الأندلسيون في ولاية تلمسان الجزائرية بالأرقام

أخبار إسبانيا بالعربي – تعتبر مدينة تلمسان و أحوازها من المناطق التي استقبلت أكبر اعداد من الأندلسيين لكونها حاضرة المغرب الاسلامي آنذاك و أيضا لكونها من أقرب المناطق إلى الأندلس و هم إلى يومنا هذا يشكلون أغلب سكانها الذين يختلفون قليلا عن بقية سكان الغرب الجزائري في اللهجة و الطباع و العادات و التقاليد.

1- موجات الهجرة المبكرة

فرضتها ظروف الاكتظاظ السكاني في الأندلس و الحاجة إلى تصريف الفائض من السكان و أيضا إلى بداية الهجمات الصليبية على مدن الأندلس الشمالية، من القبائل الأندلسية المهاجرة قبيلة بني الصميئل المضرية من مدينة جيان جنوب الأندلس.

وقد استوطنوا جنوب شرق حاضرة تلمسان و تحمل اسمها بلدية بني صميل إلى حد الأن في التقسيم الإداري و أيضا قبيلة أندلسية أخرى قبيلة أولاد بن دحو أبو زرفة و هي تنحدر من أمراء بني حمود الأندلسيين و هم احدى الطوائف الأندلسي

2- هجرة أهل قرطبة

بعد سقوط العاصمة الأموية التليدة سنة 1236 هاجر كثير من أهلها إلى مدينة تلمسان و استوطن ما لا يقل عن 50 ألفا منهم حاضرتها و أصبح ثقلهم يوازي ثقل سكان المدينة الأصليين الملقبين بالجداريين ثم توالت هجرات أهل الأندلس تباعا كلما سقطت مدينة أو حصن أو بلدة اندلسية و قد وفر لهم السلاطين الزيانيون سبل العيش الكريم و اقطعوهم أراضي جديدة.

ويصرح ابن الخطاب بأن يغمراسن، فضل أن يسكن المهاجرين الأندلسيين مدينة تلمسان، عن جيمع المدن الأخرى، وفي هذا الصدد يقول: ((وأطلع “يغمراسن” على أغراضهم (الأندلسيون) السديدة في اختيار حضرته السعيدة للسكنى، على سائر البلاد، فلحظ منهم النية واعتبرها وأظهر عليهم مزايا مالهم من هذه… وأذن أيده الله لهم ولمن شاء من أهل تلمسان)).

وأن ظهير يغمراسن يجعل من منحه السكن، ووسائل أخرى لهؤلاء، هو تهدئة لنفوسهم المصابة من ظلم خصومهم وأعدائهم، وطمأنتهم على حاضرهم ومستقبلهم وفي هذا يقول ابن خطاب : ((ووطأ لهم جناب احترامه تأنيسا لقلوبهم المنجاشة إلى جانب العلي واستيلافا، وأشاد بماله فيهم من المقاصد الكرام، وأطفى عليهم من جنن حمايته ما يدفع عنهم طواق الاضطهاد)).

ولعل أكبر جالية أندلسية نزلت بتلمسان، هي التي كانت في عهدي السلطانين عبد الواحد بن أبي عبد الله (814-827هـ/1411-1424م)، وخلفه أبي العباس أحمد الزياني (834-862هـ/1431-1462م).

وقد استقبلهم هذا الأخير بحفاوة ووجههم حسب طبقاتهم وحرفهم، فالعلماء والوجهاء وسراة القوم، أنزلهم عاصمته مدينة تلمسان، وأنزل معهم التجار والحرفيين، وأصحاب رؤوس الأموال في درب خاص بهم، عرف بدرب الأندلسيين(78).

وقد أقدم المحترفون بالفلاحة، على تطوير الزراعة، وتجديدها باستعمال أساليب وطرق زراعية متطورة، في ضواحي مدينة تلمسان، وخارج أسوارها ولاسيما على ضفتي وادي الوريط، واختص آخرون بفن البناء والعمارة وصناعة الجلود، وفن الخطوط والتعليم وتجارة الخشب.

بينما اتجه آخرون إلى الإشتغال بالتجارة، ومختلف الصناعات المفيدة، من طرز ونسج الحرير، وحياكة القطن، والكتان، وغزل الصوف، وقاموا بتطوير صناعة الفخار والخزف، وأنواع عديدة من السلاح، وسائر الأواني والأدوات المنزلية المعروفة آنذاك، ويؤكد ذلك المؤرخ ابن الأعرج بقوله:

وكان لعهد نزول الأندلسيين بها (تلمسان) مزدانة بالمصانع المفيدة، فما شئت من أطرزه/ ومنسوجات الحرير، والقطن والكتان والصوف، ومعامل الفخار والخزف وأنواع السلاح، وسائر الأواني المنزلية (92).

وقوله في مكان آخر أنهم:

نشروا بين الناس آدابهم وراجت مصانعهم، وقلدهم الناس في فلاحتهم، واعتنائهم بغرس الزيتون، وسائر الفواكه، حتى صارت البلاد وأهلها في حالة زاهية وعيشة راضية. (93)

وعمل بعض الأندلسيين، في صفوف الجيش الزياني، كجنود وضباط في الفرق العسكرية، فقد استعمل منهم أبو يحي يغمراسن، إبراهيم الآبلي وأخاه أحمد، في سلك الجندية، حتى صار إبراهيم قائدا عاما لمدينة هنين (94).

3- الهجرة الكبرى بعد سقوط غرناطة آخر معقل إسلامي في الأندلس

لا يوجد تقدير دقيق لعدد الغرناطيين المهاجرين لكن الثابت أن مدينة تلمسان الجزائرية استقبلت عددا ضخما من الغرناطيين المهاجرين و كان عددهم يتجاوز عشرات الآلاف على أقل تقدير و قد سبقهم ملكهم ملك غرناطة و ألمرية و مالقة أبو عبد الله الزغل الذي هاجر بأهله و جنده و كثير من أهل ألمرية الى تلمسان أيضا.

و قد عجزت المدينة وحدها عن استقبال هذا العدد الضخم فقام الزيانيون باقطاع الاندلسيين اراضي خارج المدينة و عمر الأندلسيون حاضرة تلمسان و بنوا مدنا جديدة في الاحواز و عمروا مدنا اخرى مثل ندرومة و هنين و غيرها …و توالت هجرات الاندلسيين بعد السقوط الى قرار الطرد الأخير.

4- هجرة الموريسكيين

بعد قرار الملك الاسباني بطرد أحفاد الأندلسيين الذين صاروا يسمون بالموريسكيين و قدر عددهم المقري التلمساني صاحب كتاب نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب بالآلاف حيث قال

“ونزح منهم ألوف إلى فاس و ألوف إلى تلمسان من وهران و جمهورهم إلى تونس”..

و قد لاقى الموريسكيون بعض الصعوبات في موطنهم الجديد على عكس الأندلسيين بسبب إختلافهم عن سكان البلد و أيضا عاداتهم و أشكالهم و أسماءهم التي لم تكن تعبر عن إسلامهم.

المصادر: نفح الطيب للمقري التلمساني.
تلمسان و الأندلس الموعود للأستاذ قصي زاوي.

موقع إسبانيا بالعربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *