متفرقات

هذا ما يحدث لدماغك إن كنت تشاهد الإباحية

للوهلة الأولى التي تقرأ فيها هذا الكلام ستشعر بخطورة وأهمية ما يحمله هذا المقال من دراسات وتجارب وحياة يعيشها الكثيرون، ومثل هكذا مواضيع لا يخوض بها الناس كثيراً، رغم أهميتها وخطورتها، ورغم سوء التعامل معها من قبل الكثيرين.

لو نظرنا لدراسة جديدة تقول بأنه : يمكن لطفل في عمر الثالثة عشر، وبمدة قصيرة جداً أن يشاهد مجموعة من الصور ومقاطع الفيديو الاباحية، أكثر مما شاهده أجداده طيلة عمرهم ! وفي دراسة ذكرت بكتاب (دماغك تحت تأثير الإباحية) بأنه في عام 2008 (14.4) بالمئة من الأولاد شاهدو مقاطع إباحية قبل عمر الثالثة عشر، وازدادت النسبة حتى وصلت 47.7 بالمئة عام 2011، ووصلت مؤخراً إلى 69 بالمئة عام 2017.

 وهذا كله بسبب سهولة الإباحية في عصر الإنترنت، وتشجيع المجتمع عليها، من إعلانات ومسلسلات وأفلام، تستخدم مصطلحات وإيحاءات جنسية على سبيل المزاح، وعلى إثر هذا، أصبح هناك فئة من الناس يزنون بأن لمثل هذه الأفلام فوائد ستنعكس عليه في حياته الزوجية، وهذا جل الخطاً وعينه.

أخطار مشاهدة الإباحية

وهنا لا بد من توضيح الخطر الكبير لهذه الأفلام على العقل. وقبل الخوض فيها سننظر لكيفية عمل دماغ الإنسان، يوجد في دماغنا ما يسمى بدارة المكافأة (Reward circuit)، فعندما يقوم الإنسان بأي عمل يجلب السعادة، كشراء هاتف جديد، أو عندما يأكل الإنسان شيئا يحبه، يفرز الدماغ مادة خاصىة بالسعادة تسمى دوبامين (Dopamine)، ويتم افراز هذه المادة بشكل طبيعي وهذا ما يسمى بالمكافأة الطبيعية (Natural reward)، وهذا هو شعور أي إنسان طبيعي.

ولكن عند مشاهدة الأفلام الإباحية، ستجد تنوعاً كبيراً، ومقاطع غريبة، تجعل الدماغ يفرز كميات كبيرة من الدوبامين، ويفرز أيضا في نفس الوقت مادة تسمى بالدلتافوسبي (DeltaFosB)، وتسمى عملية إفراز هذه المواد بآلية الشراهة أو (Binge mechanism)، وتؤثر هذه العملية على الدماغ بشكل سلبي وينتج عنها 3 حالات:

أولاً: فقد الإحساس بالمتعة عند عمل أي شيء، وذلك نتيجة التعود على كميات كبيرة من مادة الدوبامين.

ثانياً: التعلق الكبير في هذه الأفلام، وتسمى هذه الحالة بالحساسية المفرطة، مما يحث الإنسان على تكرار المشاهدة.

ثالثاً: تأثر الجزء الخاص بالإرادة في الدماغ بشكل سلبي، مما يفقد الإنسان التحكم في حياتك، مثل عدم القدرة الدراسة ممارسة الرياضة وتنظيم الأكل.

 وهذا كله يؤثر على حياة الإنسان سلباً، ولكن أكبر مشكلة تواجه الإنسان نتيجة مشاهدة هذه الأفلام هي مشكلة ضعف الإنتصاب، وهذا ما يؤثر سلبا على الحياة الزوجية على عكس الفكرة الموجودة لدى الكثيرين، وهذا كله يدل على أن هذه الأفلام هي إدمان حقيقي كإدمان الكحول والمخدرات، وأثبتت الدراسات أن ردود أفعال من يشاهد هذه الأفلام تماما مثل ردود أفعال مدمني الكحول والمخدرات.

إدمان خطير

من المخاطر الرئيسية التي نعرض أنفسنا لها دون استهلاك فائض من المواد الإباحية أن نصبح مدمنين. وكما هو الحال مع الإدمان على الجنس أو القمار، ليس من الضروري التعرض لأي مادة حتى يحدث الإدمان، لأن التأثيرات على الدماغ واحدة.

وخلصت دراسة أجريت في معهد كارولينسكا في السويد إلى أن استهلاك المواد الإباحية يطلق الدوبامين الزائد، وهو مادة أساسية لنظام المكافأة في الدماغ. ويتم إفراز الدوبامين بطريقة غير طبيعية ومفرطة تسبب فرط التنبيه. أيضاً، بمرور الوقت، يقلل الدماغ من نشاطه في مراكز المكافأة، مما يجعل الدماغ يحتاج إلى مزيد من الدوبامين ليشعر بنفس التأثير. هذا سيجعل الدماغ يسعى إلى تكرار التجربة مراراً وتكراراً، كما هو الحال مع الإدمان.

بالإضافة إلى ذلك، للحصول على الرضا، سيطلب الدماغ تكرار المشاهدة، أي تناول الإباحية بدلاً من ممارسة الجنس كما شرعه الله مع الزوج أو الزوجة، مما قد يتوقف عن التحفيز ويسبب اختلالات جنسية.

ولتحقيق نفس التأثير وإشباع رغبات الدماغ، يميل المدمن إلى البحث عن محتوى إباحي قوي ومتطرف بشكل متزايد، والذي يمكن أن يترجم في الحياة الواقعية إلى ممارسات عنيفة أو يعيفها العقل البشري السليم، حيث أن الدماغ تمت برمجته بطريقة ما لتقليد ما يشاهد ويدمن عليه.

دماغ أكثر طفولية

خلصت دراسة أجريت في مركز برلين لعلم نفس دورة الحياة في عام 2014 إلى أن الاستهلاك المفرط للمواد الإباحية يؤثر بشكل مباشر على حجم المادة الرمادية الموجودة في الفص الأيمن من الدماغ. وتحتوي المادة الرمادية على الأنسجة العصبية المتعلقة بالذكاء، وإذا تم تقليلها، فقد تتأثر بعض الوظائف، مثل التعلم والذاكرة، وهو بالذات ما يحدث للمدمنين على مشاهدة الأفلام الإباحية.

هذه ليست المنطقة الوحيدة في الدماغ التي ينخفض ​​حجمها بسبب استهلاك المواد الإباحية، وكذلك نشاط قشرة الفص الجبهي، وهي منطقة من الدماغ مسؤولة عن الوظائف التنفيذية، والتي تشمل الأخلاق وقوة الإرادة والسيطرة على الاندفاع. هذه المنطقة من الدماغ متخلفة عند الأطفال، ولهذا يصعب عليهم التحكم في العواطف والدوافع، وهو أمر قد يحدث للذين يشاهدون الأفلام الإباحية.

تأثيرات على المستوى النفسي

على المدى المتوسط ​​والطويل، خاصةً عند المراهقين، الذين لا تزال أدمغتهم في طور النمو، يمكن أن يكون لهذه التعديلات المورفولوجية للدماغ تأثيرات نفسية واجتماعية خطيرة. ووفقاً لرافائيل سان رومان، عالم نفس الحياة المتخصص في التنوع الجنسي والجنساني، فإن معظم الأشخاص الذين يستهلكون المواد الإباحية يرون فيها متنفساً لإشباع رغباتهم دون بذل مجهود مع هواتفهم، وتظهر المشاكل عندما تصبح المواد الإباحية هي المصدر الوحيد للإشباع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *