
إسبانيا بالعربي ـ أعادت الحرب في أوكرانيا والعلاقات المتغيرة بين واشنطن وموسكو النقاش حول الإنفاق الدفاعي الأوروبي إلى الواجهة. وبشكل أكثر تحديدا، يتمحور النقاش حول ضرورة مشاركة الموارد والقوات العسكرية لإنشاء جيش أوروبي مشترك. ولكن، ما هي الإمكانيات التي تمتلكها دول القارة العجوز؟ وهل تنفق الكثير أم القليل على الدفاع؟ والأهم من ذلك، كيف يتم إنفاق هذه الأموال؟ نستعرض هنا البيانات الرئيسية ومقارنتها مع القوى العالمية الأخرى.
الإنفاق الدفاعي العالمي: الولايات المتحدة تتصدر
الولايات المتحدة مسؤولة عن إنفاق ما يقارب 4 من كل 10 دولارات تُنفق على التسلح والدفاع في العالم. حيث تخصص حوالي 900 مليار دولار لهذا القطاع، وقد تفوقت لعقود على مجموع إنفاق جميع الدول الأوروبية (بما في ذلك تلك التي ليست جزءًا من الاتحاد الأوروبي ولكنها عضو في حلف الناتو، مثل تركيا). ومع ذلك، بعد ولاية ترامب الأولى في البيت الأبيض، تقلصت هذه الفجوة بشكل ملحوظ بسبب الجهود الأوروبية المتزايدة.
روسيا، على الرغم من تأخرها في الأرقام المطلقة، هي الدولة الكبرى التي تنفق أكبر نسبة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع: حيث تخصص ما يقرب من 6٪ من ناتجها المحلي الإجمالي. بالمقارنة، فإن المتوسط الأوروبي لا يتجاوز 3٪.
كيف يتم إنفاق هذه الأموال؟ القوات والوسائل بالتفصيل
يتم تحويل هذه الأموال إلى أفراد، بنى تحتية، ومعدات عسكرية. وفقا لتقرير “The Military Balance 2025” الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، والذي يُعتبر مرجعا رئيسيا في تحليل القوات المسلحة العالمية، نستعرض بعض الأرقام المفيدة لفهم حجم القوة العسكرية للكتل الكبرى: روسيا، الصين، الولايات المتحدة، وأوروبا ككل (أي 38 دولة تم تحليلها في التقرير، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 بالإضافة إلى المملكة المتحدة وتركيا ودول أخرى).
القوات: الصين تتصدر بأكثر من مليوني جندي
تتفوق الصين بأكثر من مليوني جندي في الخدمة الفعلية، مما يجعلها الدولة ذات أكبر عدد من القوات في العالم. وتأتي أوروبا في المرتبة الثانية بمجموع 1.97 مليون جندي (تتصدر تركيا القائمة بأكثر من 350 ألف جندي، تليها فرنسا بأكثر من 200 ألف). الولايات المتحدة لديها 1.3 مليون جندي، بينما تمتلك روسيا 1.1 مليون. وتجدر الإشارة إلى أن توزيع القوات الأوروبية بين دول متعددة يجعل التنسيق أكثر تعقيدا مقارنة بالجيوش الموحدة.
المعدات العسكرية: أوروبا تتفوق في المركبات المدرعة
تتفوق أوروبا في عدد المركبات المدرعة والدبابات، حيث تساهم دول مثل اليونان وتركيا بشكل كبير في هذا المجال. تمتلك تركيا أكثر من 6400 مركبة مدرعة، مقارنة بـ 2500 لدى فرنسا. وفي مجال البحرية، تمتلك الولايات المتحدة 11 حاملة طائرات، بينما تمتلك أوروبا 4 فقط. ومع ذلك، تمتلك أوروبا عددا أكبر من الفرقاطات والغواصات.
ألمانيا: أكبر دولة أوروبية إنفاقا على الدفاع
أدت الحرب في أوكرانيا إلى إعادة تقييم الدول الأوروبية لاستثماراتها الدفاعية. وفقا لتقرير IISS، فإن ألمانيا أصبحت أكبر دولة أوروبية إنفاقا على الدفاع في عام 2024، متجاوزة المملكة المتحدة. حيث زادت ألمانيا ميزانيتها الدفاعية بأكثر من 20٪، وذلك بسبب المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
هل يمكن لأوروبا الدفاع عن نفسها دون دعم الولايات المتحدة؟
تشير الإدارة الأمريكية إلى أن الإنفاق الدفاعي للعديد من حلفاء الناتو ـ معظمهم أوروبيون ـ غير كافٍ. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة لم تعلن عن نيتها التخلي عن الناتو أو سحب قواتها من أوروبا. ولكنها تطالب الأوروبيين بتحمل مسؤولية أكبر في الإنفاق الدفاعي. وقد أدى هذا النقاش إلى زيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي الأوروبي خلال العقد الماضي.
الخلاصة
مع وجود أكثر من 457 مليار دولار من الإنفاق الدفاعي الأوروبي، تظل القدرة الأوروبية على الدفاع عن نفسها دون دعم أمريكي موضع تساؤل. وفقا للخبراء، فإن التحدي الرئيسي يكمن في العقود الثلاثة الماضية من التقاعس عن الإنفاق الكافي. وإذا كانت الخطوة المقبلة هي مطالبة دول الناتو بالإنفاق بنسبة 3٪ من ناتجها المحلي الإجمالي، فإن تحقيق ذلك سيستغرق وقتا طويلا.
المصدر: إسبانيا بالعربي.