تاريخ مدينة.. سرقسطة المدينة الساحرة
أخبار إسبانيا بالعربي – سرقسطة إحدى اللآلئ التي كان يتشكل منها عِقد الأندلس المتين، سرقسطة تاج الثغر الأعلى، سرقسطة حامية الأندلس على حدود ممالك النصارى.
تقع مدينة سرقسطة في الشمال الشرقي للأندلس على ضفاف نهر إبرو الذي ينبع من منطقة كانتابريا بالقرب من جبال منطقة الصخرة شمالا ويصبّ في البحر الأبيض المتوسط في الشرق بالقرب من مدينة طرطوشة، ولذلك تسمى بعروس الإبرو، وتسمى كذلك بالمدينة البيضاء، وبالثغر الأعلى. وهي الآن عاصمة مقاطعة آراغون وتبعد عن قرطبة بحوالي 720 كيلومتر.
نبذة تاريخية عن مدينة سرقسطة
فُتحت مدينة سرقسطة في سنة 712م/93 هـ على يد القائد موسى بن نصير وطارق بن زياد -عليهما سحائب الرحمة- دون قتال بعد أن استسلم أهلها، ولما علم موسى بن نصير بأن بعض من سكان ورهبان سرقسطة يقررون الرحيل عن المدينة خوفا من المسلمين أرسل إليهم رسولا ليعطيهم الأمان ويعاهدهم على حمايتهم وحماية ممتلكاتهم ومعتقداتهم فقرروا الاستقرار في سرقسطة.
وبعد أن سيطر الجيش الإسلامي على المدينة أمر موسى بن نصير التابعي حنش بن عبد الله الصنعاني أن يتولى أمور المدينة، فبنى رحمه الله المسجد الجامع لسرقسطة وبجانبه كانت كنيسة سانتا آنا لاميور ” Santa Ana la Mayor” ولم يمسسها أحد بسوء.
وقد كانت مدينة سرقسطة من المدن الأندلسية التي كان لها دور وازن في الحياة السياسية والاقتصادية والعلمية والأدبية. فقد تولى حكم سرقسطة عدة حكام سواء في عهد الولاة أو في عهد الإمارة الأموية وخلافتها، ففي عهد عبدالرحمن الداخل كان على رأس سرقسطة الوالي الحسين بن يحي الأنصاري الذي حاول الانقلاب على حكم الداخل بمساعدة والي برشلونة وجيرونة سليمان بن يقظان الأعرابي لكن عادت الأمور إلى نصابها وفي عهد الخلافة كانت سلالة بني التيجيبي هي من تتولى أمور المدينة والمنطقة إلى أن قُتل آخر أمرائها المنذر بن يحي التيجيبي في سنة 1037م/430هـ.
فدخلت الأندلس في دوامة عصر ملوك الطوائف فانفرد بنو هود بحكم المدينة وتعتبر هذه الفترة من أزهى فترات مملكة سرقسطة من حيث العمران حيث بني قصر الجعفرية الشامخ وفي مجال العلوم برز العديد من العلماء في جميع الميادين بالاضافة إلى انتشار الأدب والشعر على نطاق أوسع بين الناس، تطورت الزراعة بشكل كبير بتحسين الأراضي الزراعية ومدها بقنوات المياه.
وبعد الاستنجاد بالمرابطين الذين دخلوا مع النصارى في المعركة الحاسمة معركة الزلاقة والتي انتصرت فيها الجيوش الإسلامية فقد سيطر المرابطون على ما تبقى من الأندلس وكانت مدينة سرقسطة آخر المدن التي يتم الاستيلاء عليها وكان ذلك في سنة 1109م/503هـ في عهد علي بن يوسف بن تاشفين.
بعد أن قرّرحاكم سرقسطة عبدالملك بن هود الملقب بعماد الدولة الاستعانة بالفونسو الأول ملك آراغون لكنه خاب وفرّ مع أسرته إلى حصن روطة (Rueda) الذي يقع تحت سيطرت ألفونسو الأول، فتولى محمد بن الحاج مقاليد الحكم في المدينة وبعد وفاته خلفه كل من أبي بكر بن إبراهيم ثم بعده عبدالله بن مزدلي الذي توفي في سنة 1118م.
فلما تأكد لألفونسو الأول (المحارب) أن المدينة خالية من الجند ضرب حصارا عليها وبعد سبعة أشهر من الحصار سُلّمت المدينة في نفس السنة يوم الأربعاء 4 رمضان 512 الموافق ل 18 ديسمبر 1118م، وحولوا مسجدها العظيم إلى كنيسة تسمى الآن كنيسة المنقذ.
المصدر: المسلمون في الأندلس / إسبانيا بالعربي.