كيف يجبر قانون الهجرة الجديدة في إسبانيا عشرات طالبي اللجوء على البقاء في وضع غير نظامي؟

كانت حياة ياخايرا في إسبانيا تبدو مستقرة بعد سنوات من المعاناة. فرت من هندوراس مع طفليها بعد اغتيال زوجها بسبب رفضه دفع إتاوات لعصابات الجريمة. بعد وصولها، عملت بجد لاستئجار منزل، والحصول على وظيفة ثابتة، وإخراج أطفالها من دوامة العمل غير القانوني في الخدمة المنزلية. لكن كل شيء انقلب رأسا على عقب بعد موافقة الحكومة الإسبانية على اللائحة الجديدة للهجرة، التي جعلت عملية التصريح للملتمسين اللجوء أكثر صعوبة.
تضارب في القانون: “حلول تدفع الناس إلى الظل”
قررت ياخايرا سحب طلب اللجوء الخاص بها بعد أن أدركت أن رفضه سيعني انتظار عامين على الأقل دون أوراق قانونية. نتيجة لذلك، فقدت وظيفتها في مقهى برشلونة بعد عامين من العمل، واضطرت إلى اللجوء إلى الاقتصاد غير الرسمي. تقول:
“الآن أعمل في تنظيف المنازل دون عقد… كيف سأدفع الإيجار؟”
قصة ياخايرا ليست الوحيدة. العشرات من طالبي اللجوء يجدون أنفسهم فجأة بدون وثائق، وبدون عمل، ومعرضين للاستغلال بسبب متطلبات القانون الجديد. رغم أن الحكومة زعمت أن اللائحة ستساعد في “تنظيم وضع 300 ألف شخص”، إلا أن الواقع يشير إلى العكس:
- من فقدوا وظائفهم بعد سحب طلبات اللجوء خوفا من العقوبات.
- من ينتظرون أكثر من 10 أشهر للحصول على موعد في مكاتب الهجرة، بينما يتسربون إلى سوق العمل السوداء.
- عائلات بأكملها اضطرت إلى العيش على الهامش، مثل عائلة ماريو الكولومبي، الذي تخلى عن طلب اللجوء رغم كونه ناشطا في مجتمع الميم-عين وخطر تعرضه للاضطهاد في بلده.
لماذا يختار الناس “الاختفاء” بدلا من طلب اللجوء؟
- عقوبة الانتظار الطويل: إذا رُفض طلب اللجوء، لا يُحتسب الوقت الذي قضاه الشخص في إسبانيا كـ”إقامة قانونية”، مما يجعله يبدأ من الصفر بعد عامين.
- متطلبات غير واقعية: لاستفادة من “الإجراء الاستثنائي” في القانون الجديد، يجب أن يكون الشخص قد قضى 6 أشهر بدون أوراق، وهو ما يعني فقدان الوظيفة القانونية.
- تأخير وزارة الداخلية: بعض الناس ينتظرون منذ 3 سنوات دون رد، مما يجعلهم عالقين في “منطقة رمادية”.
احتجاجات وتحذيرات من منظمات حقوقية
رفعت منظمات مثل CEAR وRed Acoge دعاوى قضائية ضد اللائحة، محذرة من أنها:
- تخرق حق اللجوء بفرض عقوبات على من يلتمسون الحماية.
- تزيد من العمالة غير المسجلة، حيث يضطر الناس إلى العمل دون عقود.
- تستثني ضحايا العنف من دول مثل كولومبيا وهندوراس، رغم الأدلة على تعرضهم للتهديد.
ماذا تقول الحكومة؟
تدافع وزيرة الإدماج، إيلمو سايز، عن القانون باعتباره وسيلة لمنع “إساءة استخدام نظام اللجوء“، مؤكدة أن الهدف هو تسريع حماية “من تكون حياتهم في خطر حقا”. لكن المحامين والناشطين يرون أن التأخير في البت في الطلبات هو الجذر الحقيقي للمشكلة، وليس “الاستغلال”.
مستقبل مجهول
بينما تدرس الحكومة “حلولا قانونية”، يبقى آلاف الأشخاص مثل ياخايرا وماريو وديان في حالة خوف من الترحيل أو الفقر. كما يقول أحد المتضررين:
“إذا رُفض طلبي، سأضطر إلى العودة إلى كولومبيا والانضمام إلى المقاومة المسلحة… ليس لدي خيار آخر”.
المصدر: إسبانيا بالعربي.