بشرى للراغبين في المصادقة على الوثائق في الجزائر: القنصلية الإسبانية تضع حدا لبيع المواعيد
ابتداءً من الخميس المقبل، الموافق 27 نوفمبر 2025، ستُجري القنصلية العامة لإسبانيا في الجزائر العاصمة تغييرا جذريا في إجراءات تقديم طلبات تصديق الوثائق. تُعدّ هذه العملية بالغة الأهمية للجزائريين والصحراويين والمقيمين الراغبين في التصديق على وثائقهم للاستخدام في إسبانيا، ويجب إجراؤها في مقر القنصلية الجديد، الكائن في 10 شارع رضا حوحو (كلاوسل سابقا)، وسط الجزائر العاصمة.
ستكون ساعات العمل الجديدة لهذه الخدمة من الأحد إلى الخميس، من الساعة 8:30 صباحا إلى 10:30 صباحا. وأكدت القنصلية أن العملية ستُنفّذ “بمبدأ أسبقية الحضور”، مما يُلغي نظام المواعيد الذي كان يُسبب العديد من المشاكل في الماضي.
تصديق الوثائق: جواز سفر بيروقراطي أساسي
لفهم أهمية هذا الإعلان، من الضروري شرح ماهية التصديق. هذا الإجراء هو التصديق الرسمي على التوقيع والختم على وثيقة عامة (مثل شهادات الميلاد، وشهادات الزواج، وشهادات السجل الجنائي، والشهادات الأكاديمية، أو التوكيلات) بحيث تكون صالحة قانونيا بالكامل في بلد آخر. بدون هذا الختم القنصلي، لا تعترف المؤسسات الإسبانية بأي وثيقة جزائرية أو صحراوية، مهما كانت رسمية.
لذا، يُعد التصديق خطوة أساسية في العديد من الإجراءات الحيوية:
الدراسة: التسجيل في جامعة أو مركز تدريب إسباني.
العمل: الحصول على تأشيرة عمل أو تصديق شهادة مهنية.
الأسرة: التقدم بطلب لم شمل الأسرة أو الزواج.
الإقامة: إدارة الإقامة غير الربحية أو التقاعد في إسبانيا.
الأعمال: تأسيس شركة أو إجراء معاملات تجارية.
في جوهره، يُعد التصديق بمثابة الجسر البيروقراطي الذي يسمح لمشروع حياة في إسبانيا بالانتقال من مجرد فكرة إلى واقع. بدونه، تُقابل أحلام الدراسة أو العمل أو لم شمل الأسرة بجدار من الوثائق غير الصالحة.

محنة النظام السابق: معاناة عملية حجز المواعيد
إن الإعلان عن نظام “الأولوية لمن يصل أولا” الجديد ليس مجرد تحديث لوجستي؛ بل هو حل لمشكلة لطالما كانت مصدر إحباط وتوتر كبيرين للمجتمع لسنوات.
أصبح النظام السابق، القائم على الحصول على موعد عبر الإنترنت، محنة حقيقية. وصف المستخدمون التجربة بكلمات مثل “مُقلقة” و”فوضوية” و”غير عادلة”. كانت المواعيد تُمنح في أوقات غير متوقعة وبكميات ضئيلة مقارنةً بالإقبال الهائل. وقد أدى ذلك إلى:
زيادة تحميل النظام وانهياره: كان موقع القنصلية الإلكتروني يتعطل فور نشر المواعيد الجديدة. تنافس آلاف الأشخاص في وقت واحد على عدد محدود جدًا من المواعيد، مما جعل الحصول على موعد شبه مستحيل.
كابوس “التحديث”: أمضى المواطنون اليائسون ساعات، بل أيامًا، في تحديث شاشات أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف على أمل ظهور موعد متاح. أصبحت هذه الممارسة المُرهقة وغير المُنتجة مُعتادة باعتبارها الخيار الوحيد المُمكن.
سوق سوداء للمواعيد: أدى اليأس إلى ظهور أفراد عديمي الضمير، استخدموا برامج روبوتية أو آلية، واحتكروا المواعيد ثم باعوها بأسعار باهظة. أُجبر من كان في عجلة من أمره أو لا يستطيع قضاء أيام أمام الشاشة على اللجوء إلى هذه السوق غير القانونية، مُكرّسًا بذلك دوامة من الظلم.
مشاريع حياتية مُعلّقة: إن عدم القدرة على الحصول على موعد يعني عمليا تأجيل المشاريع المُلحة – مثل بدء دراسة جامعية، أو قبول عرض عمل، أو عملية لمّ شمل عائلة – إلى أجل غير مُسمّى. كان القلق وعدم اليقين الناتجان عن ذلك هائلين.
يقول كريم ب.، وهو مهندس شاب: “أتذكر أنني قضيت ثلاث ليالٍ مُتتالية أحاول الحصول على موعد للمصادقة على شهادتي الجامعية. لقد خسرت فرصة عمل في برشلونة لأنه بحلول الوقت الذي حصلت فيه أخيرا على الموعد (بدفع المال لشخص ما، أعترف بذلك)، كانت الشركة قد وظّفت شخصا آخر بالفعل. لقد كان نظاما يُعاقبنا على رغبتنا في اتباع القواعد”.
أفق جديد: نظام الأولوية للأسبقية
يُمثّل إلغاء المواعيد المسبقة واعتماد نظام الأولوية للأسبقية عودةً إلى مبدأ أساسي للإنصاف: أول من يصل، أول من تُقدّم له الخدمة. ورغم أن هذا يعني ضرورة وصول الراغبين إلى القنصلية مُبكرا، وربما الانتظار في الطابور، إلا أنه يُزيل الحاجز الرقمي الذي سبّب العديد من المشاكل.
رسالة القنصلية واضحة: الشفافية وتكافؤ الفرص لهما الأولوية. الآن، أصبح الجهد البدني للاستيقاظ مُبكرا والانتظار في الطابور بديلا عن الجهد الافتراضي، الذي يعتبره الكثيرون أكثر إقصاءً وعرضةً للتلاعب.

نصائح للمستخدمين
في ضوء هذا التغيير، يُنصح المواطنون بما يلي:
التخطيط لزيارتهم مسبقا، تحسبا لأي طوابير انتظار محتملة.
الوصول في أقرب وقت ممكن خلال الساعات المحددة (8:30 – 10:30 صباحا).
التأكد من إحضار جميع الوثائق المطلوبة، كاملةً ومُجهزةً مسبقا (من قِبل وزارة الخارجية الجزائرية، إلخ) لتجنب الرفض.
للاطلاع على أي تحديثات، يُرجى زيارة الموقع الإلكتروني للقنصلية العامة لإسبانيا في الجزائر.
يُرحب بهذا الإجراء، الذي سيدخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر، بأمل. فهو يُمثل نهاية فترة صعبة وبداية عملية، وإن كانت تتطلب صبرا، إلا أنها تُبشر بأن تكون أكثر عدلا وسهولةً لجميع من يعتمد مستقبلهم على ختم وثيقة.
إسبانيا بالعربي.


















