تفاصيل سقوط غرناطة في رواية “ليون الإفريقي” لأمين معلوف

تعد رواية “ليون الإفريقي” للكاتب، أمين معلوف، من أشهر الروايات وقد نشرها معلوف بالفرنسية عام 1986، وصدرت ترجمتها العربية عن دار الفارابي. وليون الإفريقى تؤرخ لحياة الرحالة والعالم الأندلسي، الحسن بن محمد الوزان، النبيل الأندلسي الذي عاش الأعوام الأخيرة للمسلمين في الأندلس ثم هاجر مع أسرته إلى المغرب وقام برحلات إلى شمال إفريقيا ومصر ثم اختطفه القراصنة الإيطاليون وعاش فى البلاط البابوي، حيث تغير اسمه إلى ليون دي مويتشي وتزوج فتاة متنصرة من يهود الأندلس وأنجب منها ابنه، يوسف، أو “جوزيف” أو “جيوسبي” الذي يروي لنا قصة حياته. وليون عند معلوف ليس عربيا مسلما متنصرا ثم عائدا إلى دينه الذي أقام عليه طوال فترة أَسره، ولكنه شخصية أسطورية مثالية حالمة، شخصية تحلم بعالم فاضل بلا حرب تتدفق فيه المعرفة ويتبادل فيه البشر الخبرات، إنه تجسيد للتسامح.

واشتملت رواية ليون الإفريقي أربعة كتب (كتاب غرناطة، كتاب فاس، كتاب القاهرة، كتاب روما)، ويمكن اعتبار الرواية فى مجملها تمثل تجربة حياة، وسجل لمرحلة تاريخية، وأحداث عظام عاصرها، دونت بأسلوب أدبي راقي، وحوت الكثير من الحكم والعبارات الدليقة، وبحس المؤرخ والسياسي الذي خاض غمار خطوب شتى. صاغ المؤلف رائعته، وأجاد المترجم صقلها فى قالب عربي دليق.

 كتاب غرناطة

يجسد سقوط الأندلس، بتسليم مفاتيح غرناطة للجيش القشتالي. تمتد هذه المرحلة بين سنتى 1488 و1494، ويسرد فيها الحسن الوزان ظروف نشاته والبيئة العائلية التي نشأ فيها، نظرا لصغر سنه في هذه المرحلة، أغلب السرد يتم نقلا عن روايات أمه سلمى ووالده محمد الوزان. يصف كتاب غرناطة الأحداث و الظروف السياسية التي واكبت سقوط غرناطة.

كتاب فاس

فى فاس، ستستقر أسرة محمد الوزان، لتبنى حياتها من جديد، وسط مجتمع ذي جالية أندلسية مهمة، يصف كتاب فاس حياة الحسن الوزان بين سنتي 1494 و1513، عاش سنوات طفولته وسط ظروف عائلية صعبة بسبب مشاكل أسرية، إلا أن ذلك لم يمنعه من العلم والتحصيل وإمضاء طفولة حافلة رفقة صديقه الحميم هارون المنقب.

كتاب القاهرة

يحكي كتاب القاهرة فترة حياة الحسن الوزان بين سنتي 1513 و1519. بعد استقراره في القاهرة، سيتعاطى الحسن للتجارة وسينجح فيها نجاحا كبيرا، سيمكنه من الارتقاء إلى عليّة المجتمع القاهري في فترة أفول الحكم المملوكي وبداية صعود الدولة العثمانية. وسيتزوج خلال مقامه بالقاهرة أميرة جركسية، وسيتبنى ابنها بايزيد، المتستر عليه فى ضواحي القاهرة، والذى تتيمن أمه بأن يستعيد عرش أجداده. وسيقفل راجعا إلى المغرب رفقة نور وبايزيد، حماية للأمير الصغير من أي بطش محتمل. فى فاس، سيجد عائلته في ظروف صعبة، بعد وفاة محمد الوزان، وبسبب العزلة المفروضة على عائلته إثر تداعيات قضية هارون المنقب وأخته مريم. وسيرحل عائلته، سرا، نحو الجزائر حيث سيلتحق بهارون المنقب الذي كان قد أصبح قائدا فى جيش عروج بربروس. وستستقر عائلة الحسن بتونس، وسيكلفه هارون بسفارة إلى السلطان العثماني بالقسطنطينية. هناك، سيطلع على أنباء مؤامرات تحاك ضد مصر، فيقفل عائدا رفقة نور لإنذار طومان باي الرجل الثاني في الدولة وأكثر قادة مصر شعبية. رغم ذلك، ستسقط دولة المماليك وسيضطر الحسن ونور لمغادرة مصر نحو الحجاز. وبعد أداء فريضة الحج، سيغادر الحسن عبر غزة، في مركب التاجر السوسي عباد، عائدا نحو عائلته فى تونس. وبعد نزولهم فى جربة، سيتعرض الحسن وعباد للاختطاف من طرف بحارة صقليين.

كتاب روما

يروي كتاب روما الفترة الممتدة من 1519 و1527. انتهى المطاف بالحسن في روما، حيث وجد فيه البابا ليون العاشر، الذي كان نصيرا للثقافة والفن، ضالته التي كان يبحث عنها منذ زمن، وهي “اصطياد” مثقف عربي مسلم متفقه في ثقافات وعلوم و سياسة العالم العربي الإسلامي، وهو ما لم يفت انتباه المختطفين الصقليين أثناء تلصصهم على محادثة الحسن وعباد في جربة.

وسيعيش الحسن الوزان (أو ليون الإفريقي كما عمد في روما) حياة جديدة من التحصيل، مؤطرا من سبعة معلمين متعلما لغات جديدة الإيطالية والتركية والعبرية، لكي يتمكن الفاتيكان من الاستفادة من علمه ورحلاته، حيث سيدأب على تدوين مشاهداته الجغرافية والسياسية فى كتاب “وصف إفريقية”.

وسيكلف الحسن بمهمات سياسية في عهد ليون العاشر كسفاراته إلى ملك فرنسا والسلطان العثماني، سليمان القانوني. وبعد وفاة ليون العاشر، سيتربع على كرسي البابوية أدريان، الشديد المحافظة، والذي عرفت روما فى عهده انتكاسة فنية وثقافية، ستؤدى تداعياتها إلى سجن ليون الإفريقى سنتين. وسيسترجع ليون حريته بعد تنصيب بابا جديد، من رجالات ليون العاشر، لن يلبث أن يعيد له مكانته السياسية والثقافية. وتم تكليفه بسفارة لدى ملك فرنسا، وخلالها سيلتقي ليون بصديق طفولته هارون المنقب الذى تطورت به الأمور ليصبح مستشارا للسلطان العثماني، سليمان القانوني. 

ويصف الجزء الأخير من كتاب روما الظروف السياسية المتقلبة، والتطاحنات والمؤامرات السياسية التى عرفتها الممالك الأوروبية في فجر عصر النهضة، والتى انتهت بهجوم المرتزقة الألمان، الوحشي، على روما، مفردا مكانة مهمة لمقاومة العصابات السوداء، بقيادة يوحنا.

وأمين معلوف كاتب لبنانى شهير، صدرت عدة روايات نالت شهرة عالمية وترجمت لعدة لغات، من بينهما سمرقند وصخرة طانيوس، والهويات القاتلة.

المصدر: اليوم السابع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *