مدن أندلسية: مدينة شِلْب جنوب البرتغال من الفتح إلى السقوط
تعتبر مدينة شِلْب من أهم وأجمل المدن، تقع المدينة في غرب الأندلس البرتغال حاليا، حيث كانت من أمنع وأحصن قواعد الأندلس وحاضرة الغرب الأندلسي بعد سقوط معظم المدن الكبيرة بيد البرتغاليين، حيث أصبحت معقل المقاومة الإسلامية ناحية الغرب.
فتحت بيد المسلمين عام( 713 م)، وصارت من أهم مدن الأندلس تحت حكم الأمويين ثم استقلت زمن ملوك الطوائف.
إستولى عليها المعتضد بن عباد صاحب إشبيلية سنة 1051 م وولى عليها ابنه المعتمد. وقد كانت مسرح المعتمد ابن عباد وملعبه في صباه وفيها يقول:
- ألا حيّ أوطاني بشلب أبا بكرِ
- وسلهنَّ هل عهد الوصال كما أدري
- وسلّم على قصر الشراجيب عن فتىً
- له أبداً شوق إلى ذلك القصر
- منازل آسادٍ وبيض نواعم
- فناهيك عن غيلٍ وناهيك من حذرِ
- وكم ليلةٍ قد بتّ أنعم جنحها
- بمخصبة الأرداف مجذبة الخصرِ
- وبيض وسمر فاعلات بمهجتي
- فعال الصفاح البيض والاسل المسرِ
- وليل بسدّ النهر لهواً قطعته
- بذات سوار مثل منعطف البدرِ
- نصت بردها عن غصن بانٍ منَّعم
- نصيركما انشقَّ الكمام عن الزهرِ
وقعت بعدها تحت حكم المرابطين ثم الموحدين
إهتم الموحدين بها وجعلوها شديدة التحصين وشحنوها بالمقاتلين والسلاح للدفاع وللهجوم أيضًا على المدن البرتغالية، وكان أهل مدينة شلب خبراء في مجال الغزو البحري، حتى أطلق عليهم البرتغاليون (لصوص البحر)، كانت المدينة شديدة التحصين، عالية الأسوار، أهلها شديدو المراس.
صمود أهل مدينة شِلْب للدفاع عنها
كانت مدينة شلب كما قلنا شديدة التحصين، عالية الأسوار، أهلها شديدو المراس، فقاوموا العدوان البرتغالي الصليبي مقاومة عنيفة وقوية جعلت اليأس يتسرب إلى قلوب الصليبيين، فالمدينة صامدة رغم الهجمات المتواصلة وقذائف المجانيق التي تقذف من البر ومن البحر.
وعندها قام النصاري بحفر أنفاق تحت أسوار المدينة ولكنهم فشلوا بسبب اليقظة الإسلامية لأهل المدينة، وبعد حوالي شهر من الهجوم الشديد والدفاع المستميت قرر (سانشو)تغيير إستراتيجية الهجوم وذلك بقطع إمدادات المياه عن المدينة وذلك بالاستيلاء على مصدر المياه الوحيد لها وهو بئر كبير اسمه “القراجه”.
مع ذلك ظل المقاومون في صمود كامل رغم انقطاع إمدادات المياه والغذاء عنهم، ولكن مع انتشار الأوبئة داخل المدينة بسبب كثرة القتلى تحت هجمات وقذائف المنجنيق، قرر أهلها التفاوض على الاستسلام والخروج بأقل خسائر، وأرسلوا وفدًا منهم بهذا العرض على (سانشو) الذي وافق على الفور، ولكن صليبيي أوروبا غضبوا من هذا العرض فأعطاهم سانشو مبلغًا كبيرًا من المال مقابل جهودهم.
سقوط شِلْب.. المدينة الحصينة
وفي يوم (19 رجب 585هـ ـ 3 سبتمبر 1189م)، فتحت مدينة شلب أبوابها أمام الصليبيين، ولكن كعادة الصليبيون الغدر لم يحترموا الاتفاق فعاثوا في الأرض فسادًا ونهبًا وسلبًا وتقتيلاً مدفوعين بحقدهم الصليبي المعروف.
وكان سقوط شلب ضربة قوية للأندلس عمومًا وغربها خصوصًا لأن بسقوطها وهي عاصمة الغرب الأندلسي سقط عدد كبير من القلاع والحصون المجاورة.
المصدر: خزانة الأندلس/ إسبانيا بالعربي.