من عبق التاريخ: جيش المسلمين بقيادة السمح بن مالك الخولاني يفتح جنوب فرنسا
أخبار إسبانيا بالعربي – توغل السمح بن مالك الخولاني على رأس جيش المسلمين في جنوبيّ الغال باتجاه نهرُ الجارون حتَّى وصل إلى مدينة طولوشة (تولوز) عاصمة مُقاطعة أقطانية، وحطَّم أثناء زحفه المُقاومة التي اعترضته من جانب البشكنس والجسكونيين، سُكَّان هذه الأنحاء.
كانت مُقاطعة أقطانية تحت حُكم الدوق أودو الكبير، فأعلن الحرب على المُسلمين، فأسرع السمح بن مالك الخولاني بِالزحف بجيشه نحو طولوشة (تولوز) لِفتحها قبل وُصُول قوات الدوق إليها.
ضرب المُسلمون الحصار على المدينة وبدأوا في استخدام آلات المنجنيق فأخذوا يدفعون بِالجُنُود الإفرنج على التحصينات إلى الداخل، فكانت المدينة على وشك السُقُوط في أيديهم حينما وصل أودو بجيشه إلى ظاهرها.
أشارت بعض المصادر التاريخيَّة إلى أنَّ الجيش الإفرنجي كان عدده كبير لِدرجة أنَّ الغُبار الذي كان يتصاعد تحت أقدام الجُنُود كان من الكثافة بِحيثُ غطَّى ضوء النهار عن أعيُن المُسلمين فاضطربوا لِذلك.
لكنَّ السمح بن مالك الخولاني جعل يسيرُ بين صُفوف الجُند يحُثهم فيها على الثبات عند اللقاء ويقرأ عليهم الآية المائة والستين من سُورة آل عمران: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾
وانقضَّ الجيشان على بعضهما «كالسيل العارم النَّازل من جبل» وفق الوصف الوارد في بعض المصادر الإسلاميَّة، ودارت بين الطرفين معركة كبيرة حامية الوطيس يوم 9 ذي الحجة 102هـ المُوافق فيه 9 يونيو 721م.
أظهر السمح بن مالك الخولاني شجاعة نادرة، فكان يظهر في كُلِّ مكانٍ من ميدان القتال يُنظِّمُ الصُفُوف ويبُثُّ الحماس في نُفُوس الجُند، ولكنَّهُ بينما كان يُقاتلُ في قلب المعركة أصابه رمح من جانب الفرنجة فأسقطه عن فرسه.
ولم يكن من السهل تفادي تلك الخسارة نظرًا لاختلال التوازن العسكري بين القُوَّتين، كما أنَّ مقتل السمح بن مالك الخولاني قائد جيش المسلمين قضى نهائيَّا على معنويَّات المُقاتلين، فتخاذلوا وتبعثرت صُفُوفهم، واختاروا أحد كِبار الجُند، وهو عبدُ الرحمٰن الغافقي، لِتولِّي القيادة العامَّة، وكان نائب السمح بن مالك.
لم يستطع عبد الرحمن الغافقي أن يفعل شئ سوى تنظيم عمليَّة الانسحاب وإنقاذ من تبقَّى من الجُند والعودة إلى أربونة.
خسر المُسلمون جرَّاء هذه الهزيمة بعض المُدن وأبرزها قرقشونة، كما سقط في هذه المعركة كثيرٌ من أعلام المُسلمين.
المصدر: ديوان الأندلس/ إسبانيا بالعربي