تراجع أسعار الأراضي بنسبة 15% يُعجّل بانهيار أسعار العقارات بإسبانيا
أثرت تداعيات الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء على جميع القطاعات الإنتاجية في إسبانيا، بما في ذلك قطاع العقارات أيضا الذي يتأثر بشكل مباشر بالأزمات الاقتصادية. وحسب توقعات أحدث البيانات الصادرة عن وزارة النقل والتنقل والأجندة الحضرية، فإن أسعار المساكن ستعرف انخفاضا حادا في الأشهر القادمة، كما تنشر صحيفة “الكونفيدينثيال” الإسبانية.
أسباب الانخفاض
ويرجع السبب في ذلك إلى أن سعر الأرض، الذي يعد مؤشرا رئيسيا للنشاط، وهو أيضا الأكثر وزنا في قيمة البيع النهائي، يعكس بالفعل انخفاضا قويا بنسبة 15.1٪ من حيث القيمة السنوية، أو 14.9٪ إذا قورن الربع الثاني من العام بالربع الأول من عام 2020.
وعلى وجه التحديد، بلغ متوسط سعر المتر المربع للأراضي الحضرية 139.6 يورو، وهي أدنى قيمة خلال العقدين الماضيين، وهي أقل حتى من تلك المسجلة خلال الأزمة الاقتصادية السابقة بعد انفجار فقاعة الإسكان سنة 2008.
بداية تراجع الأسعار
وخلال الربع الأول من عام 2014، بلغ الحد الأدنى 141.5 يورو للمتر المربع، ولكن منذ تلك اللحظة، بدأ الانتعاش السريع الذي وصل إلى 167.5 يورو بعد ثلاث سنوات. وما حدث لاحقا هو أنه بعد أن بلغ ذروته في ذلك العام، بدأ سعر الأرض في الانخفاض بشكل طفيف، والذي كان كبيرا في الربع الثاني من هذا العام.
ظهور الانخفاض في السوق في 2021
وكما هو معروف، فإن سعر الأرض هو مؤشر رئيسي للنشاط العقاري، إذ تقدر بعض الدراسات أن نسبة ارتباطه بالسعر النهائي تصل إلى 92٪. وبعبارة أخرى، إذا انخفضت القيمة السوقية للأرض – أو زادت لأسباب دورية – بعد مرور حوالي عام، فإن الإسكان ينخفض، أو يرتفع، بمعدل مشابه جدا لمعدل الأرض. الفارق بين العمليتين، أي أن الفترة الزمنية بين أسعار الأراضي وسعر الشقق هي حوالي عام واحد. لذلك، تستبدأ الانخفاضات الكبيرة في الظهور أكثر خلال عام 2021.
ومع ذلك، يجب ألا ننسى عدم التجانس الهائل حسب المنطقة، لأن سوق الإسكان مجزأ للغاية.
ومثلا، في الوقت الذي يبلغ فيه سعر الأرض في جزر البليار 263.2 يورو، أي ما يقرب من ضعف المتوسط الوطني، فإنه بالكاد يصل في أورينسي (غاليثيا) إلى 44 يورو، أي أقل بست مرات.
أرض حضرية
إن حجم البلديات يفسر التفاوت الهائل في الأسعار. ويتضح هذا في حقيقة أن قيمة الأراضي الحضرية في المدن التي يزيد عدد سكانها عن 50000 نسمة قد تراجعت بالكاد بنسبة 6.8٪ في الربع الثاني مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، أو -4.1٪ مقارنة بما حدث في الاثني عشر شهرا الماضية. أي ثماني مرات أقل مما هو عليه في البلد ككل.
لماذا تزيد أسعار العقارات؟
وحسب الخبراء في مجال العقار، فإن الزيادة في أسعار المساكن، وتماشيا مع تطور أسعار الأراضي، كانت تميل تاريخيا إلى الارتفاع في المدن الكبيرة، حيث يميل المعروض من المساكن إلى أن يكون أكثر مرونة مع الوضع الاقتصادي. ويعود ذلك إما إلى قلة الأراضي المتاحة أو بسبب اللوائح البلدية والإقليمية. كما يمكن أن يكون السبب أيضا الهجرات الداخلية من المراكز الحضرية الصغيرة إلى المدن الكبيرة.
أين تجلى عدم التجانس؟
وتجلى عدم تجانس سوق العقارات بشكل خاص في هذا الربع الثاني من عام 2020، بسبب فترة الطوارئ، وهو ما يفسر أنه بينما انخفض سعر الأرض في لاريوخا بما لا يقل عن 47.5٪، فإن السعر قد ارتفع في كاستيا ليون بنسبة 18٪، مع الأخذ في الاعتبار أن الأسعار هناك هي أصلا منخفضة جدا (83.5 يورو للمتر المربع).
وفي إكستريمادورا وأستورياس، حيث الأسعار أيضا أقل من المتوسط، أصبحت الأرض أغلى بنسبة 12٪ و5.5٪ على التوالي مع نفس السياق الاقتصادي. على الرغم من أنه إذا كانت المقارنة سنوية وليست ربع سنوية، فقد اتضح أن سعر الأرض في أستورياس قد نما بنسبة لا تُصدق تصل إلى 43.9٪.
تراجع الأسعار
وتعتبر حالة إقليم مدريد ذات أهمية خاصة، لأنها تحملت الربع الثاني جيدا – انخفاض بنسبة 5.5٪ في الفصول – ولكن إذا تم إجراء المقارنة بالعام الماضي، فإن الانخفاض هو 16.4٪، فوق المتوسط، وهو ما يبدو أنه يعكس بداية انتهاء الانتعاش الذي بدأ في عام 2014.
وتؤشر تلك المعطيات إلى أن تطور أسعار المساكن على المستوى الوطني قد نما، وفقا للمعهد الوطني للإحصاء، في الربع الثاني من هذا العام بنسبة 2.1٪، وهو أدنى مستوى قياسي منذ الربع الأول من عام 2015.
استمرار انهيار الأسعار
وفي الواقع، كما يؤكد الخبراء الاقتصاديون في Bankia Research، فإن تأثير الأزمة الصحية “أدى فقط إلى تكثيف الاتجاه التنازلي الذي لوحظ بالفعل منذ العام الماضي، عندما أغلقت قيمة صفقات الأراضي مع انخفاض وصل إلى 16٪”.
من المنطقي أن يكون انخفاض الأسعار مرتبطا بالانخفاض الحاد في عدد المشتريات. وما تظهره بيانات وزارة النقل هو أن معاملات الأراضي القابلة للتطوير قد أغلقت الربع الثاني بأقل قيمة في السلسلة التاريخية، تصل إلى 295.1 مليون يورو، بعيدا عن 450.1 مليون يورو في الربع الأول. وعلى مدار العام، يمثل ذلك انخفاضا بنسبة 35٪ فصليا وانخفاضا بنسبة 50٪ على أساس سنوي.
تابعونا على
إنستغرام