر الوادي الكبير، في وسط جنوب الأندلس.
مسجد ابن عديّس بإشبيلية.. من روائع فن العمارة الإسلامية بالأندلس
قنطرة قرطبة
تمتد قنطرة قرطبة بين الضفة الشمالية لنهر الوادي الكبير حيث العاصمة قرطبة، وبين ضفته الجنوبية حيث منطقة الربض الشاسعة
قام المسلمون بإعادة تشييد هذه القنطرة في نفس موقع القنطرة الرومانية القديمة، التي كانت قد انهارت وتلاشى أثرها منذ سنوات طويلة.
ويعد بناء القنطرة من أهم انجازات السمح بن مالك الخولاني، والي الأندلس 100- 102هـ وقد أهتم بها بعد ذلك أمراء بني أمية اهتماما” كبيرا” فقاموا بصيانتها وتجديدها طوال فترة حكمهم للأندلس
كما قام الحاجب المنصور بن أبي عامر بترميم القنطرة وأنفق عليها قرابة 140 ألف دينار ذهبي.
وقد عُرفت قنطرة قرطبة في التاريخ بإسم “قنطرة الوادي”، “قنطرة النهر”، “القنطرة الكبيرة”، كما عرفت باسم”قنطرة الدهر”، كناية عن قدمها وتاريخها.
كان تشييد قنطرة قرطبة، أول عمل في مجال البناء والعمران يقوم به المسلمون بعد الفتح الإسلامي للأندلس
وهي أول قنطرة حجرية يقيمها المسلمون على نهر في تاريخ الحضارة الإسلامية كله، كما تعتبر أقدم المنشآت الإسلامية الأندلسية الباقية إلى اليوم.
والقنطرة يبلغ طولها 400 متر وعرضها 40 متر وارتفاعها 30 متر، وعمرها منذ شيدها المسلمون إلى اليوم يتجاوز 1300 عام،
يصل عدد أقواس هذه القنطرة اليوم 16 قوسا تحملها 17 دعامة لكنها كانت تشتمل في العصر الإسلامي على عدد أكبر، فقد ذكر الرازي أن عدد أقواسها 17 قوساً، بينما ذكر صاحب مناهج الفكر أن عدد حناياها 18 حنية، وعدد أبراجها 19 برجا”.
المصدر: التاريخ الأندلسي الإسلامي/ إسبانيا بالعربي.