شؤون قانونية

المهاجرون القاصرون بإسبانيا والإجرام.. ظاهرة تتفاقم ولا حل في الأفق

على عكس باقي الدول الأوروبية الأخرى، شهدت إسبانيا موجات هجرة في أواسط التسعينات من القرن الماضي جعلت منها وجهة جديدة نسبيا للهجرة. ويعود الفضل في ذلك بالأساس إلى الطفرة الاقتصادية التي شهدتها البلاد في تلك الفترة وخاصة في قطاعات البناء والسياحة والتدبير المنزلي.

هجرة القاصرين

لكن مع بداية الأزمة الاقتصادية لعام 2008، تلاشت أغلب فرص الشغل وارتفع عدد المهاجرين الذين مستهم البطالة، حيث تجاوزت الـ %50 في صفوفهم، الشئ الذي جعل أعداد المهاحرين الجدد إلى إسبانيا ينخفض بشكل كبير ليعاود الارتفاع والانتعاش من جديد خصوصا مع ظهور بوادر الانفراج الاقتصادي مع مطلع 2015، لكن مع ملاحظة مهمة وجديدة في موجات المهاحرين وهي أن أغلبهم قاصرين دون سن الثامنة عشرة من العمر.

إنشاء مراكز الإيواء

وتشير الإحصائيات الرسمية الإسبانية إلى أن عدد المهاجرين القاصرين الذين وصلوا الى البلاد في العام الماضي بلغ 10 آلاف قاصر يُشكل المغاربة %70 منهم.

وأمام هذه الموجات الكبيرة غير المتوقعة للمهاحرين، قامت الدولة بإنشاء مراكز طوارئ لاستقبال هؤلاء القاصرين. هذه المراكز التي انتشرت بشكل ملفت في أغلب مناطق إسبانيا، الهدف من ورائها إيواء القاصرين الذين لا يتوفرون على عائلات داخل التراب الإسباني وعدم تركهم فريسة للتشرد والإهمال في الشوارع وما يتبع ذلك من امتهان الإجرام وتعاطي المخدرات خاصة وأن إسبانيا سبق وأن وقّعت على مجموعة من الاتفاقيات التي تهم المهاجرين واللاجئين.

فقدان السيطرة

لكن يبدو أن سياسة الدولة الإسبانية في احتواء موجة الهجرة للقاصرين لم تنجح كما كانت تتوقع، بل إنها فقدت السيطرة على الوضع، فقد ارتفعت نسبة الجرائم التي يكون مرتكبوها مهاجرين قاصرين قادمين من المغرب والحزائر وبلدان جنوب الصحراء بشكل مهول، بل إجرام هؤلاء يقض مضجع المواطنين الإسبان أنفسهم.

الأرقام المقلقة

وأعد مكتب التنسيق والدراسات لفائدة كتابة الدولة المكلفة بالأمن تقريرا حول علاقة الإجرام بالمهاجرين، وأفضى إلى أن المهاجرين المغاربة يحتلون المركز الأول في نسبة المعتقلين في السجون الإسبانية، حيث تمثل نسبتهم 25,5 بالمئة، مشيرا إلى أن أغلبهم متورطون في جرائم السرقة والمخدرات والاغتصاب وحتى القتل.

وعزا ذات التقرير ارتفاع الجريمة في صفوف المهاجرين القاصرين المغاربة بالخصوص إلى دوافع دينية وثقافية مرتبطة بالدين، والخصوصيات الثقافية والظروف الاجتماعية العصيبة التي ترعرع فيها هؤلاء المعتقلين داخل المحتمع الذي يغلب عليه الفقر والحرمان، مما يؤثر على سلوكاتهم داخل الإراضي الإسبانية.

سوابق إجرامية

ومن بين 10 مهاجرين قاصرين، يوجد 3 منهم سبق لهم وأن ارتكبوا عملا إجراميا بغض النظر عن قيام الشرطة باعتقالهم أم لا.

وتتراوح الأعمال الإجرامية التي يرتكبها هؤلاء المهاجرين بين جنح السرقة (سرقة هواتف، ساعات، وآلات إلكترونية وألعاب … ) والضرب وتعاطي المخدرات، والتي غالبا ما تكون من نوع المخدرات التي ألِف القاصر تعاطيها في المغرب (حبوب هلوسة، الغراء المركز …).

تراخي القانون

إن تساهل القانون والشرطة الإسبانيين مع إجرام المهاجرين الأحداث نظرا للامتيازات التي يتمتع بها القصر في القوانين الجنائية بشكل عام، يؤدي إلى تفاقم هذه الأعمال وبالتالي المساس بالأمن والاستقرار العامين، الشئ الذي أدى إلى ظهور ردود أفعال معاكسة من طرف مواطنين ومنظمات غير حكومية إسبانية رافضة لتواجد هؤلاء القاصرين على الأراضي الإسبانية.

دخول اليمين المتطرف على الخط

وأمام غياب أي استجابة رسمية من طرف الدولة، تلجأ هذه المنظمات أو الأفراد إلى القيام بردود أفعال ذاتية تكون أحيانا عنيفة ضد مراكز استقبال هؤلاء المهاجرين (ما حدث مؤخرا في بعض مراكز منطقة كاتالونيا ).

هذه الجماعات تتكون غالبا من شباب يتبنون أفكارا عنصرية متطرفة ويطالبون بترحيل كل المهاحرين الأجانب المقيمين على الأراضي الإسبانية.

وقد انتعشت مثل هذه الأفكار مؤخرا خصوصا مع تنامي المد اليميني المتطرف الذي يتزعمه حزب فوكس الراديكالي والذي تمكّن من انتزاع عدد لا يستهان به من المقاعد في برلمان البلاد والبرلمانات الإقليمية.

5265f96d 6c86 4dff 99ad 26e270e08d10 2

تابعونا على

تويتر

فيسبوك

الواتساب

إنستغرام

تيليغرام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *